أكد العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس أن مصر تُعد من الدول صاحبة الحضارة العريقة، مشيرًا إلى أن رفع مستوى العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية يُجسد عمق ومتانة الروابط بين إسبانيا ومصر.
جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها مساء اليوم أمام الجالية الإسبانية بالقاهرة، في مستهل زيارته الرسمية الأولى إلى مصر، والتي وصفها بـ”الزيارة المميزة”، معربًا عن سعادته بلقاء أفراد الجالية والاستماع إلى رؤاهم وتجاربهم في بلد وصفه بـ”العظيم”.
وقال العاهل الإسباني: “بلدانا يمضيان معًا في طريق السعي نحو السلام الدائم، وهو الحلم الذي راود شعوب المنطقة في تسعينيات القرن الماضي”، مشيرًا إلى أن بلاده تتقاسم مع مصر الرغبة الصادقة في ترسيخ التعايش السلمي، والحوار، والمصالحة في الشرق الأوسط، بما يخلق بيئة مستقرة تُحقق تنمية الشعوب بكرامة وعدالة.
وتطرق الملك فيليبي إلى الوضع الإنساني في قطاع غزة، مشددًا على أن “رد فعل إسرائيل على هجوم السابع من أكتوبر أسفر عن كارثة إنسانية وسقوط عدد لا يُحصى من الضحايا الأبرياء وتدمير القطاع بالكامل”، مؤكدًا أن هذه المأساة لا يمكن تجاهلها.
وفي سياق حديثه عن العلاقات التاريخية والثقافية بين مصر وإسبانيا، استعرض العاهل الإسباني مساهمات عدد من الدبلوماسيين والعلماء الإسبان الذين زاروا مصر منذ القرن التاسع عشر، وتأثروا بحضارتها، أمثال “مينينديث بيدال”، و”جاومي فيسينس فيفيس”، و”إيسابيل جارثيا لوركا”، مشيرًا إلى ما ورد عن مصر في كتاب “مذكرات من رحلة إلى الشرق” للمفكر خوليان مارياس.
وخاطب العاهل الإسباني الجالية قائلًا: “وجودكم هنا يعكس ثراء العلاقات الثنائية، ويُجسد المودة المتبادلة بين الشعبين، بفضل مساهماتكم اليومية في قطاعات متعددة”.
وعدّد الملك في كلمته أوجه الحضور الإسباني في مصر، من رجال الأعمال العاملين في مشروعات البنية التحتية الكبرى، وعلماء الآثار، والمعلمين في معهدي ثربانتس بالقاهرة والإسكندرية، والباحثين المستعربين، والصحفيين، وموظفي المنظمات غير الحكومية، والبعثات الدبلوماسية، مؤكدًا أن جميعهم يسهمون في بناء علاقات قوية ومتزايدة بين البلدين.
وأوضح أن عدد المواطنين الإسبان المسجلين في مصر يزيد على 600 فرد، كثير منهم يقيم في البلاد منذ سنوات طويلة، مؤكدًا تقديره العميق لمساهماتهم في تعزيز التفاهم المشترك بين الشعبين.
وأعرب العاهل الإسباني عن أمله في أن تُسهم هذه الزيارة في توطيد الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين إسبانيا ومصر، خاصة في ظل التوترات الإقليمية الراهنة، مؤكدًا على دعم بلاده للجالية في مصر ووقوفها إلى جانبهم في مختلف الظروف.
واختتم كلمته بتوجيه الشكر إلى أبناء الجالية على حفاوة الاستقبال، معربًا عن أمله في أن يحقق الجميع مزيدًا من النجاحات على المستويين المهني والشخصي، وأن تستمر مساهماتهم في تعزيز الصداقة بين الشعبين الإسباني والمصري.