لدى يقين تام أن التعليم قدرات خاصة للأشخاص فهناك شخص يستطيع بأبسط الامكانيات تحقيق نتائج مبهرة وهناك أشخاص مهما قدمت لهم من وسائل تعليمية ستأتى نتائجهم محبطة ومخيبة للآمال ولكن فى نفس الوقت لدى يقين أن هؤلاء إذا تغيرت الوسائل المستخدمة معهم أو المجالات التى يدرسونها أو إذا خلقت بداخلهم أهدافاً عززت رغبتهم فى التعلم ستجد نفسك أمام نتائج مختلفة تماماً.
وربما فى مرحلة التعليم الجامعى يكون الدارس على درجة كافية من الوعى تمكنه من اختيار ما يتناسب مع قدراته لكن بلا شك عندما يتعلق الأمر بأطفال صغار السن فهنا نحن فى حاجة ماسة إلى من لديهم القدرة على اكتشاف قدرات هؤلاء وتحفيزها للوصول بها إلى نتائج جيدة بعيداً عن المضى فى مسارات ستكون نتيجتها والعدم سواء.
ما أسطره هذا جاء بعد لقائى مجموعة من الأطفال فى واحد من مشروعات السكن البديل التى وفرتها الدولة لتوفير حياة كريمة لأهالينا فى المناطق العشوائية وإعداد جيل قادر على البناء لا الهدم والتخريب ومن هنا كانت هذه المشروعات لتعزيز انتمائهم وحبهم للوطن حتى يخلق لديهم الدافع للذود عنه وحمايته ممن يتربصون به ليل نهار.
ما وفرته الدولة من خدمات فى المشروع رسم حالة من السعادة على وجوه لم تكن تعرف إلا العبوس وهو ما يرسم حالة من الجمال فى دولة تعلى من قيمة المواطن إلا أن الأمر يحتاج إلى خصوصية فى التعامل مع بعض الأمور حتى نصل لصورة مكتملة تضاعف من قيمة الجهود المبذولة وتدعمها وهو ما حدث مع افتتاح مشروع الأسمرات عندما تبين عدم وجود مصادر دخل للأهالى تمكنهم من مواصلة الحياة فكانت الورش الحرفية سبيلاً لهم.
هذه الحالة سيطرت على أثناء حوار دار بينى وبين مجموعة من الأطفال فى مشروع الخيالة عندما سألتهم عن سنواتهم الدراسية فجاءت إجابة الأول أنه لم يذهب للمدرسة لوفاة والدته بينما قرر الثانى أنه فى الصف الثالث الإعدادى لكنه لا يجيد القراءة والكتابة وأنه يكره الذهاب للمدرسة بسبب الضرب الذى يتلقاه من مدرسيه فى حسرة «هو فى تلميذ يتعلم بالضرب؟».
ما طرحه الطفلان أعاد لذاكرتى مسرحية «مدرسة المشاغبين» وكيف نجحت عفت عبد الكريم الشخصية التى لعبتها القديرة سهير البابلى فى تعديل سلوك مجموعة من الطلبة كان ميئوساً منهم لكن عندما وجدوا اهتماماً وأسلوباً مختلفاً فى التعامل كان لهم النجاح بعد سنوات عديدة من الفشل.
ربما قامت الدولة بدورها ووفرت مدارس تتوافر بها كافة الامكانيات فى تلك المناطق باستثناء المعلم الواعى الفاهم الذى يستطيع استيعاب هؤلاء بدرجة تمكنه من التعامل معهم بأسلوب يزرع بداخلهم حب التعلم فمناطق السكن البديل فى حاجة إلى معلم يربى ويصلح ما أفسدته الظروف وليس ملقناً يستخدم من العنف وسيلة لكبح طاقاتهم لنجد أنفسنا أمام تعليم مع وقف التنفيذ.