الجلف «الجلياط» سهرة درامية تليفزيونية.. أنتجت عام 1987 مرت على أنظار المهتمين بالدراما المصرية.. مرور الكرام.. رغم المحاولة الصادقة والمغامرة الجريئة للكاتب الراحل لينين الرملى فى صياغتها بأسلوب جديد.. سبق به عصره وربما لم يتكرر حتى الآن.. أقصد اختياره طريق التحقيق التليفزيونى مسارا للأحداث.. تحت مظلة برنامج للتوك شو.. قدمته المذيعة القديرة منى جبر تحت عنوان «ملامح» ومع المخرج رائد لبيب فرصة العمر تجربة جديدة واستخدام مبتكر للأدوات والإمكانيات.
هذا العمل الذى ما زال متواجدا عبر المنصات.. يحتاج آراء أهل الدراما سعيا وراء الفائدة للأجيال وسأحاول هنا أن أفتح الباب أملاً فى العناية والاهتمام.
القدير الراحل «نبيل الحلفاوى» فى دور بطل الحكاية.. مكروه وربما منبوذ من الجميع.. يرددون كلمة «يا لطيف» اسمه الحقيقى المنسى «سبعاوى» يمثل شخصية «الجلف» كما كتبها المؤلف باقتدار.. بالمصادفة داخل تاكسى يلتقى بالمذيعة التى تضعه باستضافته فى البرنامج.. ومع مرور الأحداث يشعر المشاهد بأن المؤلف استوعب تماما قواعد التحقيق التليفزيونى ومعها جميع قواعد الأداء الدرامى والسيطرة على الشخصيات.. سواء الرئيسية والهامشية.. وبلغة خاصة محمد أبو داود «صديقه الوحيد حلاق الشارع».. وتحمل رزالته وسوء سلوكه حتى حانت لحظة الفراق.. ومحسنة «سمية الألفى» العروس التى تلجأ لصديقتها لتتخلص منه.. وتنتهى علاقاتهما بدخولها مستشفى الأمراض النفسية.. رغم علامات سلوك إيجابية من بسطويسى ومعها حكايته عن طفولته ومشواره الصعب فى الحياة.
كذلك نجح أسلوب تقديم كل الشخصيات ذات العلاقة.. وإجماع على الكراهية.. معزوفة متصلة متكاملة الأركان.. تكملها غلاسة بسطويسى فى الشارع والمطعم والشركة والزبائن الذى يحاول تسويق منتجاته لديهم.. انهم يستسلمون للضغط ويسعون للفرار.. مما دفع مدير الشركة للاستغناء عن خدماته.
هنا يعرف ان الخاطبة أزهار «ليلى فهمى» مات زوجها وأصبحت أرملة.. يعرض عليها الزواج.. توافق لكنه يرتكب خطأ جسيما عندما يطالبها بما دفعه لها أثناء رحلتها البحث عن عروس له.. تتشاجر معه وتطرده شر طردة.. تتزامن مع طرده من شقته.. ليمضى بقية عمره بائعا متجولا فى المقاهى ويمتعنا المؤلف فى نهاية التحقيق الدرامى.. بمكونات لحظة التنوير.. بسطويسى الجلف لم يجد أحدا يحبه أثناء طفولته فكان من المستحيل أن يحب أحدا عندما أصبح رجلا.. ونحصل على عمل يستحق مساحة ضمن سيرة الدراما المصرية ومحطة مضيئة بأنوار التجديد.









