تعالوا نقرأ معا هذه الأخبار والأفكار.. ثم نتجاهلها وننسى حتى أننا قرأناها.. نقرؤها لأنها تطالعنا بإلحاح عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.. لأنها أصبحت مقررة ومتكررة.. لأنها تحمل أسماء كبيرة وضخمة فى عالم الصحة والطب.. يجب أن نقرأ كل ما يتعلق بالصحة حتى نعرف ماذا نفعل فى مواجهة أسباب المرض وعوامل اعتلال الصحة.. ونتجاهلها لأنها لن تساعدنا على ذلك.. لأنها تنتمى إلى طائفة جديدة من الأخبار التى تنجح ببراعة فى زيادة المخاوف.. فى التشويش على التفكير.. فى العجز عن الفهم.
هى أخبار حافلة بالتناقض والاختلاف.. حافلة بالحقائق والحقائق المضادة: علماء يحذرون.. وآخرون يحبذون.. وما بين التحذير والتحبيذ نقف نحن حائرين.
قبل أيام تلقيت رسالة عبر البريد الإلكترونى تتضمن تساؤلات تعكس قدراً كبيراً من الحيرة والغضب.. وباختصار شديد فإن صاحب أو صاحبة الرسالة يؤكد انه لم يعد يعرف ماذا يأكل.. خبراء التغذية ينصحون بالإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة.. الأطباء يؤكدون أن الخضراوات والفاكهة تحمل الكثير من أسرار الوقاية من معظم الأمراض.. بل هى تقى من الشيخوخة والسرطان وأمراض القلب والشرايين وغيرها الكثير.. خبيرة تغذية أكدت فى أحد البرامج الصحية الفضائية أن تناول التفاح بقشره أفضل من تناول عصيره أو تناوله بعد تقشيره لأن القشر ليس سوى ألياف طبيعية مهمة جداً للصحة.. ولأن بعض الفيتامينات والمعادن تتركز فى الطبقة السطحية من الفاكهة أو الخضراوات والتى يتم القضاء على نسبة كبيرة منها بسبب التقشير.
يقول صاحب الرسالة إن كل هذه المعلومات القيمة دفعته إلى الإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة.. فهو يحلم مثل الكثيرين بالشباب الدائم والصحة والعافية ويكره المرض بكل أشكاله حتى ولو كان مجرد رشح خفيف.. ولكن خبيرة تغذية فضائية أخرى.. أكدت أن كل ما نأكله ملوث بالمبيدات والكيماويات الزراعية.. وأن هذه الكيماويات تسبب السرطان والشيخوخة المبكرة وتتلف الكبد وتدمر الكلى.. وأننا لا يجب أن نتناول أى فاكهة أو خضراوات إلا بعد تقشيرها حتى مع التأكد من خلوها من المبيدات والكيماويات.. وهكذا اصبح صاحب الرسالة يشك فى كل شىء.. لأن الخبيرة لم تضع أى استثناءات.. ولم تشرح لنا كيف نفرق بين الأطعمة السليمة الصحية وبين الأطعمة الملوثة.. خبراء ينصحون بتناول الخضراوات والفاكهة.. وخبراء ينصحون بعدم تناولها حتى لا نصاب بالسرطان الناتج عن التلوث الكيمائى.
حتى الأسماك التى اجمع العلماء على فائدتها.. والتى يؤكد الأطباء كل يوم أنها الغذاء الأفضل والمثالى.. وأنها تقى من الأمراض وتحتوى على مضادات الأكسدة.. لم تسلم من التشكيك الفضائى.. بعد أن اطل علينا عالم وخبير غذائى ثالث.. ليؤكد أن التلوث البحرى ببقايا النفط ومخلفات الصناعة أدى إلى تلوث الأسماك.. وان بعض الأسماك تحمل فى أجسامها كميات كبيرة من الرصاص الذى يسبب التخلف العقلى والتسمم الكبدى.. وبالطبع لم يحدد الخبير الغذائى كيفية التفريق بين الأسماك الملوثة والأسماك السليمة.. أو ماذا يفعل الإنسان العادى الذى يرغب فى تناول الأسماك تنفيذا لنصائح الأطباء أو حتى لمجرد أنها لذيذة وشهية وسهلة الهضم؟