تملك إسرائيل أن تقتل الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء فهي تعيش على مخزن مفتوح لا يغلق من الأسلحة الأمريكية الأحدث والأكثر فتكا.. وليس لديها ضمير أو احترام للدم والإنسانية.
تستطيع «تل أبيب» أن تكذب وتخدع كما تشاء فهى تمتلك منظومة تسيطر على الإعلام الغربي والوسائل المؤثرة التي تروج لها ما تريد بفضل اللوبي اليهودى حول العالم.
يمكن لحكومة نتنياهو أن تخطط للتوسع شمالا وجنوبا وتتحدث عن تحقيق إسرائيل الكبرى التي تمتد خريطتها المزعومة على حساب دول عربية فليس هناك عقاب على الأطماع.
كل هذا تملك إسرائيل أن تفعله، لكنها لا تملك أن تدعى النجاح ومهما خدعت العالم فإنها لن تغير الواقع ولن تستطيع أن تزعم نجاحها لأن الواقع يقول إنها فشلت في كل ما تريد أن تصل إليه يقينا النجاح ليس سفك الدماء وقتل الأبرياء وقصف الأحياء والمستشفيات والملاجئ، فهذا اسمه إجرام وإرهاب، لا يمكن أن يحقق شيئا لمن يرتكبه إلا العار، وهو ما تحقق فعلا، فالاحتلال الآن موصوم بكل ألوان العار السياسي والإنساني مثلما هو الحال بالنسبة للمجتمع الدولى الصامت عن الحق.

أما الأوهام التى تتحدث عنها إسرائيل وتزعم أنها ستحققها ويتفاخر نتنياهو بأنه يسعى إليها، فالواقع يقول إنها لم ولن تتحقق، فلا إسرائيل الكبرى ستتحقق، ولا التهجير سيتم ولا فلسطين ستنتهى ولا القضية ستصفى ولا المقاومة ستختفي، النصر الإسرائيلى وهم كبير، لا يحدث إلا في مخيلة نتنياهو وحلفائه من المتطرفين لكن على الأرض إسرائيل مهزومة وتبحث لنفسها عن مخرج، دون أن تجد حلا غير الاستمرار في مواصلة الدمار وسفك الدماء وإشعال النيران في كل مكان بالمنطقة، نظرية علي وعلى أعدائي.
وهذا كما نعلم أسلوب الفاشل والعاجز الذي لم يحقق شيئا فأرادها خرابا على الجميع، وهذا هو حال نتنياهو وحكومته، والمؤكد أنه لولا الدعم اللامتناهى من امريكا لما استطاع حتى أن يحقق أى شيء من هذا، لولا هذا الدعم المباشر لما استطاع نتنياهو أن يفعل شيئا أمام إيران التي طالت صواريخها ومسيراتها قلب تل أبيب، ولولا الدعم الأمريكي لما استطاع أن يحقق خطوة تقدم واحدة داخل غزة، بل ومن يتابع الأحداث سيجد أنه مع كل محاولة توغل برى في القطاع تواجه قوات الاحتلال عمليات مرعبة لجنودها، فبعيدا عن القصف الجوى لا يمكن أن تزعم «تل أبيب» أنها حققت نصرا أرضيا، كل عملياتها التي تتفاخر بها جوية عن بعد، فالدمار والتخريب، والاستهداف كله قصف جوى لأنها تملك القدرات الجوية التي لا تملكها المقاومة، أما على الأرض فإسرائيل بلا أنياب ولا مخالب بل فار مذعور، والدليل حالات الهروب من الخدمة واعترافات الجنود الإسرائيليين الذين يخضعون لعلاج نفسى بسبب ما يواجهونه من رعب.
كل هذا رغم أنه حتى الآن لم تواجه إسرائيل جيشا نظاميًا بل مجموعة من المقاتلين والمقاومة المنظمة.
وهو ما يؤكد أننا أمام أكذوبة ضخمت من نفسها كثيرًا وللأسف صدق البعض هذا التضخيم، وانخدع به، لكن مع أول مواجهة عملية ثبت أن الاحتلال أضعف كثيرًا مما تخيل هذا البعض، فكل قوته مستوردة، وكل ما يحيط به نفسه من هيبة شغل إعلام واضح ومفضوح.
وهذا ما يجب أن ندركه جميعا، أننا أمام وهم كبير ولا يجب أن نعطى إسرائيل أكبر مما تستحق، ولا يجب أن نترك لها الساحة براح تفعل فيها ما تشاء ليس بسبب قوتها وإنما بسبب الصمت عليها.
مصر منذ البداية كانت يقظة ومدركة لهذا الأمر، رفضت أن تترك الساحة خالية أمام إسرائيل، بل تصدت وواجهت مخططها بكل قوة وأعلنت أنه لا مجال للتهجير للفلسطينيين ولا قبول بتصفية القضية ولا تهاون مع أى محاولة للاقتراب من حدود مصر أو أمنها القومي، وعندما حاولت تل أبيب اختبار مصر وجدت الرد الذي جعلها تتراجع سريعا، لأنها أدركت أنها أمام دولة قوية لا تتهاون ولا تقبل أي تجاوز.
هذا الموقف المصرى كان يجب أن يكون رسالة للجميع بأن القوة هي الحل، والحسم هو الرادع للاحتلال فعندما ترى إسرائيل وحكامها المتطرفون العين الحمراء يتراجعون وهو ما يجب أن يحدث من الجميع في التعامل مع إسرائيل، لا مجال للسياسة الناعمة في التعامل مع تل أبيب، بل اللغة الخشنة والقوة والحسم، ونحن لا ينقصنا شيء كعرب حتى نفعل ذلك، أيدينا ليست مغلولة بل قادرون على أن نفعل ما نريد لو توحدنا، الوحدة في القرار والتحرك والموقف هي مصدر قوتنا والطريق لهزيمة المخطط الإسرائيلى المدعوم أمريكيا، والذي لا يحترم سيادة دول ولا أمن قومى لأي بلد بل يدهس كل الاعتبارات ومواجهته لن تكون إلا بكلمة عربية وإسلامية واحدة تعلن في وجه تل أبيب وواشنطن وعواصم الغرب، نحترم من يحترمنا، والمعاملة بالمثل لمن يستهين بنا.
الرسالة يجب أن تصل بعلم الوصول من خلال إجراءات حقيقية ومواقف واضحة لا تحتمل التراجع ولا تقبل الانقسام.
فالأمر لم يعد مجرد كلام في الهواء، بل أصبحنا أمام تجرؤ إسرائيلي غريب، ولابد أن يتم الرد على هذا التجرؤ بحسم وقوة وأوراق الضغط التي نمتلكها كثيرة، وأهمها وحدة الموقف الصادق، هذا ما يجب أن تعلنه قمة اليوم فى الدوحة واعتقد أنه لا توجد مناسبة ولا وقت لهذا الموقف أفضل من الآن، فالاحتلال تجاوز كل الخطوط الحمراء وتجرأ على سيادة دولة عربية شقيقة، وسط صمت أمريكي مشبوه وتنصل من وعود الحماية التي تطلقها دائما للأشقاء في الخليج، وإذا كان الرد العربي والإسلامى هو مجرد الشجب البياناتى فالمؤكد أنه كما فعل الاحتلال ذلك مع قطر يمكن أن يفعله غداً وبعد غد مع دول أخرى، ولذلك لا مجال لوقف هذا إلا أن يرى الاحتلال من الدول العربية والإسلامية رداً لا يتوقعه وموقفا غير كل المواقف السابقة، عندما طرحت مصر فكرة القوة العربية المشتركة حدث انزعاج إسرائيلي كبير لأنهم يعلمون معنى هذه القوة خاصة وأنها مقدمة من مصر، وعندما تصدت مصر بوضوحوحسم ورفضت سيناريوهات التهجير المزعومة كان هناك غضب إسرائيلي ومحاولات انتقام أمريكية من مصر لأنها أفسدت مخططاتهم.
نحن إذا نحتاج عربيا وإسلاميا مواقف من هذا النوع الواضح والقاطع والعملي فعل على الأرض مؤلم اقتصاديا وسياسيا، هذا هو القرار المنتظر، فاليوم يوم القرار العربي الإسلامي، إما أن نعبر عن قوتنا وقدرتنا على التحرك، ولدينا كل الأوراق، وإما أن نعطى لإسرائيل تصريحا بمواصلة إجرامها، القرار في يد العرب والدول الإسلامية اليوم.