قبل ان نخوض فى تفاصيل عنوان المقال لابد من توجيه التحية والاحترام للشعب المصرى العظيم الذى استطاع بقيامه بثوره 30 يونيو ان يعيد الى «مصر الوطن « قوتها ومكانتها التى تليق بها على مر التاريخ والعصور، وهنا لابد من التذكير بان قيامه بها،ليس نتيجة احاسيس او مشاعر عاطفية فقط بل لانه شعر بخطر وجودى على الوطن مصر ،وترجم ذلك بوضوح عندما أصر ،و قرر اختيار السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيسا لمصر وآمن به، وشعر انه «قدر مصر وشعبها» ان يقوم بقيادتها فى تلك المرحلة التى اعقبت إنهاء حكم الاخوان، وحتى الان.. الاختيار أيضاً جاء نتيجة احساسه بالخطر الذى يهدد يومه، وحياته، ومستقبل الوطن، بداية من كلمته فى القمة الافتراضية لدول البريكس، ومن اهم محاورها -على ان نرصد فيما بعد ما تحقق منها -خاصة وأنه عبر بقوة عن رؤية الدولة المصرية القوية العفية، وبمعنى آخر «دبلوماسية حازمة بلا ضجيج» حينما طالب باصلاح أليات العمل فى الامم المتحدة ومنها الغاء حق الڤيتو المجحف لتحقيق الامن والسلام الدولي، وطبعا مفهوم أبعاد هذا الطلب!!
ايضا يطالب بالتوسع فى استخدام العملات المحلية بين اعضاء البريكس فى المعاملات التجارية وفى المشروعات التنموية ونظام معاملات جديد لتجنب القروض المجحفة!!
ويكفينا ان ينتقد الرئيس بوضوح ما يحدث من قبل اسرائيل فى المنطقة العربية «غزة وقطر «وما وصفه بـ «ازدواجية فاضحة فى المعايير وانتهاك سافر للقانون الدولي»، معتبرًا أن «الانحدار الحالى يقوض أسس السلم والأمن الدوليين ويعيد البشرية إلى أجواء الفوضى واللا قانون، ويكرس استخدام القوة كوسيلة لفرض الإرادة وتحقيق المآرب».
مع التأكيد على المطالبة بوقف عدوان اسرائيل التى تقوم بأبشع الجرائم الانسانية من قتل وترويع وتجويع، وتحاول التهجير مخالفة كل الاعراف الدولية والانسانية، ومصر ملتزمة بحل الدولتين ومنع التهجير وادخال المساعدات… وإذا انتقلنا الى ملف السد الإثيوبى سوف نلاحظ ان مصر قامت بتوجيه خطاب رسمى لمجلس الأمن الدولى احتجاجاً على إعلان إثيوبيا تشغيل السد، معتبرة ذلك إجراءً أحادياً مخالفاً للقانون الدولي، ويهدد مصالح دولتى المصب مصر والسودان، أشار الخطاب إلى موقف مصر الثابت فى «رفض كافة الإجراءات الأحادية الإثيوبية فى نهر النيل وعدم الاعتداد بها أو القبول بتبعاتها على المصالح الوجودية لشعوب دولتى المصب مصر والسودان»، وان اختيار مصر اللجوء للدبلوماسية والمنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة، ليس نتيجة لعدم قدرة عن الدفاع عن مصالحنا الوجودية، وإنما انطلاقاً من اقتناع مصر الراسخ بأهمية تعزيز التعاون ،وتحقيق المصلحة المشتركة بين شعوب دول حوض النيل وفقاً للقانون الدولي، بما يحقق المصالح التنموية ويراعى شواغل دول المصب» واهمية هذا الخطاب لمن يريد ان يعلم انه يعطى الحق للدولة المصرية فى «اتخاذ الاجراءات» للحفاظ على الامن والسلم الدوليين، دون ان يتم فرض عقوبات عليها وفقا للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ولن نخوض فى تفاصيل، كل شخص يفهم ما يريد!!
القيادة السياسية تثبت يوما بعد يوما إنها قارئ واع لتاريخ الدولة المصرية الحديثة،وهو ما نجحت فيه القيادة السياسية لتجنب البلاد مخاطر الصدام، ومن هنا ظهر تعبير «الصبر الاستراتيجى «الذى أعلنه السيد الرئيس منذ بداية ازمة غزة، ويتعامل به مع كل الأزمات والتحديات التى تواجه مصر وشعبها.
ومن هنا ايضا كان اصرار القيادة السياسية المستمر على ان يكون المصريون على قلب رجل واحد، وان اللحمة الداخلية والوحدة هما اقوى سلاح تواجه به مصر التحديات والمؤامرات التى تحاك ضدها…
وتبقى لقطة اخيرة ان توقيع ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية على اتفاق تاريخي، وبوساطة مصرية كاملة، والذى يعيد فتح التعاون بين إيران والوكالة، بعد شهور من القطيعة، وبتحركات مصرية هادئة فى وقت تضيق فيه الخيارات يعكس حكمة القيادة السياسية فى التعامل مع الأزمات التى تهدد المنطقة بشكل واع ومدروس لا يترك شيئا لصدفة إنما يعكس ما قاله مدير الوكالة عقب الاتفاق «لولا ثقل مصر ومكانة رئيسها… ما كان لهذا الاتفاق أن يُولد.».
خارج النص:
فى زمن الاستقطاب والانفجار، القاهرة اختارت أن تكون صانعة التوازن، معلنه لا للفوضي، ولا للتدويل العبثي، لكن نعم للحوار المسئول، ونعم لأمن الإقليم برؤية مصرية مستقلة، والأيام القادمة محملة بالأحداث والأزمات،ونحن لها مستعدون.