تمر الأمم باختبارات حاسمة تكشف معادن الشعوب، وتحدد مدى وعيها الجمعى وصلابتها فى مواجهة التحديات، وفى تلك اللحظات تتضح قيمة الاصطفاف الوطنى الحقيقى بعيدًا عن الشعارات الزائفة أو المزايدات الرخيصة.. واليوم بلا شك تقف الدولة المصرية أمام لحظة فارقة تستدعى من كل أبنائها أن يكونوا كما كانوا دائمًا صفًا واحدًا خلف دولتهم الوطنية، مدافعين عن سيادتها، حارسين لأمنها، ومواجهة كل من تسول له نفسه العبث بمقدراتها أو محاولة النيل من استقرارها فالسيادة ليست مجرد كلمات تتردد فى الخطب أو نصوص تسطر فى الدساتير، بل هى فعل حى يتجسد فى تكاتف الشعب، وإرادته الصلبة، ووعيه الذى يرفض الانجرار خلف الأكاذيب.. ومصر صاحبة الحضارة الممتدة عبر آلاف السنين، كانت ولا تزال مستهدفة من قوى خارجية لا تروق لها رؤية هذا الوطن قويًا شامخًا صامدًا فى وجه كل ريح ولأن الوعى هو خط الدفاع الأول، فإن الإعلام الوطنى يجد نفسه اليوم فى موقع لا يقل خطورة عن موقع الجندى على الجبهة.. فالمعركة لم تعد محصورة فى ميادين القتال التقليدية، بل أصبحت تدار عبر الفضاء الإلكتروني، ومن خلال شاشات الهواتف وصفحات التواصل الاجتماعي..وهنا تظهر خطورة الإعلام المضلل الذى يسعى لتشويه الحقائق، وبث الشائعات، وضرب الثقة بين الشعب ومؤسساته. الإعلام الوطنى الصادق لا يعرف التجميل ولا التهويل، بل يقدم الحقائق كما هي، ويعتمد على المنطق والوعى فى مواجهة حملات التضليل..فهو ليس مجرد أداة للترويج، بل منبر للتنوير، يضع المواطن فى موقع الشريك لا المتلقي، ويمنحه سلاح المعرفة لمواجهة كل ما يبث ضده من سموم إعلامية.. ومن هنا تبرز الحاجة إلى خطاب إعلامى رشيد تشترك فيه المؤسسات الرسمية والخاصة، ويتكامل فيه الإعلام التقليدى مع الإعلام الجديد ليشكلا معًا جبهة قوية تدافع عن الحقيقة وتفضح الأكاذيب. إن أى محاولة للنيل من سيادة الدولة تبدأ أولًا من محاولات بث الفتنة وزعزعة الثقة بين الشعب ومؤسساته، ولهذا فإن حماية الوطن تبدأ من وعى كل مواطن، ومن الكلمة الصادقة، والموقف الثابت، قبل أن تبدأ من سلاح الجندي..فالأمن القومى تصونه الشعوب الواعية الموحدة، كما تصونه الجيوش القوية على حد سواء. الوقوف بجانب الدولة المصرية اليوم ليس انحيازًا لأشخاص، بل اصطفاف خلف وطن يستحق الوفاء والإخلاص، وطن قدم الكثير لشعبه عبر التاريخ، وواجه أخطر التحديات فى أصعب الظروف، وتمكن من العبور إلى بر الأمان..ومصر قادرة اليوم بما تمتلكه من وعى شعبى وإرادة وطنية، أن تحبط كل المخططات التى تستهدف استقرارها، وأن تلقن أعداءها درسًا جديدًا فى معنى التماسك والوحدة. وفى النهاية.. لا صوت يعلو فوق صوت الوطن..والإعلام إذا قام بدوره بصدق وأمانة، سيبقى الحصن الحصين لحماية هذا الصوت من محاولات التزييف والتضليل والمساس بالسيادة..فلنكن كما كنا دائمًا شعبًا واحدًا، صفًا واحدًا، خلف دولتنا، ومن أجل مستقبل أبنائنا.