الدراما المصرية بوجودها وحضورها، هى الرائدة فى المنطقة العربية والراعية لها عالمياً ودولياً، ومنها انطلقت الدرامات العربية لتأخذ مكانها على الخريطة الدرامية فى الوجود والحياة.. والدراما المصرية هى الكائن الأول الذى رسم ملامح الريادة، وهذه الريادة اليقينية باتت- وربما أصبحت- تجسد صراعاً من الكراهية والتظلم والتعنت، لدرجة محاربتها ومحاولات مستمرة لسرقتها أو هدمها أو النيل منها.
لكن ريادتنا راسخة بعمق فى الوجدان الجمعى داخلياً وخارجياً، حتى مع فترات التراجع والتعثر.. فالدراما المصرية شأنها شأن كل شيء، ميلادها ورسوخها وريادتها مصرية خالصة، وهذا يمثل لنا الأصول والجذور والفخر.
وبالعودة إلى الريبورتوار والتراث الدرامي، يتأكد أن الدراما المصرية لها تاريخ يُدرّس ومازال يُدرّس فى معاهد وجامعات العالم، عربياً ودولياً.. ومن هنا نؤكد- فى هذه الآونة- حتمية المراجعة وتصحيح الأوضاع، للعودة إلى المكانة اللائقة والحفاظ على الشخصية والهوية المصرية.
فعلى سبيل المثال، تزامن ميلاد الدراما السينمائية فى العالم مع ميلادها فى مصر بفارق زمنى بسيط لا يتعدى سنوات قليلة، وقبلها المسرح بكل أشكاله وصنوفه وأنواعه، الكلاسيكى والغنائى وغيرهما.. والشيء بالشيء يُذكر، المسلسل والدراما التليفزيونية وكذلك المسلسل الإذاعي، حيث كان الجمهور العربى ينتظر موعد عرضها بشغف، وكثير من هذه الأعمال كانت تُدرّس ويُقام عليها أبحاث ودراسات.
من هنا، تأتى الدعوة إلى العودة لتراثنا الدرامى وإعادة تقديم مختارات منتقاة من هذا الريبورتوار، لتعريف الأجيال الجديدة بتراثهم الدرامى الذى يمثل الفخر كل الفخر لهم، فهم أبناء وأحفاد التميز والنجاح، وفى الوقت نفسه للتعلم واكتساب الخبرة، ليعرف الدراميون المحدثون ماهية الدراما تقنياً وحرفياً وتوعوياً وفكرياً، وعلى كل المستويات فى التأليف، والإخراج، وهندسة المناظر، وتصميم الإضاءة والأزياء، وكذلك حرفية الممثل وجودة الأداء الإبداعي.
على التليفزيون المصرى والفضائيات أن تسعى إلى تقديم ريبورتوار وتراث الدراما كلها، مسلسلات، أفلام، ومسرحيات، لإعادة الوعى الدرامى المفقود، وبناء فكر درامى وتعليمى وتوجيهى بمنهجية دراسة الفنون الدرامية بجدية فى المعاهد والكليات المتخصصة.. كما يجب فتح المجال أمام الدراسات العلمية والجامعية «ماجستير ودكتوراه» لهذه التخصصات، وعمل دورات تدريبية فى الأماكن المعتمدة، لخلق جيل جديد من المبدعين القادرين على مواصلة المسيرة، والحفاظ على الريادة الدرامية المصرية المعهودة والراسخة.
فيا أيها الدراميون والريبورتواريون، هذه دعوة مباشرة لإعادة صروح الدراما المصرية إلى صدارة المشهد واعتلاء خريطة الدراما عربياً ودولياً.. فالدرامى المصرى مبدع بطبعه، قادر على العودة، لأنه ابن التميز عبر الأزمنة والعصور، وحفيد الإبداع الممتد عبر التاريخ.
نحن نسعى إلى إبداع درامى يليق باسم مصر العظيمة، والدعوة قائمة ومستمرة، وعلى الله المقصد.
نعم، نحن كدراميين صُنّاع الوجود.