لم يكن الطريق سهلاً، ولم تكن المؤامرات قليلة، فمنذ سنوات وهناك من يراهن على أن مصر ستنكسر عند أول أزمة بترولية أو كهربائية، وأن السوق سينهار، وأن المواطن سيعيش في ظلام أو عجز.
هؤلاء شككوا، وكتبوا، وروّجوا أن الدولة غير قادرة على مواجهة التحديات، وأن كل أزمة عالمية ستنعكس بالضرورة على الداخل المصري، لكن ما جرى كان عكس كل ما تمنّوا وروّجوا. الدولة لم تنكسر، لم تتراجع، لم تتعثر، بل خرجت أكثر قوة وصلابة، وأثبتت أن الطاقة في مصر ليست ثغرة للضغط، بل عنوان سيادة وركيزة أمن قومي.
المشككون لم يدركوا أن إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي تختلف جذريًا عن كل ما سبق، فهو لم ينظر إلى ملف الطاقة باعتباره ملفًا خدمياً مؤقتاً، بل أمنًا قوميًّا متكاملاً، فاعتبر أن استقرار الكهرباء والوقود لا يقل أهمية عن حماية الحدود والمياه. ومن هنا جاءت التوجيهات الواضحة للحكومة ببناء منظومة متكاملة تُؤمّن المواطن وتُحافظ على الدولة من أي اهتزاز.
الحكومة من جانبها لم تكتفِ بالشعارات أو المؤتمرات، بل ترجمت تلك التوجيهات إلى خطط عمل حقيقية، وجاء وزير البترول ليحوّل الرؤية إلى واقع ملموس. لم تكن المهمة سهلة، فقد كان المطلوب التعامل مع ضغوط هائلة في الأسعار العالمية، ومحاولات حصار خارجي، وتقلبات لم يعرف العالم مثلها منذ عقود.
ومع ذلك، لم يُسجّل المواطن انقطاعًا للكهرباء حتى في ذروة الصيف، وهو إنجاز يوازي في أهميته أي نصر سياسي أو عسكري، لأنه يثبت أن الدولة قادرة على حماية حياة الناس من الانقطاع والفوضى، وأن التخطيط المبكر نجح في تأمين الغاز والوقود وبناء احتياطيات تكفي لأي طارئ.
أما المشككون الذين اعتادوا الصيد في الماء العكر، فقد أرادوا تصوير الأزمات العالمية كدليل على فشل داخلي. لكن الوقائع كذّبتهم. الأرقام أثبتت أن السوق المصري ظل أكثر استقرارًا من أسواق كبرى. المواطن لم يعرف طوابير وقود ولا انقطاع كهرباء، بينما كانت دول أخرى أكثر ثراء تُعاني ارتباكًا وانهيارًا. هذا هو الفارق بين دولة تُدار بعقلية التخطيط والانضباط، ودول تتعامل بالصدف والمفاجآت.
إن كل من يشكك في استقرار الدولة يُسيء التقدير ويُسيء الفهم، لأنه يتجاهل الحقائق. الحقائق تقول إن مصر تحولت من دولة تبحث عن سدّ عجز إلى دولة مركز إقليمي للطاقة، تفرض حضورها على المفاوضات الدولية وتُشارك بفاعلية في صياغة سياسات السوق العالمي. الحقائق تقول إن المواطن يعيش صيفًا كاملًا بلا انقطاع للكهرباء، وهذه ليست رفاهية بل نتاج عمل حكومي منظم وجهد مخلص ورؤية قيادة تعتبر الطاقة أمنًا قوميًّا لا يُساوم عليه.
المؤامرات الخارجية ستستمر، ومحاولات الإرباك لن تتوقف، لكن مصر اليوم أقوى من أي وقت مضى. فالدولة لم تعد تنتظر الأزمات، بل تُخطط لها مسبقًا، وتبني بدائل، وتُجيد المناورة الاقتصادية والسياسية. كل أزمة تتحول إلى درس، وكل ضغوط تُترجم إلى فرصة. والمحصلة أن مصر لا تخرج سالمة فقط، بل تخرج أكثر قوة واحترامًا وقدرة على الفرض في الداخل والخارج.
الرسالة التي يجب أن تصل للجميع واضحة: لا المشككون في الداخل ولا المتربصون في الخارج سيُفلحون في هز استقرار الدولة. فالطاقة لم تعد نقطة ضعف، بل سلاح سيادة. الكهرباء لم تعد عبئًا، بل عنوان استقرار. المواطن لم يعد يعيش رهينة للظروف، بل بات يعيش في وطن قادر على حمايته في عز الأزمات. وهذه ليست خطابات دعائية، بل وقائع تُثبتها الأرقام وتشهد عليها الأوضاع.
مصر اليوم تقول للعالم: من أراد أن يُحاصرنا بالغاز سنُحوّل الحصار إلى قوة. ومن أراد أن يُربكنا بالنفط سنجعل النفط سلاح تفاوض بأيدينا. ومن أراد أن يشكك في استقرارنا فليتأمل صيفًا كاملًا بلا انقطاع للكهرباء، وليقرأ الأرقام وليُدرك أن الدولة التي تصمد أمام كل هذا لن تُكسر أبدًا.
إنها مصر… دولة ترفض الهزيمة، قيادة تعتبر السيادة خطًا أحمر، حكومة تُنفّذ ولا تُجامل، ووزير بترول يقود قطاعًا حساسًا وسط العواصف ليُثبت أن الإدارة ليست شعارات بل نتائج. وهكذا تتكسر الأزمات واحدة تلو الأخرى، وتبقى الحقيقة راسخة: مصر لا تُركع، ومصر لا تُحاصر، ومصر تُدير طاقتها كملف سيادة، لا كخدمة تُشترى وتُباع.
حفظ الله مصر والمصريين قيادةً وشعباً.