في الوقت الذي باتت فيه الرقمنة تحدد ملامح حياة الأفراد والمجتمعات، يناقش المؤتمر العالمي 2025 “نحن الاحتواء” الذي تحتضنه إمارة الشارقة، آليات عملية لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في البيئات الرقمية، عبر تبني معايير النفاذ الرقمي، والتقنيات المساندة، والسياسات الشاملة التي تضمن مشاركتهم الكاملة في فضاءات المعرفة والابتكار.
وتنعقد المؤتمر العالمي “نحن الاحتواء” خلال الفترة 15 – 17 سبتمبر المقبل في مركز إكسبو الشارقة، بمشاركة ممثلين عن منظمة الاحتواء الشامل الدولية وأكثر من 100 منظمة دولية من أكثر من 60 دولة، إلى جانب القادة وصنّاع القرار والمناصرين الذاتيين وأسرهم. وينظم المؤتمر بالتعاون بين مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ومنظمة الاحتواء الشامل الدولية وبشراكة استراتيجية مع المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، ليكون بذلك الحدث الأول من نوعه الذي تستضيفه دولة عربية، ويشكل منصة عالمية لصياغة مستقبل أكثر شمولاً وإنصافاً.

ويقدم المؤتمر قضية دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم الرقمي بوصفها إحدى أولويات التنمية العالمية؛ إذ تشير الأرقام الواردة في موقع منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من مليار إنسان – نحو 16% من سكان العالم – يعيشون مع شكل من أشكال الإعاقة، ما يجعل من التكنولوجيا وسيلة حاسمة لضمان حصولهم على فرص متكافئة في التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية.
الرقمنة والعدالة الاجتماعية
ويتناول المؤتمر قضية الدمج الرقمي من زاوية لا تقل أهمية عن الدمج في الحياة الاعتيادية؛ إذ يشير التقرير العالمي لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة 2025 إلى أن الدمج الرقمي يمثل شرطاً أساسياً لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية. فالوصول إلى الإنترنت والخدمات الرقمية يشكل بوابة إلى التعليم عن بعد، والخدمات الصحية الإلكترونية، والعمل المرن، والمشاركة في الحياة العامة. ويرى خبراء أن اعتماد معايير الوصول الرقمي وتطوير أدوات مثل برامج قراءة الشاشة وتقنيات التعرف الصوتي يُعدّ استثماراً استراتيجياً في الإنسان، وفي مستقبل الاقتصاد والمجتمع معاً.

كما تكشف الدراسات أن دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في البيئات الرقمية يعود بمكاسب اقتصادية واجتماعية واسعة؛ إذ تقدر الأمم المتحدة أن الاقتصادات التي تطبق سياسات الدمج تحقق زيادة ملموسة في معدلات النمو والابتكار، ما يعزز استقلالية الأفراد ويقلل من الاعتماد على الرعاية غير مدفوعة الأجر، بما يرفع من كفاءة المجتمعات ويكرس قيم العدالة والمساواة.
رؤية عالمية شاملة
وبهذا الطرح، يرسخ المؤتمر العالمي 2025 “نحن الاحتواء” رؤية شاملة ترى في الدمج الرقمي للأشخاص ذوي الإعاقة حقاً أساسياً وجزءا من البنية التحتية الإنسانية للمستقبل، خاصةً في ظل التحولات التي تشهدها أنماط الحياة الاجتماعية والمهنية باتجاه المزيد من الاعتماد على الرقمنة في كل يوم؛ إذ يتجه العمل نحو الأنماط المرنة والهجينة، والخدمات الصحية والمالية والإدارية التي تُقدَّم عبر التطبيقات الذكية، فيما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي الفضاء الأوسع للتفاعل المجتمعي والتعبير عن الذات والمشاركة في الحياة العامة.









