تناولنا فى المقال السابق أن قمة منظمة شنغهاى للتعاون بلس فـى مدينة تيانجين الصينية، وقبلها قمة تيكاد 9 قد وضعت مصر فى قلب عملية إعادة رسم التوازنات خاصة فى المنطقة الأفريقية الآسيوية (أفرو آسيا).وأن مصر أصبحت مركز ثقل حقيقى فى معادلة التوازنات العالمية ، كما أن البعد الإقتصادى لهذه القمة يقوم فى الأساس على جعل مصر والدول المحيطة بها منصة يبنى فيها مستقبل الممرات التجارية ولوجيستيات التجارة والـطاقة ، كما أن مصر تصر على أن تكون شريكا فى هذه المكتسبات ،عبر الإتفاق مع المؤسسات الدولية على رؤية واضحة لمصر عنوانها السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية ، والتى تقوم على وضع استراتيجيات خاصة بالاستثمار الأجنبى المباشر، والتنمية الصناعية، والتجارة الخارجية، والتشغيل بما يعزز كفاءة ومرونة سوق العمل، مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية، منها الصناعة التحويلية والسياحة، والزراعة، والطاقة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ويأتى هذا مع طرح السياسات المالية والنقدية وحوكمة الاستثمارات العامة الداعمة لهذه الاستراتيجيات فضلاً عن التخطيط الإقليمى لتوطين التنمية الاقتصادية. وما نؤكد عليه أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تستند إلى البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية من خلال السياسات الداعمة للنمو والتشغيل متضمنة فى محاوره الثلاثة تعزيز استقرار الاقتصاد الكلى، وزيادة قدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم الإنتقال الأخضر.لذا وضعت القيادة السياسية أهدافا لا يمكن التنازل عنها وهى الوصول إلى 100 مليار صادرات سلعية غير بترولية بحلول عام 2027 ثم تصل إلى 140 مليار دولار عام 2030 ، وبالتالى فإننا نؤكد أن هذه السردية الوطنية هى برنامج إصلاح اقتصادى مساير للظروف العالمية التى تتميز بارتفاع حالة عدم اليقين، كما توضح فيه الحكومة الإصلاحات التى ستتبناها لدعم النمو وجذب الاستثمار، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، والترويج للفرص الاستثمارية الواعدة فى كل قطاع من قطاعات الاقتصاد. لذا جاءت آليات تنفيذ هذه السردية متواكبة الى حد بعيد مع متطلبات وظروف مصر الراهنة التى تسعى إلى التوجه للقطاعات الأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديرية، مع إعادة تعريف دور الدولة فى الاقتصاد (تقليل ملكية الدولة وزيادة دور القطاع الخاص). كذلك تعظيم العائد من الأصول العامة، ونرى أن هذا التوجه يأتى فى مرحلة متقدمة فى مسار تنموى بدأ منذ أكثر من عقد، بهدف تهيئة بيئة مواتية للنشاط الاقتصادى، ورفع الإنتاجية، وجذب الاستثمارات. وهى آليات ارتكزت عليها نماذج عالمية ناجحة يأتى على رأسها التنين الصينى الجديد الذى ارتكز على نموذج اقتصادى قاده دونج سياو بينج يقوم على تنمية القطاعات القابلة للتبادل التجارى، من خلال تعزيز التنمية الصناعية والاستثمار الأجنبى المباشر، والتجارة الخارجية، وتعزيز كفاءة ومرونة سوق العمل، مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية مثل الصناعات التحويلية، والسياحة، والزراعة، والطاقة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، استناداً إلى الخطوات التسع التى غيرت الصين من دولة منهكة دخل الفرد فيها لا يزيد عن 2 دولار يومياً إلى دولة تنتقم من التاريخ عبر تحقيق معجزة تمثلت فى منطقة شينزين تلك المدينة البائسة التى تحولت بفضل النموذج الاقتصادى الصينى الهادف إلى أمل كل مستثمرى العالم.
لتكون السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية هى بداية حقيقية من الزعيم عبد الفتاح السيسى لعهد نحقق فيه المستهدفات الكمية التى تتضمنها السردية عبر قائمة من الإصلاحات الهيكلية لكل قطاعات من القطاعات، والمرتبطة بتوقيتات زمنية محددة، وبهدف دعم النمو والتشغيل بما يسهم فى تكوين رؤية متكاملة للإصلاح الاقتصادى والتنمية فى عصر الجمهورية الجديدة.