يعود بنا عنوان المقال إلى أحد أهم البرامج التى كانت تقدمها الإذاعة المصرية منذ عدة سنوات والتى كانت تمثل نافذة يطل من خلالها أبناء الجالية المصرية فى دول العالم المختلفة على أقاربهم داخل البلاد حيث يتحدثون معهم على الهواء عن أوضاعهم وأحوالهم فى الخارج والنجاحات التى يحققونها سواء فى دراستهم أو أعمالهم وكان ذلك بطبيعة الحال قبل استخدام التليفونات المحمولة وكان العديد من أبناء الشعب المصرى ينتظرون هذا البرنامج حتى ولو لم يكونوا أقرباء للمتصلين حيث كنا نستمع إلى قصص الكفاح والنجاح وأيضاً لنتعاطف معهم بحكم طبيعة شعبنا الطيب الذى يجيش بالعاطفة من الإستماع لتلك الأحاديث لدرجة تصل إلى حد البكاء أحياناً….كنا فخورين بأبنائنا فى الخارج الذين كانوا يمثلون سفراء لنا بأخلاقهم ونجاحاتهم وإنجازاتهم.
وتمر الأعوام تلو الأخرى وتتغير المفاهيم بل وتتغير أنماط المصريين فى الخارج خاصة بعد ظهور عمليات الهجرة غير الشرعية ومحاولات هروب الشباب إلى الخارج حتى بدون فرصة عمل أو دراسة وهو الأمر الذى ترتب عليه وجود فئة منهم فقدت ولاءها للوطن بل إنها أحياناً تنكر إنتماءها له.
استغلت عناصر جماعة الإخوان الإرهابية فى الخارج بعض هؤلاء الشباب وتمكنت من استقطاب العديد منهم إلى صفوفها وجعلت منهم أبواقاً تعمل ضد الوطن من خلال إطلاق الشائعات بين الجاليات المصرية فى الخارج أو تنظيم مظاهرات تندد بسياسة الدولة المصرية وأحياناً القيام بمحاولات إفشال الزيارات الرسمية التى يقوم بها بعض المسئولين المصريين إلى تلك الدول وأحياناً يلجأ بعضهم إلى منظمات حقوق الإنسان التى تعمل لحساب جهات أجنبية لتشويه صورة الأوضاع الداخلية فى البلاد وتصدير صورة سلبية عنها للخارج….وكلما زاد استقرار وقوة ورسوخ الوضع فى الداخل والتفاف الشعب حول قيادته السياسية كلما زادت أبواقهم فى النعيق ونشر الأكاذيب وزرع الفتن حتى لو استدعى الأمر الاستعانة بجنسيات دول أخرى تعتنق نفس الفكر المتطرف.
جاءت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ورفض فتح معبر رفح من الجانب الفلسطينى الذى تسيطر عليه إسرائيل وصعوبة إدخال المواد الغذائية والإغاثية إلى الجانب الفلسطينى فرصة سانحة لعناصر الجماعة بالخارج للتظاهر ضد الدولة المصرية وتأجيج مشاعر الغضب تجاهها من خلال بث الأكاذيب بأن مصر ترفض إدخال تلك المعونات إلى القطاع رغم أن المنفذ من الجانب المصرى يعمل على مدار الساعة صباحاً ومساء بل وقامت بعض عناصرهم المأجورة تهاجم العديد من السفارات المصرية فى الخارج مستغلين تباطؤ أجهزة الأمن فى هذه الدول فى حماية هذه السفارات وفقاً لأحكام ومبادئ القانون الدولى ….بل أن أجهزة الأمن فى بعض الدول كانت تقوم بحماية التظاهرات التى كانت تنظمها عناصر الجماعة الإرهابية وتقوم بتأمينها إبان وجودهم أمام السفارات المصرية وهو ما حدا بالدكتور بدر عبد العاطى وزير الخارجية الى التدخل لدى سلطات هذه الدول موضحاً لهم أن أحد أهداف تلك الإعتداءات محاولة قلب الحقائق بترويج أكذوبة أن مصر هى التى تعرقل التوصل إلى حل فى قطاع غزة فى محاولة ساذجة لتزييف الوعى ليسهم فيها للأسف بعض العملاء المصريين الذين تنفق عليهم جهات أجنبية ومن ثم فإن أهداف هؤلاء المتأمرين تتلاقى مع أهداف الإحتلال حتى ان الأمر قد وصل إلى وجود تنسيق شبه معلن بين جماعة الإخوان الإرهابية وبين السلطات الإسرائيلية التى سمحت لهم بالتظاهر أمام السفارة المصرية فى تل أبيب فى محاولة لصرف أنظار الرأى العام الدولى عن الجرائم الإسرائيلية وتمهيد الأرض لمشروع التهجير القسرى للشعب الفلسطينى من قطاع غزة والضفة الغربية وهو الأمر الذى تدركه مصر جيداً وتتصدى له على المستويين السياسى والإعلامى.
وعوداً إلى بدء عن «أبنائنا الشرفاء فى الخارج» فقد غاب عن فكر أجهزة الأمن فى الدول الأجنبية وكذلك عن عناصر الجماعة المأجورة أن هناك رجالاً مصريين يدينون لوطنهم بالولاء ويتيهون فخراً بإنتمائهم له قد انتفضوا من مختلف العواصم العالمية بكل شجاعة وجسارة للدفاع عن سفارات بلادهم بمجرد قيام بعض العناصر المأجورة بالمساس بسفاراتنا والتعدى عليها واعتبرت أن أى محاولات للاقتراب من مقرات البعثات الدبلوماسية المصرية يعد تعدياً على السيادة المصرية مؤكدين أن جميع أبناء مصر فى كل دول العالم «يد واحدة» ولن يسمحوا بأى اعتداء عليها وإنهم سوف يتصدون بكل قوة للدفاع عن بلدهم.
رأينا الجاليات المصرية تتواجد أمام السفارات تدافع عنها وتقف وقفات تضامنية لها معبرين عن استعدادهم للدفاع عنها ومؤكدين أيضاً على دعمهم الكامل للقضية الفلسطينية ورفضهم محاولات تصفيتها والتشديد على حق مصر المطلق فى حفظ أمنها القومى بكافة الوسائل الشرعية …وهكذا دائماً يأتى المصريون فى الخارج فى موعدهم حين يكون الحضور واجباً ومؤكدين أنهم يتابعون بمنتهى الدقة التطورات السياسية المصرية ويعرفون بحسهم الوطنى مآرب إستهدافها فى أوقات معينة …ينتفضون فيقيمون مظلة تحمى الموقف المصرى من لهيب الاستهداف متعدد الأبعاد والأطراف والغايات…لقد أكد أبناؤنا فى الخارج أن هناك مفارقة واضحة بينهم وبين جماعة الإخوان وتنظيماتها الفرعية التى لم تكتف بتشويه صورة مصر فى الخارج بل سعت إلى تأليب الرأى العام العالمى ضدها حيث لم تظهر هذه الجماعات أى اكتراث فعلى بحياة الفلسطينيين أو معاناتهم بل استغلت الأزمة لإعادة تصدير نفسها على الساحة السياسية عبر هجومها على الدولة المصرية بادعاءاتها الكاذبة.
نخلص من ذلك إلى بعض المعطيات والنتائج يأتى من بينها :
-أن تنظيم الإخوان فى الخارج مازال لديه القدرة على التحرك بين الدول الأوروبية المختلفة مدعوماً بأنظمة تعمل ضد مصالح الدولة المصرية إلا إنها فقدت تأثيرها على أبنائنا فى الخارج.
-أن الإعلام المصرى نجح فى نقل الحقائق بكل وضوح وشفافية للجاليات المصرية بالخارج بالشكل الذى دفعهم للخروج وحماية سفاراتنا فى الدول المختلفة.
-أن ثقة أبنائنا فى الخارج فى القيادة السياسية المصرية ثابتة لم تتزعزع ولم تتأثر بمحاولات الإخوان الادعاءات الكاذبة والمفضوحة نتيجة الوعى والانتماء الذى يتحلى به المصريون فى الخارج.
وهكذا يظل الوعى بين المصريين فى الخارج والداخل هو الحصن الحصين للدولة والسند الحقيقى لصانع القرار المصرى فى مواجهة حملات التضليل والتشويه.