كان هاجساً يؤرق بال المصريين منذ آلاف السنين.. حيث اعتبروه لا جدوى منه.. ولا فائدة وراءه.. فهو يهدد النيل ويلوثه ويمتص الكثير من مياهه ويعيق حركة الملاحة ويخفى وراء انتشاره قصة من الغزو البيئى حيث يتكاثر بسرعة مذهلة ويخلف الكثير من الآثار السلبية أهمها إهدار 3 مليارات متر مكعب من المياه سنوياً ناهيك عن حدوث خلل فى أنظمة المياه العذبة وموت العديد من العوالق والاعشاب ونفوق كثير من الأسماك.. وكذلك ارهاق الميزانية التى كانت تنفق لمكافحة انتشاره.. إلى أن نجح مركز التدريب بوزارة الموارد المائية فى عمل مشروع من خلاله تم تحويله إلى مصدر رزق وإلى استغلاله فى مشروعات ذات عائد اقتصادى تنموى لم يسبق له مثيل.. انه ورد النيل الذى يطفو بألوانه الارجوانية ليعوق حركة المياه.. فما هو هذا المشروع والعائد منه؟!
المشروع الذى خرج علينا به مركز التدريب الاقليمى للموارد المائية.. كان نتاج وثمرة جهد كبير ومخلص بالتعاون وبالاستعانة بخبرات من إندونيسيا واليونسكو والفاو والجايكا والاتحاد الأفريقى بهدف مواجهة انتشار وتكاثر ورد النيل والاستفادة من هذا النبات بدلاً من انفاق المليارات من الجنيهات للتخلص منه لذا كانت التجارب المعملية والمكثفة وعقد العديد من ورش العمل والتدريب التى بدأت العام الماضى وأدت إلى انتاج أكثر من 500 منتج من المشغولات اليدوية مثل الحقائب والسابوهات والسلال والزينة المنزلية وساعات الحائط والكراسى وأسمدة عضوية وقام المشروع على حصاد هذا النبات وتجميعه وتجفيفه وإعادة تصنيعه ليس فى المشغولات اليدوية فحسب وإنما فى انتاج خل الخشب لمكافحة الآفات بديلاً عن المبيدات التقليدية الضارة بالبيئة وغيرها، الأمر الذى فتح باب رزق واسعاً خاصة للسيدات بالمناطق الريفية وبالتالى تمكن المرأة وزيادة التنمية الاقتصادية للاسر والمجتمع حيث تم تنظيم دورات تدريبية مجانية على كيفية الاستفادة من ورد النيل فى مشروعات صغيرة تدر دخلاً ثابتاً يضاف إلى اقتصاد الدولة وتم توفير حزم ورد النيل والخامات المستخدمة فى التصنيع بعد نجاح التجربة فى بعض المحافظات مثل البحيرة ودمياط وأسيوط وكفر الشيخ وعمل أفلام وثائقية لشرح عملية تحويل ورد النيل إلى منتجات من خلال مبادرة اطلق عليها «تنمية مستدامة من قلب النيل» بالاضافة إلى تسويق جميع المشغولات اليدوية عبر الصفحة الرسمية لوزارة الموارد المائية.. واطلاق منصته قريباً لعرض المنتجات سواء داخل مصر أو خارجها.
الفكرة رائعة ومفيدة لأنها وظفت ورد النيل بشكل استثمارى مربح سواء للدولة أو الفرد حيث تستفيد الدولة جراء ذلك فى إزالة الملوثات المائية واستخدام ورد النيل كمحسن للتربة وحفظ النيل من اهداره للمياه واستخراج أسمدة عضوية فى تخصيب التربة بدلاً من استيراد واستنزاف موارد الدولة المالية خاصة «البتموس» المستخدم فى نمو الشتلات الزراعية وكذلك الاستفادة منه بعد معالجة ورد النيل كيميائياً كبديل للمبيدات وفق تحليلات المختصين فى المجال الزراعى الذين أشادوا بهذا المشروع وبجدواه الاقتصادية وطالبوا بالاستمرار فى إجراء التجارب المعملية والاستفادة من خبرات الدول الأخرى للتوسع فى مشروعاته فى وقت تحتاج فيه الدولة إلى المزيد من تدوير عجلة الاقتصاد وتوفير فرص عمل لمئات الآلاف من الشباب والمرأة فى الريف خاصة وان المشروع غير مكلف لأن ورد النيل متوافر بكثرة على ضفاف وسطح الماء فى فروع النيل والترع بالريف.
أتمنى تسليط المزيد من الضوء على هذا المشروع والتوعية بتلك المبادرة التى اطلقتها وزارة الموارد المائية وتعريف المواطن بجدواه اقتصادياً مع توفير المواد الخام بعد تأهيلها لاستخدامها كمشغولات يدوية طبيعية يتم تسويقها وبيعها واعتقد ان مثل هذا المشروع يجد صدى محلياً ودولياً ايضاً واقبالاً عليه لأنه جديد من نوعه حيث لم يكن فى السابق عمل مشغولات يدوية من نبات ورد النيل.
.. وأخيراً
> كل التحية والتقدير لأصحاب فكرة الاستفادة من ورد النيل ونريد المزيد.
> مراكز البحوث العلمية المختلفة يمكن الاستفادة من تجاربها فى التنمية ولولاها ما تغير وجه الأرض وما توصلنا إليه الآن.
> اجراءات صارمة ضد أحد المستشفيات التى رفضت علاج مريضة قبل دفع الرسوم.. برافو.
> افتتاح المتحف الزراعى بالدقى.. فرصة للتعرف على عروضه المتنوعة لتاريخ الزراعة منذ العصور الفرعونية وحتى الحديثة وتخصيص 20 جنيهاً للدخول يشجع المواطن العادى على مشاهدة 8 متاحف متنوعه داخله.
> ونحن فى انتظار المتحف المصرى الكبير أول نوفمبر.. بعد غياب طال انتظاره!!
> أتمنى متابعة تطبيق قانون العمل الجديد بتكثيف الحملات والتفتيش المفاجئ على كافة المنشآت خاصة وان ملايين العاملين بالقطاع الخاص يعولون عليه فى حفظ حقوقهم.
> خفض الفائدة بالبنوك.. هل يزيد من الضغوط على صغار المودعين؟ مجرد سؤال؟