شهد المتحف القومي للحضارة المصرية افتتاح المعرض الأثري المؤقت “نور الهُدى”، الذي يُقام بمناسبة المولد النبوي الشريف بالتعاون مع المتحف الإسلامي بالقاهرة، ويستمر لمدة شهرين بقاعة النسيج المصري. يهدف المعرض إلى إبراز الإرث الإسلامي المرتبط بالسيرة النبوية الشريفة، وتسليط الضوء على رموز المحبة والتقدير للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، من خلال مجموعة من أندر المقتنيات الأثرية والفنية، وذلك في أجواء روحانية واحتفالية.
أكد الدكتور الطيب عباس، الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية، خلال كلمته أن المعرض يمثل نافذة روحية وثقافية لإبراز محطات عظيمة من السيرة النبوية العطرة. وقال: “إن اختيار عنوان نور الهُدى لهذا المعرض يعكس رسالتنا في إظهار النور الذي أشرق بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، والذي أضاء دروب الإنسانية بقيم التسامح والمحبة. نحن في المتحف القومي للحضارة المصرية نسعى من خلال هذه المعارض إلى ربط الجمهور، لا سيما الشباب والأطفال، بالسيرة النبوية العطرة عبر لغة الفن والتراث، بما يعزز الفخر بالهوية الإسلامية ويعمق الوعي برسالتها الإنسانية الخالدة.”
من جانبه، أعرب أحمد صيام، مدير متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، عن سعادته بالتعاون مع المتحف في تنظيم المعرض، وأن المعرض يُقدِّم لزوار المتحف هذه المجموعة النادرة من المقتنيات التي تجسد عمق ارتباط المسلمين بالنبي صلى الله عليه وسلم عبر العصور. وأضاف: “فالمعرض لا يقتصر على عرض قطع أثرية ذات قيمة تاريخية وفنية فحسب، بل يعكس أيضًا وجدان الأمة الإسلامية ويُبرز حبها الكبير للرسول الكريم. ونحن نعتبر هذا الحدث فرصة لتعزيز وعي الأجيال الجديدة بالتراث الإسلامي وإبراز الدور الحضاري لمصر في صونه وعرضه.”
كما قال الدكتور أشرف أبو اليزيد، رئيس الإدارة المركزية للمتاحف النوعية، في كلمته: “يشرفني أن أشارك في هذا الحدث البارز نيابةً عن الدكتور أحمد حميدة، رئيس قطاع المتاحف، حيث يأتي معرض نور الهُدى ليؤكد الدور الريادي للمتحف القومي للحضارة المصرية في إثراء المشهد الثقافي والفكري، عبر المزج بين المقتنيات الأثرية النادرة والأنشطة التعليمية والفنية. هذه الفعالية تمثل نموذجًا للتعاون المثمر بين مختلف المتاحف والقطاعات الثقافية، ونجاحًا في توظيف التراث الإسلامي لمد جسور التواصل مع الجمهور من مختلف الفئات.”
وأشارت الدكتورة نشوى جابر، نائب الرئيس التنفيذي للشؤون الأثرية، أن المعرض يضم 24 قطعة أثرية نادرة تحمل دلالات روحية وتاريخية عظيمة. من أبرزها بلاطات خزفية منقوشة بأسماء الخلفاء الراشدين واسم محمد رسول الله، وحليات نبوية كُتِبَت عليها أوصافه الشريفة، وبيضة نعام منقوش عليها (كن شفيعي يا رسول الله). كما يشمل المعرض مخطوطات لكتاب “دلائل الخيرات” بما تحمله من أدعية وأوراد في فضل الصلاة على النبي، إلى جانب أجزاء من كسوة الكعبة المشرفة وقطع من كسوة قبر النبي صلى الله عليه وسلم المزينة بأسماء الخلفاء الراشدين. كذلك يعرض شمعدانين يحملان نقوشًا دعائية مرتبطة بالحرم النبوي، وشبابيك جصية ملونة كُتِبَ عليها (يا محمد) و(محمد رسول الله)، فضلًا عن عرض مميز لكسوة باب التوبة التي تتوسطها المشكاة وتزينها آيات قرآنية كريمة.
وعلى هامش الفعالية، تم تقديم عروض فنية متنوعة، منها فقرات للإنشاد الديني وعرض مميز للتنورة بالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة، كما جرى توزيع حلوى المولد وشربات الموز على زوار المتحف في أجواء احتفالية عكست روح المناسبة.
كما شملت الفعاليات افتتاح معرض “عروستي” لنتاج المدرسة الصيفية للفنون – الدفعة الرابعة – تحت عنوان “العرائس في العرض المتحفي”، بمشاركة طلاب وخريجي كليات الفنون، تحت إشراف الدكتورة نرمين مصطفى، أخصائية فنون أول بالمتحف. وقد عرض الطلاب نماذج مبتكرة للعرائس بوصفها جزءًا من الموروث الشعبي المصري المرتبط بالمولد النبوي.
كما نظَّم القسم التعليمي بالمتحف مجموعة من الورش الفنية للصغار والكبار، منها ورشة “الحصان والعروسة” التي قدمتها هبة عبد القادر وأسماء الهواري، وورشة “الأراجوز وعروسة المولد” التي ستُقام السبت، بالإضافة إلى ورشة “كولاج المولد” للفنانة علا المحمدي يوم الاثنين القادم. وقد أتاحت هذه الورش للزوار المشاركة في تصميم وتنفيذ مظاهر الاحتفال بالمولد مثل العروسة والحصان والأراجوز باستخدام خامات مختلفة ومتنوعة.
بهذا المزيج بين المعروضات الأثرية والأنشطة الفنية والتعليمية، يقدم المعرض الأثري “نور الهُدى” تجربة ثقافية وروحية متكاملة لزوار المتحف القومي للحضارة المصرية، تعكس عظمة السيرة النبوية وعمق محبة المسلمين للنبي صلى الله عليه وسلم عبر العصور.






