دخلت الحرب الإسرائيلية على غزة أمس مرحلة أكثر خطورة بعد توجيه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إنذارا صريحا لسكان المدينة بضرورة مغادرتها «فوراً»، وإصدار الجيش أمر إخلاء إلى جميع السكان والمتواجدين فى كل أحياء المدينة، وطالبهم بالتوجه عبر محور الرشيد للمنطقة الإنسانية فى المواصي.
وقال المتحدث العسكرى أفيخاى أدرعى فى منشور على «إكس» إن الجيش مصمم على الحسم وسيعمل فى منطقة مدينة غزة بقوة كبيرة، كما عمل فى مختلف أنحاء القطاع.
أوامر الإخلاء تأتى قبل أن يشن الجيش الإسرائيلى هجوما جديدا للسيطرة على أكبر مركز حضرى فى القطاع، فى إطار خطة تثير قلقا عالميا بشأن مصير القطاع بأكمله.
وفى وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن سلاح الجو دمر 50 برجاً سكنياً فى القطاع خلال اليومين الماضيين، مؤكداً أن ذلك «مجرد مقدمة» للعملية العسكرية الأوسع التى تستعد لها القوات الإسرائيلية. وأضاف موجهاً حديثه إلى سكان القطاع: « أقول لسكان غزة، استمعوا إلى جيداً: لقد حُذّرتم، اخرجوا من هناك.
وقال نتنياهو إنه لا خيار أمام إسرائيل سوى إكمال المهمة وهزيمة حماس لأنها ترفض إلقاء سلاحها. وتؤكد الحركة الفلسطينية أنها لن تتخلى عن سلاحها إلا فى حالة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
فى الوقت نفسه، وصفت مصادر فى غزة خطاب نتنياهو بأنه «الإنذار الأخير» للسكان، مشيراً إلى أن الإعلان صدر من غرفة عمليات سلاح الجو، ما يوحى بأن المرحلة الأولى من التصعيد ستعتمد على قصف جوى مكثف قبل بدء أى مناورة برية.
وأضافت المصادر أن استهداف الأبراج السكنية خلال الأيام الماضية ليس مجرد إجراء عسكري، بل يحمل رسالة مزدوجة: أولا للداخل الفلسطينى لتهيئة الرأى العام أمام عملية أوسع، وثانيا للمجتمع الإسرائيلى بعد عملية راموت لتبرير التوجه نحو مواجهة مفتوحة.
فى الوقت نفسه، تظاهر عشرات المشايخ والعلماء وسكان غزة فى مفترق السرايا، رفضا للتهجير والنزوح تزامنا مع إلقاء الاحتلال مناشير الإخلاء لسكانها تمهيدا لتدمير ما تبقى من المدينة. ورفع المتظاهرون أعلام فلسطين ولافتات تندد بصمت المجتمع الدولى إزاء الجرائم الإسرائيلية المتواصلة منذ عامين دون إيقاف حرب الإبادة.
وقال عدنان البرش مدير عام فى وزارة الصحة إن وزارته ترفض النزوح وترك مرضى القطاع دون مشاف. وأكد تمسّك الوزارة بالبقاء فى مدينة غزة رغم الأوضاع الإنسانية الكارثية والتصعيد العسكرى المستمر، مشددا على أن وزارة الصحة لن تغادر مواقعها الطبية أو تترك المرضى خلفها.وأوضح أن أكثر من 200 مريض يعتمدون على أجهزة التنفس الاصطناعي، إلى جانب عشرات الأطفال الخُدّج داخل الحاضنات، معرضون للموت فى حال أُجبر الطاقم الطبى على النزوح أو تم إخلاء المرافق الطبية. وحذر من أن أى عملية نزوح قسرية للكوادر الطبية قد تحول المستشفيات إلى «مقابر جماعية»، فى ظل انقطاع الكهرباء، ونقص الوقود، ونفاد الإمدادات الطبية.
فى سياق آخر، قال وزير الخارجية الإسرائيلى جدعون ساعر إن تل أبيب معنية بالتوصل لإنهاء حرب غزة وفق مقترح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب. جاء ذلك خلال لقاء «ساعر» برئيس الوزراء الكرواتى أندريه بلينكوفيتش فى العاصمة الكرواتية زغرب، حسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية.
على صعيد الأوضاع الميدانية، أعلنت وزارة الصحة فى غزة وصول 83 شهيداً و223 إصابة جديدة خلال 24ساعة الماضية، كما بلغ عدد ما وصل إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية من شهداء المساعدات 14شهيداً و37 إصابة، ليرتفع إجمالى شهداء لقمة العيش إلى 2,444 شهيداً وأكثر من 17,831 إصابة.كما سجّلت وزارة الصحة فى غزة خلال الـ24 ساعة الماضية 6حالات وفاة نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع إجمالى وفيات سوء التغذية إلى 399 شهيداً، من بينهم 140 طفلاً.
وفى الضفة الغربية، ذكرت محافظة القدس المحتلة بأن القوات الإسرائيلية تحاصر نحو 70 ألف مواطن فلسطيني، فى الضفة الغربية المحتلة، عبر مواصلة «عدوانها» على بلدات وقرى شمال غرب القدس.
وقالت محافظة القدس، فى بيان نشرته على صفحتها بمواقع التواصل إن «قوات الاحتلال تواصل اقتحام بلدة بدو، وتغلق مدخلها الرئيس (النفق) الواصل مع بلدة الجيب، ما أعاق حركة المواطنين ومنعهم من الدخول أو الخروج، علما أنه الطريق الرئيسى الوحيد لقرابة 70ألف مواطن فى المنطقة.
وأشارت المحافظة إلى أن «الاحتلال أعلن أنه سيبدأ بهدم بيوت منفذى «عملية راموت» قرب القدس أمس، حيث يجرى عملية مسح كبيرة فى المنطقة.
وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ومسؤولون إسرائيليون آخرون بتصعيد الأوضاع فى الضفة الغربية. وفرض الجيش الإسرائيلى طوقاً عسكرياً على أربع قُرى فى الضفة الغربية على خلفية هجوم راموت فى القدس، ونفّذ اقتحامات واسعة بعشرات الآليات طال قريتى قطنة والقبيبة.
كما أمر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس بفرض عقوبات مدنية على أقارب وسكان قرى منفذى هجوم القدس الليلة الماضية، الذى أسفر عن سقوط قتلى ومصابين. كما أمر «كاتس» بهدم أى مبان غير قانونية فى القري، وسحب 750 رخصة عمل وتصاريح دخول إلى إسرائيل، وذلك بناءً على توصية الجهاز الأمني، حسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية.