السماح بطرق «الحليج» يهدد آلاف الطيور الصغيرة
أثار القرار الوزارى رقم 242 لسنة 2025، الصادر عن وزارة البيئة مطلع سبتمبر الجارى، بشأن تنظيم وحظر الصيد فى عدد من المناطق الحساسة مثل بحيرة ناصر وعدد من المحميات الطبيعية، جدلاً واسعًا بين المتخصصين والمهتمين بالبيئة. فبينما اعتُبر خطوة جادة لمواجهة ظاهرة الصيد الجائر، إلا أن صياغته المثيرة للجدل وما شابها من ثغرات، تضع علامات استفهام كبيرة حول قدرته على تحقيق الهدف المنشود على أرض الواقع.
قال الدكتور خالد النوبى، المدير التنفيذى للجمعية المصرية لحماية الطبيعة، إن القرار الأخير يثير العديد من التساؤلات، ليس فقط لغموض صياغته، بل أيضًا لتضارب أهدافه. فبينما يُفترض أن الهدف هو حماية الطيور المهاجرة والأنواع المهددة، جاء القرار متداخلاً مع قضايا أخرى مثل إنفلونزا الطيور، بما يربك القارئ ويجعل الربط بين المرض وموسم الصيد غير واضح.
أشار النوبى إلى أن أبرز الثغرات تكمن فى عدم تحديد حصص أو أعداد مسموح بصيدها، مما يترك الباب مفتوحًا أمام استنزاف واسع للطيور. كما لفت إلى بعض البنود التى بدت وكأنها تخدم الصياد أكثر مما تحمى البيئة، مثل الاستثناءات الخاصة بالمسافة بين شباك صيد السمان والشاطئ، إضافة إلى السماح بطرق صيد سيئة مثل «الحليج» التى تُستخدم لاصطياد آلاف الطيور الصغيرة دفعة واحدة.
ورغم صدور القرار سنويًا، إلا أن التنفيذ على الأرض ظل ضعيفًا، باستثناء بعض المناطق مثل بحيرة ناصر والوادى الجديد التى شهدت نسب التزام أفضل بفضل تعاون المجتمع المدنى مع الأجهزة التنفيذية لكن فى مناطق أخرى يبقى القرار حبرًا على ورق.
من جانبه، اعتبر الدكتور عاطف كامل، خبير التنوع البيولوجى، أن القرار يُعد من أبرز الإجراءات الحكومية خلال السنوات الأخيرة لحماية الطيور المهاجرة، لكنه لا يمثل سوى بداية لمسار طويل يحتاج إلى التزام حكومى وشعبى مشترك. وأوضح أن بحيرة ناصر من أهم مناطق تجمع الطيور المقيمة والمهاجرة، لكن الصيد الجائر يمتد ليشمل البحيرات الشمالية والسواحل الشرقية، ما يستلزم منظومة حماية أشمل تغطى كامل مسارات الهجرة.
أكد كامل أن نجاح القرار يتوقف على تكثيف الرقابة، وتغليظ العقوبات بحق المخالفين، وايجاد بدائل اقتصادية للصيادين حتى لايتحول الحظر إلى عبء اجتماعى. كما شدد على أهمية التعاون مع المنظمات الدولية والدول المجاورة، لأن مسارات الطيور لا تتوقف عند حدود دولة واحدة، إلى جانب تعزيز الوعى المجتمعى ووقف تداول الطيور المهاجرة فى الأسواق.