و«ثياب الواعظين».. وصلاة الخسوف.. و«هان الود»..!
وبعيداً عن السياسة.. وفى إستراحة نلتقط فيها الأنفاس بعد أن أصابنا اليأس من قرب التوصل لاتفاق فى غزة يوقف المأساة الإنسانية.. وبعد أن أصبح العالم كله فى انتظار كلمة من ترامب تحدد مصير كل القضايا.. فإننا ننتقل إلى حوار من نوع آخر.. حوار يتعلق بحياتنا.. بالتغيير الذى طرأ على كيفية معالجة أمورنا اليومية.. نتحدث عن سوء الفهم الذى اعترانا لقيمة وأهمية السوشيال ميديا فى حياتنا وكيف تحوَّلت من نعمة إلى نقمة وكيف أصبحنا جميعاً جناة وضحايا فى الوقت نفسه لسوء استخدام السوشيال ميديا.
ونبدأ الحكاية.. حكاية الابتزاز بالفهلوة وتصعيد الأخطاء.. حكاية «الهبلة التى أمسكت بالطبلة» فأزعجتنا وأحالت حياتنا إلى فوضى وجحيم لا يطاق.. حكاية كل شخص أمسك «بالموبايل» وأصبحت مهمته وغايته فى الحياة هو تصوير ما يرى أنه قد يكون مادة «للتريند» يحقق من خلالها مصلحة أو تعود عليه أيضاً بالثراء.
والمريضة ذهبت إلى المستشفى.. مستشفى للرمد فى الجيزة ومعها أقاربها والطبيب قام بتوقيع الكشف الطبى عليها.. ومع السلامة.. والمريضة من جانبها لم ترض عن الطبيب ولا عن طريقة العلاج واعتبرت أن هناك تقصيراً وأن الطبيب لم يؤد عمله على الوجه الأكمل.. وأخرجت هاتفها وبدأت فى تصويره وهى تقسم «أنا ها أفضحك.. أنا ها أوريك».. والطبيب لم يجد ما يفعله إلا الاستعانة برجال الأمن والمريضة استعانت بأقاربها.. ونشبت مشاجرة سقط فيها جرحى ومصابين..!
وما حدث هو الفوضى فى قمة مراحلها، هو الانفلات فى أبشع صوره.. هو نوع من الابتزاز والإرهاب.. هو ما يحدث فى كل مكان الآن.. وحيث تصوير الأشخاص والوقائع مباح ومستباح.. وحيث سمعة الجميع على المحك.. صورة واحدة على السوشيال ميديا وتعليقات لمن يعرف ومن لا يعرف وإدانة جاهزة مسبقة.. واغتيال معنوى فى جريمة متكاملة الأركان.. والأيدى المرتعشة ستكون فى كل مكان مادام الموبايل يحكم ويتحكم.. وهو صاحب القرار.. أزمة ما بعدها أزمة.. وفوضى ما بعدها فوضى..!
> > >
وزمان كان الابتزاز أرحم وأقل ضرراً.. فسائق الأجرة عندما كان يريد إصلاح سيارته القديمة كان يذهب بها للأحياء الراقية ويتعمد الاصطدام بالسيارات الفاخرة «لأبناء الذوات» من المدلعين.. وتأتى الأم أو يأتى الأب.. وتجنبا للمحاضر والقضايا ولتجمهر الناس التى تساند المسكين صاحب السيارة الأجرة الذى سيتوقف عن العمل ويتم سداد التعويض السخى للسائق الذى ينصرف شاكراً حامداً سعيداً..!
والآن تغير الحال.. فبدلاً من ابتزاز سائق الأجرة.. هناك ابتزاز إلكترونى للنجوم والمشاهير ورجال الأعمال.. إدفع بالتى هى أحسن وإلا فإن فضائحك سوف تصبح على الملأ.. وإذا لم يكن لك فضائح فنحن سوف نوجدها لك.. فلا أحد بلا خطيئة.. ولا أحد بلا أخطاء.. وسمعتك أهم من المال.. و«هنسلط عليك واد يوريك النجوم فى عز الضهر»..!!
> > >
ويذكرنى معظم الذين يتحدثون عن الشرف والفضيلة.. الذين يحاضروننا فى الالتزام والوطنية.. حملة الشعارات والمزايدات بالقصيدة الرائعة لأمير الشعراء أحمد شوقى بعنوان «ثياب الواعظين».. والتى فيها يقول.. برز التعلب يوماً فى ثياب الواعظين، فمشى فى الأرض يهذى ويسب الماكرينا ويقول الحمد لله إله العالمينا.. يا عباد الله توبوا فهو كهف التائبينا وإزهدوا فى الطير إن العيش عيش الزاهدينا.. واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا.. فأتى الديك رسول من إمام الناسكينا عرض الأمر عليه وهو يرجو أن يلينا.. فأجاب الديك عذراً يا أضل المهتدينا.. بلغ الثعلب عن جدودى الصالحينا.. أنهم قالوا وخير القول قول العارفينا.. مخطئ من ظن يوماً أن للثعلب دينا..!
> > >
وانتقد أحدهم قرار وزارة الأوقاف بإقامة صلاة الخسوف قائلاً «بتغرقونا فى الدروشة»..!
ويا سيدى الفاضل.. إذا كانت الدروشة تجلب الهدوء والسكينة والاستقرار النفسى فما العيب فيها وما الخطر منها..!
ويا سيدى.. اتركونا لما تعتقدون أنه أوهام وخزعبلات وخرافات.. فهى زادنا فى الحياة ووسيلتنا للصبر والتحمل والبقاء..!
يا سيدى.. تريدون أن تقضوا على الروحانيات وتعيشوا فى الماديات.. هذا شأنكم ولكن لا تنقضوا علينا انقضاضاً للتشكيك فى كل شىء وهدم كل شىء نعتقد أن يقربنا إلى الله.. يمنحنا السلام مع أنفسنا حتى لو بصلاة «الخسوف» ولن ندعو عليكم بأن «يخسف» ربنا بيكم الأرض!! فقط ابتعدوا عنا..!
> > >
وكتب إليَّ يقول.. إلى أيامى المتبقية مرى بسلام.. أنا لا أطلب فرحاً ولا حتى أمل.. فقط مرى بهدوء، أنا لم أعد ذاك الشخص الذى يقف كلما سقط، السقوط الآن يرهقنى والوقوف أصبح مؤلماً أكثر.. فإذا كان لابد من المرور فمرى بخفة بلا ألم، كونى لطيفا بى، فأنا أقاوم منذ زمن طويل ولم يتبق إلا بقايا إنسان.. يحلم بالسكينة.
وقرأت ما كتبه.. واكتفيت بالبكاء.
> > >
ونضحك.. وواحدة خلصت كلام بالتليفون.. قال لها زوجها غريبة.. هذه المرة بس نص ساعة؟ قالت: لا.. هذه واحدة غلطانة بالرقم..!
> > >
وغنى يا عبدالوهاب.. وقول يا رامى.. وقالوا لى هان الود عليه ونسيك وفات قلبك وحدانى، رديت وقلت بتشمتوا ليه هو افتكرنى عشان ينسانى.. أنا باحبه وأراعى وده إن كان فى قربه ولا فى بُعده، وأفضل أمنى الروح برضاه ألقاه جفانى وزاد حرمانى.. هو اللى حالى كده وياه كان افتكرنى عشان ينسانى..!! خلونى أحبه على هوايا وأشوف فى حبه سعدى وشقايا، ده مهما طول شوقى إليه وزاد هجره وبكانى بكره يعز الود عليه ويفتكرنى عشان ينسانى..!
ويا عبدالوهاب.. يا أسطورة.. هنفتكرك ولن ننساك..!
> > >
وأخيراً:
>> من يحبك لا يخذلك، لا يبكيك، لا يتركك وحيداً حتى لا يكسرك.
> > >
>> وفى كل إنسان تعرفه.. إنسان لا تعرفه.
> > >
ورب لا تحرمنى خير ما عندك
بسوء ما عندى فأنت الغفور الرحيم.