أفواج الشباب تعود بعد غياب 9 سنوات
صديق ذكريات الطفولة.. ذاكرة مواطن.. رسالة عمرها 87 عامًا
الزوار: ترحيب رائع.. يحتاج أساليب عرض تفاعلية والتوعية بالمكان
بعد سنوات من الإغلاق والانسحاب.. عاد بقوة لخريطة اهتمام الشباب بالمتحف الزراعى بالدقى أحد أكبر وأقدم المتاحف الزراعية فى العالم.
فكر فى إنشائه الملك فؤاد الأول بقصر الأميرة فاطمة إسماعيل الشاسع وافتتحه الملك فاروق منذ 87 عاما كأول متحف متخصص بالزراعة فى الشرق الأوسط ،ومرجعا يحكى تاريخنا الزراعى العريق الذى يمتد منذ قدماء المصريين وحتى عصر التكنولوجيا والثورة الرقمية.
يمتد المتحف على مساحة تزيد عن 30فداناً، يعرض بأسلوب المتاحف المتخصصة فى مبانى مستقلة وحاليا الافتتاح التجريبى بالدخول مجانا للجميع حتى أخر أغسطس ليروى ظمأ أجيال منها من تربى على المتحف فى الزيارات الأسرية والرحلات المدرسية ويتصدرهم الشباب بمزيج من الفضول وحب الاستطلاع ويضم إلى رصيده الثقافى الكثير..
أصدقاء «يالا شباب» محمد هارون ومنى أحمد سعد زارا المتحف ورصدا انطباعات الشباب عن المكان بعد التجديدات والترحيب بصرح حضارى وإنجاز كبير.
مبانى وقاعات
فى الدقى فى قلب الجيزة وليس بعيدا عن مقر وزارة الزراعة يقع المتحف الزراعى قريبا من الجامعة والمدارس حيث ارتبطت به الأجيال.. عند دخولك من البوابة يستقبلك على يمينك المبنى الأول (متحف المقتنيات التراثية) أو قصر الأميرة فاطمة إسماعيل حيث قاعات متنوعة تتوزع على طابقين تضم تماثيل ولوحات فنية ترتبط بالزراعة ويلاحظ أن أغلب التماثيل منحوتة من الجص أى ليست بعيدة عن التربة المصرية وهناك نماذج لأعمال محمود مختار بطلتها الفلاحة المصرية كما نشاهد البوابة الأصلية للقصر من الأرابيسك
فى الطابق الثانى نعرف المزيد عن حياة الأميرة الداعمة للتعليم والتى تبرعت بأرض جامعة القاهرة حيث صالونها الكبير والأثاث الذى يغلب عليه الطابع العربى واللوحات المعبرة عن ذوق راق ومن اللوحات الموجودة تستوقفنا أعمال الفنانين محمود سعيد وعلى الأهوانى
غادرنا المكان إلى قليل من المشى قرب البوابة الأخرى وعلى اليسار متحف الصداقة المصرية الصينية ومعلومات مهمة عن الصين من حيث التعليم والسكان ومعروضات من صور فوتغرافية وأوانى الخزف الصينى وهدايا
فى مواجهته متحف القطن من دورين ويتناول أنواع القطن وأصنافها والخيوط وأماكن ومراحل زراعته ثم تصنيعه والآلات المستخدمة وأيضا نماذج من أقطان الدول الأخرى وتخرج من المكان موقنا بتفوق القطن المصرى وسبب سمعته المشهود لها فى العالم.
إذا واصلنا المشى فى نفس الاتجاه ستقابلنا المكتبة ثم قاعة السينما أن نصل لمتحف خاص عن الزراعة المصرية القديمة مصمم على شكل معبد فرعونى وأمامه نافورة وحولها أشجار فاكهة ونباتات عطرية تستحق المزيد من الاهتمام والعناية.. المتحف الفرعونى هو الأكثر اهتماما من قبل الأجانب يتضح ذلك فى تقسيمه ومعروضاته وقاعاته المكيفة.. هنا تتعرف فى دورين على قصة بداية الزراعة فى وادى النيل وتشاهد الأدوات القديمة من المحراث والشادوف والمنجل ونماذج الحبوب والنباتات وجداريات تمثل مراحل الزراعة من الرى حتى الحصاد وأيضا أنواع الطيور والحيوانات والماشية التى اعتمد عليها الفلاح المصرى القديم من هياكل عظيمة أو محنطات.
نعبر إلى الجهة المقابلة يقابلنا متحف مجموعات الثروة النباتية ويعمل حاليا الطابق الأول وبه عرض ثرى لمحاصيل مصر المتنوعة وبينها القمح والشعير والدرة والأرز ونماذج من المزروعات ومراحل الزراعة ودخولها فى كثير من الصناعات مع ركن متميز للعيش المصرى ونماذج من أسمائه وأشكاله بالمحافظات من الفينو إلى الشمسى ومن البلدى إلى الشامى وكيف يختلف شكله وصناعته.. قسم مثير للاهتمام والتأمل ويستحق ربما متحفه الخاص ونقترح أن يتفاعل معه الزائر بالتذوق وليس فقط المشاهدة.
متحف للجميع
فى نفس الاتجاه ننطلق لسادس المتاحف المتخصصة وأكبرها (متحف المجموعات العلمية) أو متحف فؤاد الأول الزراعى وتركز قاعته الرئيسية على مصر بعد الثورة وقانون الإصلاح الزراعى والقناطر والسدود وأهميتها للزراعة وخطط مصر ومحاصيلها ويمتد لتوثيق الحياة الشعبية فى الريف من المهن والحرف بنماذج مجسمة لصناع الخيام والزجاج والفخار وغيرهم.. والملابس التراثية لسيدات مصر فى المحافظات وصور من الحياة اليومية مثل الزفة والمقهى وبيت مستقل يمثل بيت العروسة بتجهيزات ليلة الزفاف من معازيم وأسرة.
هذا المتحف هو المكان المفضل للزوار الأطفال بنماذجه المجسمة ودوره الثانى المخصوص للحياة البرية والبحرية من طيور وحيوانات وأسماك وحشرات بنماذج محنطة وصور تعليمية وجزء مخصص للماشية وحيوانات الحقل.
بين المتحفين نصادف ما يشبه الممر لا تنسى السؤال عنه لزيارة متحف أصغر هو البهو العربى السورى وافتتح فى يوليو 1961 احتفالا بالوحدة المصرية السورية حيث يستضيف فنونها وحرفها وأزياءها ومحاصيلها ولا يقتصر على سوريا وحدها بل يشمل أيضا الأردن وفلسطين والعراق ولبنان وكأنه يحتفى بثقافة وتراث الشام. يتميز المتحف بتنوع زواره لاسيما الشباب يأتون مع أسرهم ليستعيدوا مشاعر النوستالجيا بعد زيارته أطفالا قد كبروا الآن والتحقوا بثانوى أو الجامعة ومنهم من كون أسرته ويحرص على تعريف الأبناء بتراث مصر الزراعى الثرى فضلا عن رحلات مدرسية ومن نواد وجمعيات.
الموظفون يبتسمون فى وجوه الزوار ويحرصون على التعرف عن ملاحظاتهم ويبدو عليهم السعادة بعودة النشاط إلى المكان.
سألنا الشباب عن انطباعاتهم واقتراحاتهم لتجديد شباب المتحف العريق..
قصة الأرض
إيمان عبدالله -ليسانس آداب:
أتذكر زيارتى المتحف وأنا صغيرة قبل إغلاقه وكانت خروجة مع العائلة لم أكن بكامل تركيزى أو إدراكى لقيمة المكان وقتها. والآن بعد نحو 9 سنوات من الإغلاق، التجربة مختلفة: المعروضات أوضح، القاعات أفضل.. وأنا مستوعبة أهمية المتحف، ليس فقط تاريخيا بل لأنه يربطنا بأصلنا وحضارتنا الزراعية.
وأكثر متاحفه التى أعجبتنى قاعة الزراعة المصرية القديمة، شعرت أنى أشاهد قصة المصرى مع الأرض خطوة بخطوة، من البذرة إلى الثمرة..
خبر سعيد
هاجر أحمد- إعلام عين شمس:
عودة المتحف خبر سعيد ولأننى أهوى التصوير سارعت بالكاميرا لتوثيق الحدث بالصور. من أول دخولى شعرت أن المكان عادت له الحياة، القاعات واسعة والمعروضات متنوعة والتفاصيل كثيرة تستحق التصوير والمتحف يؤكد أنه مساحة للفن والإبداع. . أكثر ما أعجبنى كل ما يخص التراث الشعبى فى متحف المجموعات العلمية:قاعة كاملة نشاهد فيها عاداتنا وتقاليدنا وأزياءنا مجسدة بشكل جميل.
مجموعة متاحف
أحمد حسن طالب بكلية الآثار:
كنت أنتظر عودة المتحف على أحر من الجمر ليس فقط بحكم الذكريات ولكن لأن دراستى تجعلنى اليوم أكثر تفاعلا معه.. متحف فريد من نوعه.. عبارة عن مجموعة متاحف مكان مهم لطلاب يدرسون التاريخ والحضارة، يحول الدراسة من كلام مكتوب إلى نماذج نشاهدها وبالطبع الأقرب لقلبى متحف الزراعة المصرية القديمة، لأنه يظهر عبقرية المصرى القديم فى التعامل مع الأرض، والأدوات التى استخدمها وسبق بها العالم كله. فالحضارة المصرية ليست فقط أهرامات ومعابد، لكنها أيضا زراعة قامت عليها حياة الناس
معلومات جديدة
ندى تامر-معيدة بكلية الهندسة:
هذه زيارتى الثانية منذ الافتتاح.. جئت مع والدتي.. فى الزيارة الأولى فاتتنى رؤية الكثير من الأماكن ووجدتنى هذه المرة أتوقف أمام متحف المجموعات العلمية بانبهار حيث تنوع البيئة فى مصر فى البر والبحر والجو ونماذج من الطيور والحيوانات والأسماك والحشرات متنوعة ومبهرة وليست بعيدة عن الزراعة
وتعرفت للمرة الأولى على إنجاز ثورة يوليو الإصلاح الزراعى وتزودت بمعلومات يجهلها الكثير من الشباب
المزيد من التفاعل
جورج سامح -الفرقة الرابعة-تربية حلوان:
جئت مع أسرتى وزرنا متاحف القطن والمجموعات العلمية وقصر الأميرة فاطمة.. كدارس تربية انبهرت بالدور الأول بمتحف فؤاد وتعرفت على أسماء ومعلومات عن القنوات الزراعية ومعلومات كثيرة ندرسها بالمدارس والجامعات تخرج من الحفظ والتلقين إلى التطبيق ولكنى كمدرس فى المستقبل سيتعامل مع أجيال جديدة من الطلاب أتمنى أن يكون أسلوب العرض أكثر اعتمادا على التقنيات الجذابة والأنشطة التفاعلية بالبعد الثلاثى التى تخاطب أطفال اليوم المبهورين بالذكاء الاصطناعى وأيضا أدعو إلى مراجعة المعلومات القديمة فى المعروضات وتحديثها إلى مصر الزراعية اليوم.
نحو المستقبل
حنين عطية- ثالثة ثانوى -علمى علوم:
سعدت جدا بالقاعات القريبة من دراستى وأعجبت بأدوات المعامل والتعرف على الحيوانات والنباتات وأعتقد أن متحف المجموعات العلمية هو الأكثر إبهارا وشعرت فيه أن خطوات المستقبل أكثر وضوحا حيث أنوى الالتحاق بالعلوم أو كلية الزراعة ولذلك أعتقد أن علاقتى مع المتحف ستتجدد وتتعمق
الدعاية مطلوبة
وبالنسبة للصديقات الثلاثة فيروز محمد -جنات محمود-ملك حازم فالأمر أكثر من نوستالجيا.. الأكبر تدرس الفنون التطبيقية وبينما الأصغرفى الثانوية العامة.. يتذكرن تفاصيل من زيارة الطفولة وسعيدات لاحتفاظ المعروضات بنكهتها آنذاك وأن تطورت المبانى بالتجديد والترميم.. فنانة الشلة تدرس فى قسم زجاج لذلك توقفت أمام تفاصيل الزجاج المعشق والموزاييك فى الشرفات والأسقف وشرحت لصديقاتها عمل صانع الزجاج عندما شاهدن المجسم بمتحف فؤاد ويؤكدن أن المكان بحاجة إلى مزيد من الدعاية عبر السوشيال ميديا ليزوره الشباب ويتعرفوا على جانب جديد وأصيل من الحضارة المصرية
رحلة علمية
ومن الأمهات الشابات جاءت ولاء خليل -موظفة-مع بناتها ريفان 7سنوات-وإيمان 11 سنة- فى أول خروجة عائلية لمتحف بعيدا عن الأماكن الترفيهية والتجربة إيجابية لذلك تفكر الأم فى تكرارها فى الوقت المتبقى من إجازة الصيف .. الابنة الصغيرة انبهرت بالمحنطات بينما الكبيرة شاهدت ما درسته من قبل عن العصر الحجرى القديم والحديث وأدوات الصيد والزراعة وحرصت الأم على شرح زراعة القطن متحمسة لمثل هذه الرحلات العلمية التى تربط التعليم بالحضارة
ملاحظات مهمة
ونختتم بريمون أشرف -ثانوية عامة الذى انبهر باتساع المكان لكنه نبه لعدم وجود لافتات إرشادية تشير للمتاحف المفتوحة والاعتماد على سؤال العاملين أو العابرين.. ويصف المكان بالمثالى للخروجات العائلية خصوصا مع قدوم الشتاء ويلفت أن ضعف المراوح والتكييف أو تعطلها فى كثير من القاعات بما لا يتناسب مع حرارة الصيف ولا يخفف من الأمر سوى التهوية الطبيعية بحكم التصميم المعمارى القديم.
غادرنا المتحف الزراعى وبداخلنا شعور أنه ليس مجرد مبنى يضم معروضات قديمة بل هو ذاكرة الأمة الزراعية، ودليل متجدد على أن مصر مهد الزراعة فى العالم.. .عندما تزوره بتنوع قاعاته تعود برحلة عبر الزمن تشعرك بالقرب والفخر بالفلاح المصرى -عبر العصور-زرع وحصد وصنع حضارة على ضفاف النيل.
