الثقافة وعى وتقوية انتماء وتأكيد هوية

أكد السفير رضا الطايفى مدير صندوق مكتبات مصر العامة أن الثقافة تلعب دورًا محوريًا فى تنمية الوعى وترسيخ مفاهيم الوطنية والقومية لدى الأطفال والشباب وتحميهم من الوقوع فريسة فى يد التيارات المتطرفة والإرهابية مثل الإخوان والعناصر التخريبية، موضحا فى حواره مع «الجمهورية» أن المكتبات العامة تسهم فى تحقيق التنمية الثقافية.
أضاف الطايفى أن مكتبات مصر العامة سواء كانت الثابتة أو المتنقلة بقوافلها المنتشرة فى ربوع وأقاصى الصعيد والمناطق النائية تعتبر رافدًا مهمًا من روافد التنمية الثقافية، مشددا على أن وسائل التواصل الاجتماعى رغم كونها العدو اللدود للمكتبات إلا أنها نجحت فى جذب الطفل للمكتبات العامة من خلال تطوير المنظومة وإدخال الكتاب الإلكتروني، مشيرا إلى أن الثقافة من القوى الناعمة التى تعد أداة من أدوات الدبلوماسية الشعبية التى تكمل الدبلوماسية الرسمية.
>مازال الجميع يتساءل ما أهمية الثقافة فى العصر الرقمي؟
>>الثقافة بالغة الأهمية فى تنمية الوعى وتعميق وتقوية الانتماء الوطنى وتأكيد الهوية المصرية والثوابت الحضارية التاريخية، بل والدينية لهذا الوطن، وتنمية الثقافة لدى الأجيال القادمة سبيل لتحصين المواطن ضد أى أفكار واردة من الخارج، والمعادية، والمغرضة، وتُحَصِنُّ الأطفال والشباب بما تغرسه الثقافة من قيم ومبادئ، ولا شك أن تربية النشء على القيم والأخلاق والثوابت والعقيدة دور محورى للثقافة، ومكتبات مصر العامة رافد مهم من روافد التنمية الثقافية، والتنشئة الاجتماعية أيضًا.
> تحقيق ذلك ممكن فى القاهرة بسهولة لكن ماذا عن الأماكن النائية وأقاصى الصعيد؟
>> حينما طُرحت مبادرة حياة كريمة، وكان من أهم أولوياتها إنشاء بيئة ثقافية، ولو مكتبة صغيرة بكل قرية، وحتى يتم إدارة الانفاق بين عدد من المشاريع المهمة جاءت فكرة إقامة المكتبات المتنقلة، ونجحت التجربةوتم تغطية 82 ٪ من مراكز المحافظــات التى بها مكتبــات مصـــر العـــامة، و48 ٪ من قرى هذه المحافظات، وكذلك المحافظات الحدودية، ويكفى ان تعلم ان عدد المترددين على المكتبات المتنقلة بلغ مليون قارئ، علاوة على إقامة القوافل الثقافية بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة للتوعية بمخاطر القضية السكانية، والصحة الإنجابية، وقوافل وزارات: الأوقاف، والشباب والرياضة، والصحة، فالمكتبات المتنقلة ليست قراءة فحسب، بل قوافل ثقافة متنوعة ومتعددة الأغراض من استعارة كتب، وورش حكي، واكتشاف وتنمية مواهب، مما يجعل وظيفة المكتبة المتنقلة تقترب لحد كبير من المكتبة الثابتة، ونحن لم نقتصر على مبادرة حياة كريمة بل نتداخل مع مختلف مبادرات الدولة مثل مشروع بشائر الخير، حرصا على تحقيق مفهوم العدالة الثقافية التوزيعية،كما نعمل على تطبيق منهج المؤسسية فى تقديم الثقافة من خلال انشاء مؤسسات ثقافية متكاملة وفعالة تتبع وزارة الثقافة.
> كم عدد المكتبات الثابتة والمتنقلة؟
>> المكتبات الثابتة وصلت 30 مكتبة منتشرة بـ 18 محافظة على مستوى الجمهورية و24 مكتبة متنقلة وجميع هذه المكتبات تتبع منظومة مكتبات مصر العامة ونسعى للوصول لباقى المحافظات، ونحرص على إنشاء مكتبة تابعة لمكتبات مصر العامة فى باقى المحافظات المحرومة وعددها 9 محافظات: «الفيوم، وبنى سويف وسوهاج، والسويس، وكفر الشيخ، والغربية، والإسكندرية، وشمال وجنوب سيناء».



>ولماذا تأخر إنشاء مكتبات عامة فى تلك المحافظات؟
>> هناك عدة أسباب أبرزها أولويات التمويل، فهناك خطة شاملة للتوسع فى منظومة مكتبات مصر العامة، وجارى الموافقة على إنشاء 4مكتبات جديدة بمحافظات: بنى سويف، وشمال سيناء، والسويس، والإسكندرية.
>هل مكتبة الإسكندرية العالمية تعتبر سبباً فى عدم وجود مكتبة مصر العامة بالإسكندرية حتى الآن؟
>> مكتبة الإسكندرية لها خصوصيتها، ولها دورها فى نشر الثقافة والفكر التنويرى ولها مكانتها العالمية، وأنشطتها الخاصة، وهى ليست مكتبة عامة تقدم لروادها إعارة واستعارة خارجية للكتب، أما منظومة مكتبات مصر العامة فهى تقدم فى المرة الواحدة لعضو المكتبة (5) كتب يمكن استعارتهم لمدة (15) يوماً، وتجدد لنفس المدة إذا اقتضى الأمر، ودورنا مُكَمِّل لمكتبة الإسكندرية، فمحافظة الإسكندرية تحتاج أكثر من مكتبة عامة ثابتة فى الحقيقة، وحصلنا على الوعد من محافظ الإسكندرية بإنشاء عدد من مكتبات مصر العامة، وجارى الآن رفع كفاءة مبنى منطقة سيدى جابر حتى يكون مكتبة ثابتة بالإسكندرية.

>كم تكلفة انشاء مكتبة عامة؟
>> تترواح ما بين 3 – 5 ملايين جنيه فى حالة وجود مبنى ويتم رفع كفاءته وتجهيزه أما بناء مكتبة من جديد على مساحة 3000 – 4000 متر، فإن إجمالى التكلفة من 60 – 80 مليون جنيه، وأتوقع فى موازنة العام المالى الجديد الموافقة على إنشاء مكتبتين، ضمن المستهدف بإنشاء 12 مكتبة جديدة، وذلك على مراحل، لكى يتم تأدية دور منظومة مكتبات مصر من خلال المكتبات الثابتة والمتنقلة، وهناك تعاون وتنسيق بين صندوق مكتبات مصر العامة، والمحافظات، لأن الصندوق يتقدم للمحافظة وإذا تمت الموافقة يتم تخصيص أرض لها، والصندوق يتفقد الأرض المطروحة للوقوف على مدى مناسبتها لإنشاء مكتبة وإذا كانت مناسبة يتم عمل دراسة جدوى للمشروع ومقايسة تكلفة وتوجه لوزارة التخطيط، ثم البدء فى البناء، فور الانتهاء من الإنشاء يقوم صندوق مكتبات مصر العامة بتدريب الكوادر التى ستعمل فى المكتبة، وهى منظومة مستمرة ومستدامة داخل منظومة مكتبات مصر العامة وسر من أسرار نجاحها ، حيث يتم تنظيم 4 دورات سنويًا، والتى تقدم فى الغالب فى الفرع الرئيسى لمكتبات مصر العامة.

>كيف يتم الاشتراك بالمكتبات؟
>> من خلال فروعها والاشتراك رمزى يبدأ من 20 جنيهاً للفرد و60 جنيهاً للأسرة سنويًا، حيث تقدم الثقافة للمواطن بأقل تكلفة ممكنة، كما أن هناك دورات وورش عمل تقدم مجانًا، بهدف جذب الأطفال والشباب واحتضان من تم اختطافهم وعودتهم للفكر المستنير وإعدادهم للمستقبل الرقمى بحيث يكونون قادرين على المنافسة إذا سافروا أى دولة أخري، مما يجعلهم قادرين على مواجهة الغزو الفكرى وتفنيد ضلال العولمة وما تحمله من عادات وتقاليد لا تناسب مجتمعنا الشرقي، وهذا فى إطار محاور مصر الثقافية ورؤية مصر 2030.
>هل هناك فئة معينة تتردد على مكتبات مصر العامة.. وهل البنات أكثر أم البنين؟
>>البنات أكثر إقبالاً فى التردد على مكتبات مصر العامة، والمواهب مشتركة بين الجنسين، كما أن هناك ورشاً للحرف اليدوية والتراثية التى انقرضت تناسب السيدات اللاتى تصطحبن أولادهن كلاً حسب تراث محافظته، مع إقامة معارض مجانية لمنتجاتهن لبيعها للجمهور، وكذلك نقدم الجديد من المبادرات الشبابية مثل «جيل واعى وطن أقوي» جيل مثقف محصن بمبادئ وطنه سيكون جيلاً قوياً قادراً على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المحيطة بالداخل والخارج، ومصر قوية فتية بثوابت شبابها الواعد.
>كيف يتم جذب الشباب والأطفال إلى المكتبات فى ظل صخب التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي؟
>> مما لا شك فيه أن أدوات التواصل الاجتماعى والهواتف المحمولة والأجهزة الرقمية، تمثل منافساً حقيقياً للكتاب، ورغبة فى جذب كثير من الأطفال والشباب نسعى إلى تقديم كتاب على أعلى وأحدث مستوى من الطباعة والفكر، وتغذية مكتبات مصر العامة بكتب مقروءة ومسموعة، حيث يقوم الطفل بعد قراءة القصة بمسح «RQ»يتحول الكتاب من مقروء لمسموع ويتم اختيار اللغة عربية أو إنجليزية التقليدية، وأيضًا يتم اختيار اللهجة أمريكية مثلًا، وهذا هو الاتجاه نحو هذه النوعية من الكتب أى الانتقال للرقمنة الثقافية، ونريد عودة الأجيال للمكتبة من خلال تحديث المحتوي، بتقديم ورش عمل فى الرسم، الموسيقي، التمثيل، الرقص الفلكلوري، ودورات فى الخط العربى التى تقدم مجانًا بناءً على توجيهات القيادة السياسية والعديد من الأنشطة الأخري، التى من خلالها يتم اكتشاف مهارات و قدرات الأطفال للعمل على تنميتها وهذا يخلق نوعاً من المنافسة مع زملائهم من خلال تقديم مسابقات، كما أن كل مكتبة بها فرقة للتمثيل وفرق موسيقية تشارك الآن فى مهرجان العلمين وكذلك مسرح الأوبرا، كما أن هناك دورات لغات تقدم مجانًا مثل دورات اللغة الكورية، الصينية واليابانية، بجانب الدورات الأخرى الإنجليزية والفرنسية بالتعاون مع سفارات الدول بمصر، كما يتم تقديم دورات متقدمة فى الحاسب الآلى والرقمنة، من خلال نوادى تكنولوجيا ومعلومات واتصالات ، ومعامل للحاسب الآلى للتدريب على شبكات البرمجة والرخصة الدولية للقيادة.

>كيف ترى مخططات الفوضى الإخوانية وكيف ننجح نحن فى مواجهتها؟
>>للأسف الإخوان نجحوا فى مخططهم خلال أحداث 2011 نتيجة وجود فراغ فكرى وثقافى لدى الشباب فى تلك الفترة، تم استغلاله أما الآن فالدولة انتبهت جيداً وتعاملت بشكل قوى لمواجهة الفكر المتطرف وأعطت مساحة كبيرة للثقافة والتنوير وبناء الوعى ونجحت بالفعل فى التصدى لهذا الفكر الهدام، وعلى سبيل المثال فمنظومة مكتبات مصر العامة قامت بملء هذا الفراغ بفكر المواطنة وعظمة وقدرات الدولة على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية ومع ذلك نتبنى العديد من المشروعات القومية، وزرع القيم المجتمعية، ونواجه باحتواء الأجيال من خلال الأنشطة التنويرية والمعرفية، وجذبه بالثورة المعلوماتية والذكاء الاصطناعى وتعريفه بوطنه وأن نزرع بداخله حب الوطن والانتماء والمواطنة والتعرف على التاريخ، فمصر صنعت التاريخ من غير تطرف أو عنف مع الاستعانة بدور العبادة وكبار علماء الأزهر الشريف والأوقاف والكنيسة فى عقد ندوات توعوية، وتعريفهم بنشأة هذه الجماعة الإرهابية ومن يدعمها ويمولها ومخططهم ، فهل يعقل أن يقول مرشدهم على وطننا «ما الوطن إلا حفنة من التراب العفن».
>ما هى المشاكل والتحديات التى تواجه نشر الثقافة المصرية؟
>>لا توجد تحديات أمام نشر الثقافة ولكن تحديات تواجهها الثقافة وأهمها نشر أفكار هدامة من قبل جهات ودول معادية، حيث إن محاربة فكر متغلغل بهذه القوة، يستلزم أن يكون لديك قدرة على الإقناع بحجة أقوى من حجته، وهذا يتأتى بنشر اكبر عدد ممكن من مكتبات مصر العامة بربوع مصر، للتصدى لمثل هذه التيارات المعادية وهنا نحتاج زيادة ميزانية وزارة الثقافة حتى تتمكن مؤسساتها من تأدية دورها على أكمل وجه وأكبر رقعة من أرض الوطن والوصول لقرى ونجوع الصعيد، والتغلب على هذا التحدى يأتى من خلال المشاركة المجتمعية لرجال الأعمال وتم ذلك فى مرسى علم وإحدى قرى الدقهلية بتوفير قطع أراض أو رفع كفاءة مبانِ.
>كيف ترون العلاقة بين القوى الناعمة المصرية وبين العمل الدبلوماسي؟
>>علاقة ضرورية وحتمية، فالقوى الناعمة أداة من أدوات الدبلوماسى التى يجب أن يتسلح بها، وعليه أن يوظفها ويفعلها لخدمة ومصلحة دولته ووطنه، فهناك العديد من الأساليب لتحقيق أهداف الدولة الوطنية، منها الدبلوماسية الناعمة، وما أكثر ما تتمتع به مصر من قوى ناعمة وثراء ثقافي، فمصر لديها التاريخ بآثاره العظيمة، فنونه وتراثه، اللهجة المصرية الجميلة التى قربت العديد من الشعوب العربية، مثل حفلات كوكب الشرق التى كانت كفيلة أن توحد الشعوب العربية، الفن والأفلام المصرية، الفلكلور المصري، وكنت حريصا على إقامة معارض للفنون التشكيلية بكل دولة اعمل فيها، بمشاركة عدد من الفرق الفنية لإقامة عروض فلكلور مصرى أصيل، فتظل القوى الناعمة أهم أداة للدبلوماسى فى أداء وظيفته، ولن ينجح دون توظيف قوى بلاده الناعمة فى تحقيق أهدافها وتنمية العلاقات الشعبية ويطلق عليها الدبلوماسية العامة.
>هل ترون أن الدبلوماسية الشعبية قادرة على لعب دور مكمل للدبلوماسية الرسمية؟
>>بالطبع الدبلوماسية العامة أو الشعبية مكملة للدبلوماسية الرسمية التى لها قواعد وقيود بالفنون والآداب، التى تساعد على تذويب الفوارق والقيود الرسمية، فكلما كان المدخل شعبياً وبسيطاً كلما كان مقبولا ومفهومًا، ولذلك نجد العديد من الدول تهتم بذلك، فدولة مثل كوريا الجنوبية تهتم بفنونها والدراما الخاصة بها وتروج لها الزى الكوري، وكذلك الطعام، فالصناعات الثقافية والدبلوماسية الشعبية من أوجه الدبلوماسية المصرية ونعمل على توظيف ذلك فى التعامل مع دولة المقر.
>فى رأيكم.. ما هى أغرب دولة من حيث العادات والتقاليد؟
>>أغرب دولة عملت فيها كانت كوريا الشمالية، لعدم وجود دور عبادة لا جامع، ولا كنسية ولا حتى معبد بوذي، رغم انتشار البوذية فيها وفى المنطقة حولها، وغير مسموح الاحتكاك بالمواطن الكورى الشمالي، وهو أيضًا غير مسموح له، علاوة على عامل اللغة لأنهم لا يتحدثون إلا كوري، تجد نفسك فى مجتمع منعزل عن الأجانب بها وعن العالم الخارجي، فكان هناك نوع من الغرابة فى هذا المجتمع لأنهم يعيشون فى الجنة حسب فكرهم، فهو مجتمع يصعب اختراق لغته، عاداته، تقاليده والاحتكاك به.
>ما هى التحديات التى تواجه الدبلوماسى المصرى فى الخارج، وكيف يمكن التغلب عليها؟
>>تحدى الغربة والحنين للوطن ، ومواجهة الأمراض والأوبئة فى الأماكن النائية، والتحديات الأمنية فى بعض الدول التى تنتشر فيها العصابات المسلحة، وأذكر أننى عندما كنت فى أوائل عملى الدبلوماسى نائبًا للقنصل المصرى فى هونج كونج، حدث هجوم مسلح بالسيوف على القنصلية العامة وكدت أفقد حياتي، وكانت التعليمات الموجهة لنا إذا حدث مثل هذه الظروف بأن نتفادى المقاومة، وهناك من فقدوا حياتهم، مثل السفير أسامة الشريف الذى قُتل فى بغداد، واستشهاد أمير خليل سفيرنا فى إسلام أباد وعدد من أعضاء السفارة، والآن العصابات المأجورة والإخوان يحاولون اقتحام السفارات لصالح أجندة إسرائيل وتشويه الدور المصرى فى دعم القضية الفلسطينية وهذه كلها تحديات تواجه الدبلوماسي، وعليه مواجهتها بالمنطق والأساليب الدبلوماسية والقانونية ولا حيلة لنا بل علينا ضبط النفس، والتصرف بكياسة وهدوء واللجوء للسلطات الأمنية بالدولة المضيفة، لأنها مسئولة عن تأمين السفارات والقنصليات والجاليات لكل دولة، هذا بجانب عدد من التحديات الأخري، مثل المناخ، اللغة والعادات والتقاليد وعلى الدبلوماسى أن يتأقلم ويتجاوز كل التحديات التى تقابله حتى يؤدى عمله على أكمل وجه.
>كيف تقيّمون الدور الحالى للدبلوماسية المصرية فى ظل التغيرات الإقليمية والدولية؟
>>الدبلوماسية المصرية مدرسة عريقة، ومصر قيادة، دولة ودبلوماسية تكرس جهدها على مدار تاريخها لحل القضية الفلسطينية، فهى قضية محورية بالنسبة لمصر وللعرب أيضًا، وأهم التحديات والإقليمية التى تواجهنا، فالإصرار الإسرائيلى على تهجير الفلسطينيين وإلغاء الهوية الفلسطينية وحرب الإبادة، ومصر من أكثر الأصوات الدبلوماسية التى تتصدى لهذه المؤامرة.
وهذا المخطط الإسرائيلى والقيادة المصرية أعلنت بوضوح الموقف الحاسم لمصر والذى لا تراجع عنه والثمن الذى نتحمله فادح وليس هناك صوت أقوى وأكثر فعالية من الصوت المصري، ومصر تحبط يوميًا محاولات إسرائيل للالتفاف لإخراج الفلسطينيين، ونحن ضد هذا ونتصدى له بمنطق دبلوماسية عريقة محصن مبنى على القانون الدولى والقرارات والمواثيق الدولية التى تقرها الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية فيها، فالثوابت الدبلوماسية واحدة والقضية الفلسطينية لا يمكن التفريط فيها بإدخال المساعدات، علاج المرضي، عودة الأسري، إيجاد حل شامل وعادل، فحتى تستقر منطقة الشرق الأوسط لابد من إيجاد تسوية شاملة وعادلة ودائمة للقضية الفلسطينية، وهناك قضية أخرى تتصدى لها الدبلوماسية المصرية وهى قضية التنمية وتقدم مصر، فالقضايا الدولية والإقليمية لا تشغلنا عنها فتح مزيد من الاستثمارات الأجنبية التى من شأنها إحداث نقلة نوعية فى شتى مجالات الدولة، والأمن المائى المصري، ورأينا فى النزاعات والصراعات الدولية، مثل الحرب الروسية – الأوكرانية، فمصر لها دور فى محاولة إيجاد حل لإنهائها، الصراع الصينى التايواني، فمصر كدولة رائدة إقليميًا لها ثقل فى المنطقة لها رأى وصوتها مسموع بل ومؤثر، فالدبلوماسية المصرية معنية بقضايانا الداخلية والإقليمية وأيضًا الدولية لنا مواقف معترف بها فى الأمم المتحدة.
فى رأيكم ما أبرز الملفات التى تستحوذ على أولوية السياسة الخارجية المصرية اليوم؟
الملف الفلسطيني،كما لا يمكن أن نغض الطرف عما يحدث فى السودان، وهى قضية أمن قومى مصرى بحكم العلاقة التاريخية التى تربطنا بالسودان، حيث يمثل استقرار السودان، قضية شاغل من شواغل الدبلوماسية المصرية، وما يحدث فى ليبيا، سوريا ولبنان، كلها قضايا لها أولوية مطلقة، فبدون استقرار الوسط الإقليمى لا مستقبل للمنطقة، فمنذ أحداث يناير 2011 وما سمى بالربيع العربى بل هو تخريب عربى بكل ما تعنيه الكلمة والنيل من الاستقلال العربي، فالمطلوب منه هو تفتيت القوى الضاربة العربية الذى هو قوة عندما يتحد، وله صوت مسموع، فلو أن الوطن العربى متحد لما حدث ما يحدث بغزة ، فالوطن العربى الآن مشغول بقضاياه الداخلية، والخوف أن نصل لدويلات فى العالم العربي، فهذا هو المستهدف للمنطقة، ومصر وقيادتها يقظة ومدركة لكل هذه المخاطر وعينها على هذا المخطط وواعية لما يحدث حولها وتحاول وتسعى جاهدة للم الشمل العربي، وأن تصل لحد أدنى من التوافق العربى من أجل التصدى لمثل هذه المخططات، وهذه الصراعات الموجودة فى الوطن العربي.