منير: أجمل دواء لى حب الناس.. وكل مرة أرجع «القاهرة» أتولد من جديد
«الملك»: بحب السينما وضيعت فلوسى عليها.. أول مبلغ أحصل عليه 300 جنيه
نبض الشارع.. شكرًا لرعايتها للمتفوقين وأوائل الثانوية العامة

على ارتفاع آلاف الأقدام فوق سطح الأرض، وعلى متن رحلة مصر للطيران 723 العائدة من برلين إلى القاهرة، كان لقاء استثنائياً وموعداً بدون ترتيب مع أيقونة الغناء المصرى والعربى الكينج محمد منير، بعد اللقاء الأول أثناء تكريم أوائل الثانوية العامة أعضاء رحلة جريدة الجمهورية إلى أوروبا بمقر السفارة المصرية فى برلين وغنى لهم يا عروسة النيل.
عاد الكينج مع رحلة جريدة «الجمهورية «، بعد إجراء فحوصات طبية بألمانيا للاطمئنان على حالته الصحية، لكنه بدا متألقًا بروحه، مبتسمًا بحبه، متحدثًا بثقافته، عاشقًا لوطنه، وسعيدًا بجمهوره الذى يظل مصدر قوته، هو حدوتة مصرية بـ«ملامحنا» و»ضي» الأغنية المصرية.
الجلوس بجوار الكينج لأكثر من 4 ساعات فوق السحاب تجربة لها طعم خاص، عبر خلال اللقاء عن حبه لجريدة الجمهورية والحوارات التى أجراها مع الزميل الناقد الفنى نادر أحمد التى خص بها جريدة الشعب خلال رحلته الفنية، معبراً عن سعادته بتبنى «الجمهورية» أبناء مصر من الطلاب المتفوقين خلال العقود الماضية ودعمهم وتكريمهم برحلة سنوية إلى دول أوروبا.
محمد منير ليس مجرد مطرب، بل إنسان مثقف يجيد التحدث بعدد من اللغات بطلاقة، وصوته ارتبط فى وجدان جمهوره المصرى والعربى بالحرية والانتماء والحب.
دائماً لا يمكن الحديث عن الغناء والموسيقى المصرية والعربية فى العقود الأربعة الأخيرة دون الوقوف أمام تجربة الملك محمد منير، فهو ليس مجرد مطرب تميز بصوت استثنائي، بل حالة فنية وثقافية وإنسانية متفردة صنعت لنفسها مكانة خاصة فى قلوبنا، وصارت انعكاساً لتحولات المجتمع المصرى والعربى وهذا مضمون أغنيته الجديدة «بين البنين» التى سيتم طرحها خلال الأيام القليلة القادمة ضمن ألبومة الجديد.
الفن رسالة لا ترف
منذ بداياته فى أواخر السبعينيات، اختار منير طريقًا مختلفًا عن السائد. لم يبحث عن الأغنية السهلة أو السوقية، بل قدم موسيقى تمزج بين الفلكلور النوبى والجاز والروك والموسيقى الشرقية الأصيلة. كان يؤمن بأن الفن رسالة، وأن الأغنية موقف إنسانى واجتماعى وسياسي، لا مجرد وسيلة للترفيه.
ولهذا أصبح منير بالنسبة لجمهوره «صوت الضمير» الذى يردد ما يعجزون عن قوله، فى العديد من القضايا وعلى قمتها الانتماء والولاء للوطن أو حتى فى تفاصيل الحب البسيطة.
الهوية والاختلاف
ولد الكينج فى النوبة، وأخذ من بيئته الأولى خصوصية الصوت ودفء الروح، لكنه لم يتوقف عند حدود المحلية، بل انطلق ليصنع لونًا غنائيًا عالميًا بطابع مصري، يجمع بين أصالة الجذور وحداثة العصر.، ذلك المزج جعل موسيقاه وأغانيه مختلفة، وساعده على أن يخاطب جمهورًا واسعًا، من البسطاء فى الصعيد والقري، إلى المثقفين فى المدن الكبري، وصولاً إلى المستمع الأجنبي، وهذا ما شاهدناه فى رحلة العودة معه للقاهرة حيث توافد الأجانب من مختلف الجنسيات للحديث معه لالتقاط الصور التذكارية والاطمئنان على حالته الصحية.
من الغناء إلى السينما
لم يتوقف منير عند الغناء فقط، بل دخل عالم السينما بأدوار تركت أثرًا لا يمحي. أفلامه مع يوسف شاهين مثل اليوم السادس والمصير لم تكن مجرد مشاركة فنية، بل إضافة فكرية رسخت صورته كفنان شامل فى تلك الأعمال عشق السينما منذ صغره، كان صوته وأداؤه امتدادًا لرسالته الإنسانية ذاتها.
سر الخلود الفنى
محمد منير ظل حاضرًا فى وجدان ثلاثة أجيال على الأقل، وهو ما لم يتحقق لكثير من نجوم الغناء. السر فى ذلك أن منير لا يكرر نفسه، بل يجدد باستمرار، مع حفاظه على جوهره وصدقه الفني. صوته الذى يحمل شجن النوبة وحرارة الجنوب ما زال قادرًا على ملامسة مشاعر أى مستمع مهما اختلفت سنه أو ثقافته.
الكينج والجمهور
الملك منير ليس فقط «المطرب»، بل هو حالة وجدانية. جمهوره لا يراه نجمًا بعيدًا، بل قريبًا منهم، يعبر عنهم ويغنى لهم. فى حفلاته، تتحول المسارح إلى ساحات للفرح الجماعي، حيث يردد الآلاف أغنياته وكأنها أناشيد تخصهم وحدهم.
الفن إرث لا يتكرر
بعد أكثر من أربعة عقود من العطاء، يظل الكينج محمد منير أحد أبرز الأصوات التى عبرت عن مصر والعالم العربى بصدق، وواحدًا من القلائل الذين جمعوا بين القيمة الجماهيرية والرصيد الفنى والثقافي. إنه نموذج للفنان الذى أدرك أن الفن الحقيقى لا يموت، بل يعيش أطول من أصحابه.
ساعات مرت كأنها ثوان
خلال تلك الساعات التى مرت بيننا فوق السحاب وكأنها ثوان دار الحديث بيننا ذهبنا للماضى الذى يعشقه والحاضر الذى يحبه والمستقبل والعمل المشترك هو عشق الوطن والولاء والانتماء.
أعظم دواء حب الناس
> كيف حالك بعد رحلة الفحوصات الطبية فى ألمانيا؟
>> ابتسم منير وقال بهدوء.. الحمد لله أنا بخير، وأعظم دواء لى هو حب الناس وجمهوري. وعند عودتى إلى وطنى فى كل مرة أشعر إنى اتولدت من جديد أنا عاشق لمصر، أجد فيها روحى ولا استطيع أن أغيب عنها ولابد أن أعود سريعاً.
> ماذا يمثل لك الرجوع إلى القاهرة؟
>> مصر هى البيت الكبير. مهما سافرنا واتغربنا، لا يوجد مثلها فى الدنيا، ولحظة هبوط الطيارة على أرضها بتخلى قلبى يدق أسرع، وكأنى طفل صغير راجع لأمه.
> ما رسالتك لجمهورك؟
>> الجمهور هو سر وجودى واستمراري. أنا مدين لهم بالحب والوفاء، وعايز أطمن كل واحد فيهم إنى بخير.. وربنا يمنحهم الصحة والسعادة ويديم الحب بيننا.
> كيف ترى مصر الآن بعين المثقف والفنان؟
>> مصر بتتغير وبتتجدد. فيها شغل عظيم.. من لا يراه لديه مشكلة، مصر بلد تستعيد قوتها ومصر تبنى من جديد وهناك مشروعات عملاقة واحنا كشعب لازم نحب بلدنا بصدق ونقف جميعا من أجلها، وأنا مؤمن إن المصرى يستحق الأفضل، وأى تعب أو تحديات نمر بها هى مجرد محطات فى رحلة بلدنا.
شكرًا جريدة «الجمهورية»
> ما شعورك بمشاركتك أوائل الثانوية فرحة تفوقهم؟
>> كنت سعيداً جداً بتواجدى فى احتفالية السفارة المصرية ببرلين بأوائل الثانوية العامة هذا العام ومصر سوف تتطور بهؤلاء الطلاب وتحقيق أحلام الوطن وهم الأمل.. والرحلة التى تنظمها جريدة الجمهورية سنوياً لأوروبا تؤكد دور لـ»الجمهورية» الرائد فى شتى المجالات خاصة التعليم وهى فى قلبى منذ بدايتى فى عالم الغناء تابعت نجاحى وكانت بجوارى وكنت سعيداً بكل حوار أو خبر فيها ولا انسى الحوارات التى أجراها معى الناقد الفنى نادر أحمد، واتقدم بالشكر لكل قياداتها والعاملين بها، فهى نبض الشارع المصري.
شباب مصر بخير
> ما رأيك فى الشباب المصرى؟
>> الشباب المصرى يعشق وطنه رغم الظروف والتحديات ويدرك قيمة بلده ولكن مطلوب الوعى وأن يتصدر المشهد أهل القدوة، فهم يحبون بلدهم لدرجة لا مثيل لها فى العالم وعندما يكون هناك هدف قومى تجدهم يجتمعون حوله، وخلال سفرى لمعظم الدول بشوفهم حاجة تفرح.. قمة الولاء والانتماء لوطنهم وهم ثروتنا الحقيقية، وانصح كل الشباب بتعلم اللغات الأجنبية لأنها هى الطريق للتعامل مع الآخر.
> ما أول مبلغ حصلت عليه؟
>> يا اااه فكرتنى بالزمن الجميل بالرغم من البداية الصعبة لكن كانت أيام جميلة اشتغلنا أنا وجيلى بشارع الهرم، بسبب الحاجة الى المال وكنا محتاجين 4 حيطان، وأول مبلغ حصلت عليه من الفن كان 300 جنيه من إحدى شركات إنتاج الكاسيت فى بدايتى ومش فاكر صرفته على ايه.
ما رأيك فيما يحدث على الساحة الفنية حالياً؟
احتفظ برأيى ولكن علينا جميعاً أن نحافظ على الفن المصرى سواء فى مجال الغناء أو التمثيل لأننا قدوة للأجيال القادمة ومن المهم أن نحافظ على الذوق العام ومظهرنا وسلوكنا أمام الجمهور ونحترم ما نقدمه لأننا لنا تأثير كبير على عليه، خاصة أن اغلبهم من الشباب حالياً وهم مستقبل مصر الحقيقي.
> ما أفضل أغنية قدمتها خلال مشوارك الفنى؟
>> فرحت جداً برد فعل الجمهور والتفاعل مع أغانى البومى الجديد الذى يضم 10 أغان منها «أنا الذي» و»ملامحنا» الذى تم طرحه خلال الفترة الماضية وقد نجحت الأغانى بشكل كبير بين مختلف فئات المجتمع الكبير والصغير منهم، وأيضاً أغنية «ضى « التى طرحتها شركة إنتاج فيلم «ضى « خلال الأيام الماضية وهى الأغنية الدعائية للفيلم والتى سعدت جداً أن أكون أحد ضيوف شرف العمل، وهى من ألحان إيهاب عبدالواحد وكلمات مصطفى حدوتة، وهناك أغان كثيرة بحبها مثل حدوتة مصرية، وازاى وعشق البنات وشمندورة ولما النسيم يعدى وكل الأغانى التى قدمتها عبرت فيها عن حالة المجتمع وقريباً سيتم طرح أغنية «بين البنين» ضمن أغنيات الألبوم الجديد الذى أجهز له الآن، واتعاون مع الشاعرة الغنائية منة عدلى القيعي، والملحن عزيز الشافعي، والموزع الموسيقى أسامة الهندي، وسيتم طرح أغنية كل شهر، لكن أفضل أغنية لسه مغنتهاش.
> ما حكاية السينما معك؟
>> بحب السينما منذ صغرى وغاوى سينما وضيعت فلوسى على مشاهدة السينما وبعد حصولى على الثانوية العامة من أسوان جاء توزيعى الجغرافى جامعة أسيوط ولكن قررت الالتحاق بكلية الفنون التطبيقية علشان بحب السينما وحصلت على البكالوريس فى التصوير السينمائى عام 1978 ومن يوم حضرت سكنت فى أفضل أماكن فى القاهرة.
غنيت بالدموع يوم وفاة عمر فتحى
> أصعب لحظة فى حياتك؟
>> أصعب لحظة فى حياتى أثناء تواجدى فى إحدى الدول العربية للغناء فى حفلة رأس السنة وعندما سمعت بخبر وفاة صديقى عمر فتحى حزنت جداً حتى الغناء كان بالدموع.
> ما أسعد لحظة فى حياتك؟
>> أسعد لحظات حياتى لما أقابل جمهورى فى أى مكان بحس بسعادة كبيرة وبحس أنى واحد تانى وفى حتة تانية علشان أنا بسيط جداً وبحب كل حاجه بسيطة.
بحب محمد منير
> ما اللقب الذى تحبه؟
>> بحب لقب محمد منير اللى بسمعها من كل الملايين، لكن الألقاب التى اطلقها عليه جمهورى بحبها وكل الألقاب الكينج وصوت مصر وأيقونة الغناء العربى والملك فخور بها، لأنها طالعة من قلوبهم.
فى ختام الحوار ومع اقتراب هبوط القاهرة إلى أرض الوطن، أدركت أن الكينج محمد منير فوق السحاب كما هو على الأرض؛ إنسان صادق، يحمل وطنه فى قلبه، ويعطى جمهوره من روحه. سيظل دائمًا الكينج الذى علمنا أن الغناء يمكن أن يكون وطنًا، وأن الوطن يستحق أن يُغنى له.