مع انتشار التكنولوجيا وتحول العالم الى قرية كونية صغيرة ومع سطوة الكون الرقمى بدأت تنتشر أمراض اجتماعية متعددة ومتنوعة تصل الى حد العلاقات السامة يصاحبه إدمان إلكترونى للجيل الصاعد من الشباب.. مما يستلزم التصدى لها قبل ان تستفحل آثارها السلبية المدمرة وخاصة لمدمنى الألعاب الإلكترونية حيث تبدو لنا فى تطبيقاتها بطابع الطفل البرىء فى حين أنها تحتوى بداخلها على ألغام تنفجر فى أى لحظة مسببة خسائر نفسية ومادية وخاصة المتعلقة بالمراهنات الإلكترونية!!
بكل تأكيد مثل هذه التطبيقات تغرى شبابنا بتحقيق المكسب والثراء السريع بشكل يدفعهم لخوض التجربة بدافع الفضول ويشجعهم فى ذلك انها بعيدة عن عيون أسرهم .. وسرعان ما يتحول الفضوليون إلى ضحايا المراهنات الإلكترونية.
وفى ظل العلاقات الاجتماعية الواسعة والمتشابكة احيانا ما يهرب بعض من الشباب من الضغوط اليومية نحو هذه التطبيقات لاشباع احتياجاته بوهم المكسب السريع او لإثبات نفسه دون أن يدرى بأنه تحول لضحية الاثارة اللحظية ومن لعبة يتسلى بها قد تسبب له قلقا مزمنا واكتئابا وعزلة اجتماعية انعكاسا لحالة المكسب والخسارة فى العالم الافتراضي!!
ومابين العالم الافتراضى والواقعى تمر علاقاتنا بمنعطفات متنوعة سواء كانت صحية أو مؤذية وسامة والتى تحتاج جهدا مجتمعيا لتصحيح المفاهيم الخاطئة ويمكن للفن والاعلام لعب دور مؤثر فى طرح قضايا العلاقات المؤذية بكل دقة وذلك من خلال الأعمال الدرامية حيث إن الاستمرار داخل هذه العلاقات تقود الى نتائج خطيرة تبدأ بالاكتئاب وتراجع الثقة بالنفس والإحساس بعدم الكفاءة والشعور الدائم بالذنب وفقدان القدرة على اتخاذ القرارات وقد يتطور الأمر الى حد الانعزال عن الاسرة والأصدقاء وبناء علاقات صحية جديدة واتجاه البعض لارتكاب سلوكيات عدوانية أو قبول علاقات مؤذية أخرى مع أشخاص جدد لا ذنب لهم فى تجاربهم السابقة ومع مرور الوقت يصبح التعبير عن أحاسيسهم او طلب المساعدة يعد أمراً فى غاية الصعوبة مما يضاعف من حدة الازمة النفسية.
والشخص المتورط فى علاقة مؤذية غالبا لا يدرك حجم الاذى الذى يتعرض له الى الحد الذى يصل لمرحلة الإنكار مما يستلزم على اصدقائه او أسرته تنبيهه للسلوكيات السامة وتأثيرها على صحته النفسية والجسدية
ولاستعادة الامان النفسى ينبغى الالتزام بقطع الاتصال مع مصدر الأذى حتى وإن شعر الشخص بالحنين له او تحديد مساحة آمنة بعيدا عن دائرة الاساءة..مع إدراك أن التعافى من علاقة مؤذية ليس طريقا مستقيما بل إنه رحلة مليئة بالمد والجزر.
اتصور أن الدعم النفسى والاجتماعى يمثل مرحلة مهمة لتحقيق الوصول للتعافى وخاصة فى ظل وجود شبكة دعم من أصدقاء موثوقين او مجموعات مختصة للمتعافين من العلاقات السامة.. كما ان الشعور بالذنب يساعد على تفريغ الضغوط النفسية.
ولابد من التعامل بحكمة مع العلاقات غير الصحية حتى لا تتفاقم وتتحول الى أزمة نفسية واجتماعية ومن هنا يبرز أهمية اكتشاف العلامات المبكرة لهذه العلاقة لضمان تحديد العلاج الفعال سواء من خلال تعزيز قيم المودة والرحمة بين الوالدين وابنائهما او المشاركة العاطفية والدعم من الأصدقاء حيث إنه الفارق الحقيقى بين التعافى او الانهيار.
من المؤكد ان الخروج الآمن من العلاقات المؤذية قرار صعب ومعقد لذلك ليس هناك بديل للتغلب على هذا الوضع الا من خلال الاكتفاء برسائل الدعم من العائلة والأصدقاء لحماية الضحية!!