لا يوجد ما يسمى «تهجير طوعى».. وموقفنا يتسق مع «الحق والعدل»

أكد الدكتور بدر عبدالعاطى وزير الخارجية والهجرة أن أى محاولات تستهدف ولاية وكالة الاونروا تحت أى ذريعة أو مبرر وهمى هى محاولات مرفوضة.. مشدداً على دعم مصر للوكالة الأممية.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفى المشترك الذى عقده وزير الخارجية أمس مع وكيل سكرتير عام الأمم المتحدة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» فيليب لازاريني.
وتوجه وزير الخارجية بخالص الشكر لمفوض عام الأونروا على ما يبذله من جهود مستمرة حثيثة لدعم الأشقاء الفلسطينيين خاصة فى ظل ظروف شديدة التعقيد، وهى مجاعة متكاملة الاركان من صنع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً تقديره كذلك لجميع العاملين فى مجال الإغاثة، بالإضافة إلى المتطوعين والمتطوعات من الهلال الأحمر المصرى وعددهم 35 ألفاً من شباب مصر العظيم.
وشدد على أن مصر أبقت ولا تزال على معبر رفح مفتوحا على مدار الساعة برغم إغلاقه من الجانب الفلسطينى بفعل الاحتلال الإسرائيلى الذى يضع القيود على دخول وتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.
قال إن الأونروا ليست مجرد وكالة إغاثية بل أصبحت شاهد عيان على مسئولية المجتمع الدولى الإنسانية تجاه قضية تاريخية وهى القضية الفلسطينية، مبيناً أنه لا يمكن لأى جهة أن تحل محلها، وأثبتت التجارب الأخيرة أن محاولة تطبيق آليات اخرى بديلة فشلت تماماً فى تحقيق الحد الأدنى من الاستجابة الإنسانية لاحتياجات الشعب الفلسطينى فى غزة، وافتقدت إلى الكفاءة والشرعية والقبول الشعبي.
وشدد وزير الخارجية على أن مصر تقف بثبات كامل إلى جانب الأونروا فى مواجهة ما تتعرض له من تحديات ومحاولات لتدميرها والقضاء على قضية حق العودة المكفول لجميع اللاجئين الفلسطينيين بقطاع غزة والضفة الغربية، وأشار إلى الوقوف بجانب الأونروا فى مواجهة التحديات المالية التى تسعى بعض الجهات إلى تعميق حدتها ومن ثم تقويض عمل الوكالة، محملا المجتمع الدولى وخاصة الدول المانحة مسئولية هذا التراجع الخطير وغير المقبول فى دعم الأونروا.
وشدد على رفض سياسة الكيل بمكيالين فى التعامل مع القضايا الإنسانية والتى لا تؤدى سوى إلى تقويض الثقة فى مبادئ العدالة الدولية، لافتاً إلى أن مصر اضطلعت بدور محورى ولا تزال فى التعامل مع تطورات الاوضاع بالأراضى الفلسطينية المحتلة من خلال الجهود الصادقة والحثيثة التى تقوم بها بالتعاون مع الأشقاء بقطر والأصدقاء بالولايات المتحدة لفرض وقف فورى لإطلاق النار إلا أن التعنت الاسرائيلى المستمر وفرض شروط تعجيزية تعد عقبة رئيسية أمام تحقيق تقدم ملموس فى مسار التهدئة.
أكد وزير الخارجية أن «القاهرة» تواصل جهودها لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ورغم القيود الإسرائيلية ساهمت مصر فى إيصال نحو 70 بالمائة من إجمالى المساعدات التى دخلت إلى القطاع.
قال إن هناك أكثر من ٦ آلاف شاحنة تقف على الجانب المصرى من المعبر ولكن سلطات الاحتلال تفرض القيود وتمنع دخولها تحت مرآى من المجتمع الدولى الذى لم يحرك ساكناً.. مؤكداً المسئولية القانونية الكاملة لقوة الاحتلال ممثلة فى إسرائيل فى تسهيل دخول المساعدات بشكل فورى من كافة المعابر وخاصة المعابر الخمسة التى تربط إسرائيل بقطاع غزة دون قيود وعوائق حيث إن القطاع يحتاج يومياً إلى ما لا يقل عن 700 شاحنة من المساعدات، مشيراً إلى رفض مصر للسياسات التوسعية التى تنتهجها إسرائيل وما يصاحبها من اعتداءات متواصلة على القطاع واستخدام التجويع كأداة حرب وسلاح سياسي.
قال إنه تطرق خلال مباحثاته مع مفوض الأونروا إلى مؤتمر التعافى المبكر وإعادة إعمار غزة الذى تعتزم مصر استضافته فور الإعلان عن وقف إطلاق النار للعمل على توفير الدعم الكامل لتنفيذ الخطة العربية – الإسلامية.
وتابع عبدالعاطي: أن مصر تؤكد أن السبيل الوحيد لكى يعم الأمن والسلام الدوليين هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية.. مشدداً على الرفض الكامل وكما أكدها السيد الرئيس للمشاركة فى أى ظلم ضد الشعب الفلسطيني، وعدم السماح بالتهجير لحرص مصر البالغ على عدم تصفية القضية الفلسطينية.
ومن جانبه، قدَّم لازارينى الشكر للحكومة المصرية على دعمها للأونروا، واصفاً ما يحدث فى غزة بأنه تجاوز جميع الخطوط الحمراء ورغم ذلك هناك نوع من الحصانة ولا يوجد أى رد فعل لهذه الأعمال البشعة التى تطال حتى العاملين فى المجال الإنسانى الذين يدفعون ثمناً باهظاً، حيث راح 360 شخصاً ضحية لهذه الأعمال وحتى العاملين فى مجال الإغاثة يشعرون بالجوع ويصابون بالإغماء، لافتاً إلى أن الوكالة لديها جميع الاحتياجات اللازمة فى مصر والأردن وأن الحل موجود لإنهاء المجاعة ولكن عليهم أن يفتحوا المعبر ويرفعوا القيود حتى يمكن القضاء على الكارثة الإنسانية فى غزة.
ورداً على سؤال حول التصعيد الإسرائيلى المستمر والأولويات التى ستعمل عليها مصر والمجموعة العربية والإسلامية بشأن غزة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الجاري.. قال وزير الخارجية إن الأولوية الأولى هى وقف إطلاق النار والعدوان الإسرائيلي.. مشدداً على أنه بدونه لا تستقيم أية خطوات أخري.
شدد على أن الأولوية القصوى تتمثل فى العمل على التوصل إلى صفقة تستند إلى مقترح المبعوث الأمريكى ويتكوف بأن تكون هناك فترة مؤقتة لمدة ستين يوماً لوقف إطلاق النار ويتم خلالها إطلاق سراح مجموعة من الرهائن والجثامين إلى الجانب الآخر، وتؤسس الستون يوماً على العمل على التوصل إلى صفقة نهائية وشاملة تفضى إلى الوقف الكامل لكافة العمليات العسكرية والعدوان الإسرائيلي، وبعد ذلك نتحدث عن التعافى المبكر وإعادة الإعمار وإطلاق أفق سياسى يؤدى إلى تجسيد الدولة الفلسطينية.
وأضاف: لدينا خطة متكاملة، وهى الخطة العربية – الإسلامية المدعومة من المجتمع الدولى والتى تتضمن ثلاثة محاور رئيسية، الأول يتعلق بالترتيبات الأمنية، والثانى يخص الحوكمة والإدارة، والأخير يتعلق بمسألة التعافى المبكر وإعادة الإعمار.
وشدد على أن هذه الرؤية متوافق عليها من جانب المجتمع الدولي، وإذا كانت هناك إرادة سياسية من الجانب الإسرائيلي، فإنه وبمجرد الموافقة على مقترح ويتكوف، سنمضى قدماً فى تنفيذ الخطة العربية – الإسلامية.. لافتاً إلى أن الترتيبات الأمنية واضحة لدينا، وسيكون عمادها الشرطة الفلسطينية وتمكينها ونشرها، ولا مانع مستقبلا من نشر قوات دولية إذا كان هناك طلب من الجانب الفلسطيني.
وأوضح أنه فيما يتعلق بالحوكمة أن تكون هناك لجنة إدارية من 15 شخصية تكنوقراطية من قطاع غزة تتولى عملية إدارة القطاع لمدة ستة أشهر وأن يتم تسليم الأمور للسلطة الفلسطينية لإدارة الأمور تمهيداً للأفق السياسي.
ورداً على سؤال لـ «الجمهورية» حول الجهود المصرية من أجل نفاذ المساعدات الإنسانية إلى غزة، وصمت المجتمع الدولى تجاه ما يحدث فى غزة من استخدام إسرائيل لسلاح التجويع.. قال لازاريني: لا اعتقد أن المجتمع الدولى صامت، فهناك الكثير من التواصل والتنسيق ولكن الصادم هو الفعل، فالوضع غير محتمل ولا يوجد فعل لمواجهة ذلك، مضيفاً أن هناك مساعدات تدخل للقطاع ولكنها غير كافية، وهناك قيود تمنع وصولها للشعب الفلسطيني، والمواطنون عليهم أن يسيروا تحت أشعة الشمس لمسافات طويلة للوصول إلى الطعام.
ومن جانبه، علق عبدالعاطى على ذلك قائلاً: إن المسألة تتعلق بالجانب الآخر من معبر رفح وهناك تدمير مستمر للمعبر فى الجانب الفلسطينى وعدم السماح للشاحنات بالدخول.
وشدد وزير الخارجية على أن التهجير هو خط أحمر لمصر والأردن والدول العربية تحت أى ظرف من الظروف، وأنه لا يوجد ما يسمى بتهجير طوعي.. مؤكداً أن وجود الفلسطينيين على أرضهم قانونى وإنسانى ومعنوى ولا يمكن دفعهم دفعاً للخروج من أراضيهم.
وأضاف: أن الموقف المصرى من معبر رفح واضح فهو معبر لدخول الأفراد والمساعدات ولن يكون معبراً لخروج الفلسطينيين من أرضهم وهو موقف يتسق مع مبادئ الحق والعدل والشرعية الدولية والقانون الدولي.