لا تمر حقبة زمنية.. قصرت.. أم طالت.. إلا والحديث يتكرر.. ويعاد عن تطوير التعليم..والنهوض بالمنظومة التعليمية بصفة عامة.. وينحصر الحديث دوماً فى تطوير المناهج.. واضافة جزء.. أو حذف باب.. ويدلى كل خبير بدلوه.. وينفذ الوزير المسئول رؤيته.. فاذا ما تغير وحل محله آخر.. جاء بطرح جديد.. وفلسفة مغايرة.. وتعود القضية من جديد إلى المناقشة والمجادلة.. والتأييد والمعارضة.. وهكذا ندور فى فلك التطوير والتعديل.. دون الاقتراب من الجوهر.. أو المستهدف.. أو النتيجة العملية بعيداً عن الجانب النظرى والقناعة الشخصية برؤية أحادية.. وعلى مدار ثلاثين أو أربعين عاماً.. رأى البعض ضرورة حذف سنة سادسة.. كشهادة والانتقال من الصف الخامس إلى الأول الاعدادى مباشرة…وكان السبب فى ذلك.. اقتصادياً بحتاً.. فى توفير نفقات امتحان الشهادة والكونترول والتصحيح.. فتلك مرحلة تعليم أساس وإلزامى ولا تفرق وجود الصف السادس من عدمه.. ثم رأى فريق آخر.. ضرورة عودة الشهادة الابتدائية «الصف السادس» بعد تدهور مستوى الطلاب وضعف تلاميذ الاعدادى فى القراءة والكتابة.. وظن كثيرون أن عودة الصف السادس هى الحل لرفع مستوى القراءة والكتابة.. حتى عادت السنة السادسة.. وهكذا.. مرة الثانوية العامة.. سنة واحدة.. «الثالثة».. ومرة اخرى مقسمة على عامين الثانى والثالث.. ومجموع العامين.. مرة علمى وأدبى كما كان فى السبعينيات.. ومرة علمى رياضة.. وعلوم.. وأدبي.. وما رفضناه بالأمس باسم التطوير.. عدنا إليه ايضا باسم التطوير.
<<<
ثم شغل «التابلت» ونظام الامتحانات الجديد الوسط التعليمي.. ودارت الأسر والطلاب حول نفسها بحثاً عن جدوى ذلك.. حتى رضخ الكل للنظام الجديد.. سواء مجبراً أو قانعاً..
..واليوم.. عادت «البكالوريا».. لنعود إلى زمن العقاد وطه حسين ..وجيل البكالوريا.
ومن النظر إلى تطوير حقيقى للتعليم.. يترجم إلى أرض الواقع.. ويربط الخريج بواقعه.. وسوق عمله بحيث لا نعتمد على الاطلاق على مناهج نظرية بعيدة عن الواقع.. بعد السماء عن الأرض.. ولا علاقة على الاطلاق بالشهادة وفرص العمل فى الداخل أو الخارج.. والذى يطالع التجربة الماليزية التى طبقها ونفذها الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا ورائد نهضتها وتقدمها.. يدرك أنه لم يهتم على الاطلاق بمناهج نظرية.. ولا عدد سنوات الدراسة.. وانما بدأ باعداد الشباب من عمر 18 عاماً حتى الأربعين.. ودربهم عملياً على كل المهن التى تحتاجها النهضة والتطوير والانتاج وسوق العمل واستعان بالخبرات والمصانع البريطانية التى انشأها ودرب الشباب عليها وخلال فترة وجيزة.. كانت ماليزيا لديها جيش من العمالة الماهرة والمنتجين من كهربائي.. لمهندس.. لفنى لسائق لورد.. لسباك.. وصارت ماليزيا نمراً آسيوياً.
<<<
وتطوير التعليم.. ليس مجرد أوراق تضاف.. أو أوراق تحذف.. ولا بكالوريا تطبق.. وانما لابد من تطوير العقول قبل الفصول.. تأهيل المعلم.. والمدرسة.. والتلميذ.. قبل المنهج.. فكيف يستوعب طالب بلا مقعد.. أو مدرسة بلا دورة مياه.. أو مدرس.. كل همه مجموعة أو درس خصوصى أو سنتر آخر النهار.. بينما.. صارت المدارس طاردة.. ونظاماً ورقياً.. حضوراً… غياباً.. توقيعاً دفترياً.. بينما لا شرح ولا ضمير.. لا أمانة.. ولا متابعة.. وصدمت أن شاهدت مدرسة حصلت على الجودة.. بينما بين طلابها من لا يجيد القراءة والكتابة..
<<<
اتمنى ونحن على أبواب عام دراسى جديد.. أن تكون هناك متابعة عملية من الموجهين.. كما كان يحدث فى الماضي.. ويتم تركيب كاميرات فى الفصول لمتابعة أداء وشرح المدرس.. ويكون الراتب والترقية حسب النتائج العملية.
<<<
ولو طبقنا لوائح المرور على مدارسنا.. لتحققت نقلة عملية كبيرة لدينا.. فالذى يذهب لاستخراج رخصة ويحمل شهادة خبرة من مركز تدريب سائقين.. واخفق يتم شطب المركز نهائيا.. فترى المركز يخرج أمهر السائقين حفاظاً على سمعته.. ليت مدارسنا ومعلمينا هكذا.