خاطب الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، جموع الصحفيين خلال احتفال نقابة الصحفيين بذكرى المولد النبوي، مؤكداً أن رسالة الصحافة لا تختلف في جوهرها عن رسالة الأنبياء.
وقال الجندي: “رسالة نبيكم لا تختلف في جوهرها عن الرسالة التي بين أيديكم اليوم، فكلاهما يسعى لإظهار الحقيقة، ونشر الخير، وإقامة العدل.”
الصحافة: مهنة تلتقي مع الرسالات السماوية
أشار الجندي إلى أن كل المهن الوطنية تستمد أخلاقها من “القلب الأنور” لسيدنا رسول الله، وتلتقي الصحافة مع مهمة الرسالات السماوية في مبدأ “صدق البلاغ”. وأكد أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي يجب ألا يقتصر على المشاعر الروحية فقط، بل يجب أن يكون للعقل نصيب أكبر منه، ليتدبر معاني السيرة النبوية ويستلهم منها ما يضيء له الطريق في صياغة المستقبل.
وقد استلهم الجندي من سيرة النبي ﷺ أربعة مبادئ أساسية لمهنة الصحافة:
- الصدق والأمانة: كان النبي ﷺ يُلقب بالصادق الأمين حتى قبل بعثته. وهذه الصفة هي أساس مهنة الصحافة، فالصحفي الأمين لا ينقل إلا الحقيقة، ولا يخفي شيئًا ولا يضيف شيئًا.
- التحقق من المعلومة: استشهد الجندي بالآية القرآنية التي تدعو إلى التبيّن من الأخبار. وأكد أن هذه القاعدة الذهبية في عالم الصحافة اليوم، فدون التحقق تصبح الكلمة سيفًا يثير الفتن.
- النقد البناء: أوضح الجندي أن النبي ﷺ لم يتردد في تصويب الأخطاء بحكمة ورحمة، لا بالتجريح أو التشهير. فالصحفي الحقيقي هو من يوجه قلمه نحو الإصلاح وتقديم النقد البناء.
- التوازن والشمول: كان النبي ﷺ ينظر إلى الصورة الكاملة من جميع جوانبها. والصحافة المميزة هي التي تقدم الخبر من جميع زواياه وتعرض وجهات النظر المختلفة.
القلم أداة مقدسة ومسؤولية عظيمة
وصف الجندي مهنة الصحافة بقول الحق سبحانه وتعالى: “ن والقلم وما يسطرون”، مؤكداً أن هذه الآية ليست مجرد قسم، بل هي تكريم إلهي للقلم والكتابة. وأضاف أن القلم هو الأداة والسلاح الذي نصوغ به الكلمات ونبني الوعي ونسجل به التاريخ، ليصبح الصحفي بذلك وريثًا لمهمة الشهادة على الناس.
وخاطب الجندي الصحفيين قائلاً: “تذكروا دائمًا أنكم تحملون أمانة عظيمة، فاجعلوا من أقلامكم منابر للحق، ومن صحافتكم نبراسًا ينير دروب مجتمعاتنا”.
دور الصحافة في تصحيح المفاهيم
شدد الجندي على أن أهم واجبات الصحافة في العصر الحالي هو تصحيح المفاهيم، خاصة في ظل الإعلام المضلل الذي يسعى لتزييف التاريخ وطمس الحقائق. وأشار إلى أن الصحفيين هم السد المنيع الذي يحمي وعي الأمة، ويستعيد الرواية الصحيحة للقضايا مثل القضية الفلسطينية.
صحفيو غزة: شهداء على التاريخ
وفي ختام كلمته، أشاد الجندي بدور الصحفيين في غزة الذين تحولت عدساتهم إلى عيون للعالم، كشفت الحقيقة وفضحت الزيف. وأكد أنهم أدوا شهادتهم بأمانة رغم الخطر والحصار، وسقط كثير منهم شهداء، ليثبتوا أن الصحافة ليست مجرد مهنة، بل ميدان تضحية، وأن الصحفي هو شاهد صدق على الأحداث والجرائم.
وقال: “الصحفيون في غزة أدوا هذه الشهادة بأمانة، رغم الخطر والحصار، فسقط كثير منهم شهداء، ليؤكدوا أن الصحافة ليست مهنة، بل ميدان تضحية”.