وضعت قمة منظمة شنغهاى للتعاون بلس فـى مدينة تيانجين الصينية، مصر فى قلب عملية إعادة رسم التوازنات خاصة فى المنطقة الأفريقية الآسيوية (أفرو آسيا). مصر الدولة الأفريقية الوحيدة التى شاركت فى هذه القمة،وقبلها قمة تيكاد 9 باليابان، من هنا ندرك من خلال هذه القمم الإقتصادية أن مصر أصبحت مركز ثقل حقيقيا فى معادلة التوازنات العالمية، هذه القمة الصينية ثبتت واقعاً جيوسياسيا يقوم على تعدد التحالفات لا حصرها فى التحالف الأحادى مع واشنطن، هذه القمة مثلت 40 % من سكان العالم، بعد انضمام إيران، ومصر كشريك، حيث أكدت مصر أن علاقة الشراكة الإستراتيجية يجب أن تقوم على أساس الإحترام المتبادل وتحقيق التوازن العادل خاصة فى عمليات التبادل التجارى خاصة مع الدول الكبري، وعلى الأخص الصين التى بلغ حجم التبادل التجارى معها عام 2024 حوالى 17 مليار دولار نصيب مصر منها نصف مليار فقط، وهو ما تحاول معه مصر من معالجته وربطه بالأهداف التى قامت عليها روح شنغهاى عام 2001، والتى تركز على احترام سيادة الدول ومحاربة الإرهاب والتطرف وتحقيق التنمية العادلة. ما يجب أن نشير إليه أن البعد الإقتصادى لهذه القمة يقوم فى الأساس على جعل مصر والدول المحيطة بها منصة يبنى فيها مستقبل الممرات التجارية ولوجيستيات التجارة والـطاقة، وأعتقد أن هذا لم يكن من فراغ، بل نتيجة للقدرة التنبؤية للرئيس السيسى على تعظيم موارد ومقومات مصر وعلى رأسها مشروع تنمية إقليم محور قناة السويس، هذا المشروع الذى ألهم القوى الإقتصادية الكبرى من جديد مثل الصين واليابان والهند – ولكن بحسابات مختلفة عما سبق- على أن تكون لها قدم وساق فى هذه المنطقة حتى تضمن بقاءها كقوة إقتصادية، ولكن مصر تصر على أن تكون شريكا فى هذه المكتسبات،عبر الإتفاق مع المؤسسات الدولية على رؤية واضحة لمصر عنوانها السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، والتى تقوم على ضرورة المحافظة على استقرار الاقتصاد الكلى والذى يمثل حجر الزاوية فى الرخاء الاقتصادي، النمو المستدام،ورفع مستوى المعيشة فهو الأساس الذى نستطيع أن تبنى عليه السياسات الكفيلة بتعزيز الإستثمار وتشغيل العمالة والرعاية الاجتماعية. وفى قلب إستقرار الاقتصاد الكلى يكمن الانضباط المالي، وهو المبدأ الذى يضمن للحكومة إدارة ميزانياتها بشكل مسئول، وتجنب العجز المفرط الذى قد يؤدى إلى التضخم، وإنخفاض قيمة العملة، وخسارة ثقة المستثمرين. إن الانضباط المالى لا يتعلق بالتقشف، بل يتعلق الأمر بتحديد الأولويات، والقيام باستثمارات ذكية، وضمان عدم إثقال أجيال المستقبل بديون لا يمكن تحملها. وهو ما طالبت به مصر أثناء مشاركتها فى قمتى اليابان والصين السابقتين، فالدعم الفنى هو مطلب مصر الأساسى فى استكمال عملية الإصلاح الاقتصادى التى بدأت أواخر 2016، وحتى تستمر لأبعد من 2030 فيجب أن تتم الشراكة فى مشروعات واستثمارات تنموية ذكية تستطيع فى فترة زمنية قصيرة أن تقلل الفجوة التنموية بين مصر والعالم المتقدم، وبالتالى فإن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية يجب أن تقوم أيضاً على ضمان تدفق الاستثمار الأجنبى المباشر، وضمان تفعيل دور المجلس الأعلى للاستثمار الذى يرأسه الرئيس عبد الفتاح السيسى بهدف تذليل العقبات والتحديات أمام جذب الاستثمار الأجنبى المباشر إلى مصر على أن يتم ربط هذه الاستثمارات بمشروعات ذكية .لأن الدراسات الاقتصادية الرزينة تؤكد أن القدرات الكامنة فى الاقتصاد المصرى والقادرة على جذب الاستثمار الأجنبى لم توظف بعد بصورة كاملة، مما يجعل هناك فجوة بين ما يمكن أن يجذبه الاقتصاد فعلاً من استثمارات وبين ما يجذبه حالياً.
وللحديث بقية إن شاء الله