حالة الانقسام التى تعيشها الأمة العربية الآن هى ما كان يحلم به الصهاينة المجرمون منذ أن ابتلينا بهم.. ولذلك فالأمانة تقتضى أن نتصارح وأن نواجه مصيبة تفرقنا بصراحة قبل أن تقع الكارثة الكبرى ويصبح هذا الكيان الاجرامى هو سيد المنطقة.
كل أصحاب الرأى السياسى والفكر الاستراتيجى فى العالم حذروا من أطماع إسرائيل التى لم تعد مجرد تخمينات أو توقعات بل أصبح الحديث عنها علنيا وصريحا.. ومنذ أيام تحدث مجرم الحرب الصهيونى (النتنياهو) عن دولة إسرائيل الكبرى التى تقوم على ابتلاع مساحات كبيرة من الدول العربية المحيطة، والكل سمع وقرأ ما وعد به أتباع الكيان الصهيوني، وأعتقد أن ما يحدث فى غزة وما حدث فى الضفة وجنوب لبنان وسوريا وإيران مجرد مرحلة لتحقيق هذه الاطماع.
فليحلم المجرمون الصهاينة كما يريدون وليتحدثوا عن الدولة الكبرى كما يشاءون فأمر تحقيق هذا الحلم ليس فى يد الكيان المجرم وليس فى يد أمريكا الراعى الرسمى للاجرام الصهيوني.. لكن يظل الأمر مرهونا بقرار وإرادة العرب الذين تهاونوا كثيرا فى مواجهة هذا العدو المجرم الذى ارتكب جرائم غير مسبوقة فى تاريخ الحروب والمواجهات العسكرية وتفوق على النازى فى إلحاق الأذى بخصومه ضاربا عرض الحائط بمواثيق الحروب وما ينبغى أن يجرى فيها من أخلاقيات وآداب وكيفية التعامل مع أسرى الحرب.
الأمر فى يد العرب لأنهم استسلموا لهذا الكيان المجرم ولا يريدون مواجهته ككتلة واحدة ويتركون دولا قليلة فى المواجهة فى مقدمتها مصر والأردن.. ولولا قوة وصلابة جيش مصر العظيم لكان لجيش الاحتلال مواقف أخرى على الحدود مع غزة المحتلة.
إسرائيل ليست قوة عظمى وليست العدو الذى يُهاب، وقد ألحقت بها مصر وحدها هزيمة تاريخية ستظل تسبب للصهاينة عقدة نفسية الى أن يشاء الله ولذلك يهدد الآن كل الدول المحيطة به الا مصر لأنه يدرك انها القادرة على ردعه لو تجرأ وحاول العدوان على ذرة رمل من ترابها.. هى الدولة الوحيدة المستعدة لمواجهته لو اراد الله ذلك لأنها استعدت جيدا لمثل هذه المواجهة وأصبحت تمتلك جيشا مرعبا لكل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار مصر.
>>>>
التضامن العربى هو الآن وأكثر من أى وقت مضى طريقنا لوقف الأطماع الإسرائيلية.. تلك الأطماع التى بدت واضحة منذ اللحظة الأولى لقيام الكيان الإسرائيلي، حيث لم يتوقف عن مدّ يده إلى أراضى العرب وثرواتهم.. أطماعه معروفة ومحفوظة للجميع، وأهدافه واضحة وهى السيطرة والهيمنة وتفتيت وحدة الأمة.
الآن.. وبعد عقود من الصراع، يظل السؤال الكبير أمام العرب: هل نستطيع مواجهة إسرائيل بفرقة وتشتت؟ أم أن التضامن هو السبيل الوحيد لحماية مستقبلنا جميعًا؟
دروس الماضى واضحة..التاريخ لن يرحم المتقاعسين والمتخاذلين.. وعلينا أن ندرك أن كل مرة غاب فيها التضامن العربي، كانت إسرائيل هى المستفيد الأكبر فقد كان احتلال فلسطين عام 1948 نتيجة لانقسام الصف.. هزيمة 1967 جاءت بسبب غياب التنسيق الحقيقي.. وحتى انتصار اكتوبر، أو صمود المقاومة فى لبنان وغزة، أثبتت أن وحدة الموقف العربى قادرة على صناعة الفارق.
الكيان الصهيونى ليس هو الكيان المرعب والمخيف لو تضامن العرب وصدق الله العظيم حيث يقول محذرا الأمة من الانقسام والتفرق والتشرذم «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم» فالنهاية الحتمية لكل أمة أو جماعة متفرقة هو الضعف والهوان.
الاحتلال أكثر شراسة اليوم.. نعم هذه حقيقة لكن شراسته لا ترجع لقوته التى لا تُقهر، ولا لقوة عتاده العسكري، ولا لبسالة جنوده فى ساحات القتال، فهم أجبن وأضعف خلق الله.. لكن شراسة جيش الاحتلال المجرم مستمدة من ضعفنا وتفرقنا نحن العرب ومعهم الغالبية العظمى من دول وأقطار العالم الإسلامي.
فهل تفيق خير أمة أخرجت للناس من نومها العميق وفشلها فى مواجهة أعدائها وفى مقدمتهم هذا الجيش المجرم الذى يقتل ويدمر ويعيث فى الأرض فساد بالوكالة عن أمريكا والعديد من الدول الغربية التى تكن عداء متوارثا للعرب والمسلمين.
إسرائيل اليوم لا تكتفى بما اغتصبته من أرض، بل تواصل ابتلاع الضفة الغربية والقدس عبر الاستيطان، وتفرض حصارا خانقا على غزة، وتستهدف مقدساتنا الإسلامية والمسيحية. بل تحاول أن تتسلل إلى بعض العواصم العربية من بوابة التطبيع والاقتصاد، لتزرع نفوذها فى قلب منطقتنا.. فهل يستطيع العرب أن يشككوا فى مخططات الصهاينة للسيطرة على الشرق الأوسط كله وإقامة دولتهم الكبرى التى يدعم فكرتها للأسف الرئيس الامريكى الذى شهدت المنطقة فى عهده أسود أيامها؟؟ .. عدوان جيش الاحتلال المتواصل على أهل غزة مدعوم علنا من الرئيس الأمريكى الذى يطمح فى جائزة نوبل للسلام وهو من يدعم الحروب ويمد الصهاينة كل يوم بكميات ضخمة من الأسلحة الفتاكة لتقتل وتدمر وتخرب كيفما تشاء.
>>>>
التضامن العربى ليس كلمات تُردد فى المؤتمرات، بل هو سلاح يجب أن نستخدمه بصدق عبر وحدة الموقف السياسى العربى وفى المحافل الدولية.
التضامن العربى يعنى دعم الدول المتضررة وتفعيل سلاح المقاطعة.
التضامن العربى يعنى كشف جرائم الاحتلال وإبطال الروايات الصهيونية الكاذبة التى تسوقها لدول العالم
التضامن الوعى يعنى المقاطعة الاقتصادية لكل الدول الداعمة للاحتلال والصامتة على جرائمه.
القضية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل قضية كل عربي.. ولذلك فالتضامن لم يعد ترفًا أو رفاهية، بل ضرورة وجودية.. فإما أن نواجه إسرائيل صفا واحدا، أو نتركها تقتنصنا دولة بعد أخري.
الوحدة هى السلاح الأقوي، والتاريخ لا يرحم الضعفاء ولا يحمى المفرقين.