حملت كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى احتفال وزارة الأوقاف بالمولد النبوى الشريف عددا من الرسائل التى تمثل ترجمة حقيقية لـ«منهجية» الدولة المصرية فى عصرها الحاضر، حيث أكد السيد الرئيس السيسى ضرورة الإفادة من المواريث النبوية للشرائع السماوية فى تجديد منظومة الأخلاق فى كل مفاصل الحياة.
علماء الدين والمفكرون أكدوا أن الرسائل التى تضمنتها كلمة الرئيس السيسى حول منطلقات عمل الدولة المصرية فى الارتقاء بالأخلاق والوعى وتأصيل العناية بالإنسان تعتبر انعكاسا لأنوار الشرائع السماوية التى جعلت الأخلاق جوهر الرسائل التى جاء بها الأنبياء إلى الناس جميعا.. وأوضح العلماء والمفكرون أن الرئيس السيسى أعلن للعالم أن الدولة المصرية تعقد العزم على المضى قُدُما فى تحفيز كافة مؤسسات الدولة؛ سواء الدينية أو التعليمية أو الإعلامية وغيرها فى الانطلاق بقوة، نحو منظومة القيم الأخلاقية الرفيعة، التى تبنى الإنسان على الفكر والعلم والإبداع والارتباط الصادق بالله تعالى..
د.سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر قال: إن الرئيس السيسى فى كلمته وضع يده على منطلقات البناء الحضارى التى جاءت بها الرسالات السماوية، حيث يمرّ العالم بأزمات متلاحقة متمثلة فى ضياع الأخلاق التى نتج عنها انتشار الموبقات المجتمعية سواء فى الانحلال والشذوذ الفكرى والإلحاد والاستغلال والاحتكار وغيرها من موبقات تعانى منها الشعوب بسبب غياب مفاهيم القيم التى تعصم الأفراد من مخالفة مبادئ الرحمة والمودة التى جاء بها الأنبياء جميعا فى الشرائع السماوية اليهودية والمسيحية والإسلام، مشيرا إلى أن النبى، صلى الله عليه وسلم، أرسى قواعد الأخلاق ورفع من شأن الإنسان، وأعلن على أسماع العالم أنه جاء لأجل تكملة مكارم الأخلاق، وجعل رسالته نورًا يضىء دروب الناس بالرحمة والعدل والإحسان.
أضاف رئيس جامعة الأزهر أن رسالة الرئيس السيسى فى تأصيل البناء الأخلاقى المجتمعى هدفها حماية العقل المصرى من مخاطر الأفكار المتطرفة والابتعاد بها عن الهوية المصرية الوسطية السليمة مؤسسة الأزهر الشريف تعمل على تفعيل الأفكار والقيم المحمدية بين مختلف المراحل العمرية وفق دراسات حديثة تعتبر بمثابة البوصلة التى يسير عليها علماء الأزهر فى معالجتهم لانفلات المعايير الأخلاقية، مبينًا أن المعاهد الأزهرية تقوم بعمل دورات متقدمة لمدرسى المراحل الابتدائية وما قبلها، وكذلك مراحل الإعدادية والثانوية، وهذه الدورات هدفها تعريف المدرسين بالأساليب التربوية العالمية فى تحفيز التلاميذ على الاستجابة للمبادئ الأخلاقية السلوكية بصورة لا تعتمد على التلقين أو إصدار الأوامر المجردة، وإنما تستخدم سلوك الاقناع القائم على الحوار والمناقشة، بينما هناك تدريب مختلف لمن يتعاملون مع الشباب فى المرحلتين الإعدادية الثانوية، ثم تأتى المرحلة الأخطر فى الجامعة حيث تسعى الذئاب المنفردة لاصطياد عقول الشباب من خلال تجنيدهم فكريا وتفخيخ أفكارهم بالتطرف والانحراف الذى ينفجر فى وجه المجتمع بالكراهية والعداء وكافة المساؤى الأخلاقية ولذلك لا عاصم للشباب إلا من خلال احياء منظومة القيم الاخلاقية والمواجهة الجسورة لكل صور التطرف والغلو والعنف والارهاب وهو ما أكد عليه السيد الرئيس والدولة تعمل على ذلك برؤية شاملة.
فيما أكد د.عطا السنباطى عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أن دعوة الرئيس السيسى لإحياء الأخلاق المحمدية توجيه غاية فى الأهمية لحماية المجتمع ولذلك يجب ترجمته فى خطاب دعوى يتصف بالعصرية بعيدا عن التلقين والأداء الجاف الذى لا يسكن القلوب أو حتى الأسماع، وهذا يستلزم أن يوقن الدعاة بأنهم يؤدون رسالة فى وقت مضطرب بالتحديات، وأنهم يقفون على جبهة من جبهات الدفاع عن الوطن، فإذا كانت القوات المسلحة والشرطة يقومون بدورهم فى حماية الأمن المجتمعي، فإن الدعاة عليهم واجب حماية الأمن الفكرى، مشيرا إلى أن الدعاة مسئولون عن تطبيق هذه الاخلاقيات وأن يشرحوا للبسطاء أن الأخلاق ليست مجرد فضائل فردية، بل منظومة متكاملة تشمل الرحمة بالضعيف، واليتيم، والحيوان، والبيئة، وإقامة العدل حتى مع الأعداء ورفض الظلم سواء للغير أو حتى النفس، وإقرار الصدق والأمانة باعتبارهما أساس التعاملات الإنسانية والتجارية والسياسية، وأن يحرص المسلم على التواضع والتسامح
أضاف عميد الشريعة والقانون أن إحياء منظومة القيم والأخلاق المحمدية ليس ترفًا فكريًا ولا دعوة وعظية مجردة، بل ضرورة لبناء مجتمع متماسك، قادر على مواجهة تحديات العصر بروح الرحمة والعدل والإحسان، والجمع بين الأمل والعمل، والموازنة بين الفرد والمجتمع، وبين الدنيا والآخرة.
فيما أشار د.محمد الجندى أمين عام مجمع البحوث الإسلامية أن الرئيس السيسى أعرب فى كلمته أن الحرب المصرية ضد الإرهاب لم تضع أوزارها، لذلك يجب أن تكون المؤسسات الدينية والفكرية على أعلى درجات اليقظة وتنويع أساليبها فى معالجة الفكر المنحرف، وأن يستفيدوا من أسس البناء الروحى الذى جاءت به الشريعة الإسلامية ودعوتها القائمة على الاعتدال والوسطية، والرحمة والعدل، مبينا أن آفة الغلو والتطرف والعنف شوّهت صورة الدين، وأرهقت المجتمعات، وأهدرت الطاقات فالمتطرفون يقدّمون الدين على أنه قسوة وإقصاء، بينما جوهره رحمة وسماحة، كما يحرص المتطرفون على تفكيك المجتمع وتقسيمه فئات متناحرة، بهدف عرقلة التنمية واستهلاك الطاقات والموارد بدلا من تسخيرها للبناء والتقدم، الجندى شدد على ضرورة ترسيخ الوسطية التى تعكس منهج القرآن فى الموازنة بين الروح والجسد، بين الدنيا والآخرة، بين الحقوق والواجبات، داعيا المؤسسات الإعلامية لتكثيف جرعات التوعية بما يكشف خبايا الفكر المتطرف المنحرف، مبينا أن مواجهة الغلو والتطرف والعنف ليست مهمة أجهزة الأمن وحدها، بل مسئولية جماعية تبدأ من الأسرة، وتُبنى فى المدرسة، وتُعزَّز فى المسجد، وتُرسَّخ فى الإعلام، فإذا ما اجتمع وعى الأمة مع قوة القانون، ساد السلام، وتحقق الأمن، وارتقى المجتمع وهذا ما يسعى إليه الرئيس السيسى الارتقاء بمنظومة الأخلاق السمحة فى المجتمع.
من جانبه تحدث د.شوقى علام، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن السيد الرئيس السيسى أكد فى رسائله ضرورة تعزيز الانتماء للوطن والحفاظ عليه حيث يعتبر الوطن نعمة من أعظم نعم الله على الإنسان؛ لأنه وعاء الهوية وذاكرة التاريخ، وقد جاء الإسلام مؤكدًا قيمة الوطن، داعيًا إلى الوفاء له، والحفاظ على أمنه، وصيانة حدوده، والقيام بواجباته، مشددا أن حب الوطن ليس شعارات، بل عملٌ وبناء وتنمية، وقد جعل الإسلام حماية الوطن جهادًا مشروعًا، ودفاعًا عن النفس والعرض والكرامة، ونهى عن الفساد والإفساد فى الأرض حماية للموارد والثروات، مشيرا أن الأوطان المستقرة قادرة على التقدم وبناء حضارتها، مبينا أن الوطن أمانة نحفظه بالعمل، ونصونه بالعلم، وندافع عنه بالدم إذا لزم الأمر، وبقدر ما نحيا أوفياء لأوطاننا، نكون أوفياء لديننا.
علام أكد أن رسائل الرئيس فى هذا الاتجاه وخاصة إحياء منظومة القيم المحمدية وبناء الإنسان على الفكر والعلم والإبداع، هى خارطة طريق لحماية وصيانة المجتمع من خطر التطرف والسقوط فى براثن التنظيمات الدموية، والرئيس حريص على الشباب وتحصينهم وحماية عقولهم ضد كل ما هو متطرف او خارج سياق الدين السمح أو القيم المجتمعية المعتدلة أو سيطرة أصحاب الأفكار الهدامة، ولذلك علينا جميعًا أن نساهم فى هذا الاتجاه.