حين ننظر إلى مصر فى العقد الأخير، فإننا نرى خريطة عمرانية وبشرية يعاد رسمها على امتداد الجغرافيا المصرية.
فى هذا الإطار.. فقد كنت شاهد عيان الأسبوع الماضى على إنجازات تتحدث عن نفسها.. فقد كنت فى محافظة الشرقية، وقد سافرت عبر طريق بنها الحر الجديد وقطعنا المسافة فى عشرين دقيقة فقط إلى بنها.. وتذكرت أننى فى مثل هذا الوقت فى 2007 قطعت نفس المسافة، ولكن عبر الطريق الزراعى فى 9 ساعات بسبب حادث سير وتجمهر الأهالي.. فشكرت الله على المشروع القومى للطرق الذى يعد من أهم إنجازات الرئيس السيسي.. وعندما التقيت احد المزارعين عند إحدى الترع وفيها المياه.. وكانت فى هذا الوقت من العام جافة تماماً بسبب محصول الأرز.. فقال الرجل شكراً للرئيس السيسى فإن المياه الآن موجودة ومتوفرة وتصل لنهايات الترع فى نفس يوم دورة الرى بسبب مشروع تبطين الترع.
ومن هنا فإن تبطين الترع، وشبكات الطرق والكباري، ليست فقط منجزات خدمية، بل هى عنوان لسياسة دولة تعرف أن قوتها لا تكون بالسلاح وحده، وإنما أيضًا بقدرتها على أن توفر لمواطنيها حياة أفضل، وبيئة عمل وإنتاج واستثمار.
أولاً: مشروع تبطين الترع:
مصر عبر تاريخها الطويل كانت دائمًا حضارة نهر وترعة وجدول، غير أن تراكم الزمن والإهمال أفسد الكثير من هذه الشرايين، الترع امتلأت بالحشائش، تسربت المياه إلى باطن الأرض، ثم جاء مشروع تبطين الترع ليعيد الانضباط إلى دورة المياه، ويضيف فوائد متعددة منها:
>> تقليل الفاقد من المياه الذى كان يتسرب فى التربة.
>> تسريع وصول المياه إلى الحقول فى مواعيد منتظمة.
>> حماية الفلاح من النزاعات القديمة حول أدوار الري.
>> مكافحة التلوث ومنع إلقاء المخلفات فى مجرى الترع.
إنها ليست مجرد حجارة وأسمنت، بل رسالة إلى الفلاح بأن دولته تتذكره، وأن قطرة الماء التى تصل إلى أرضه هى جزء من الأمن القومى المصري، لا تقل قدسية عن حدود الأرض ذاتها.
ثانيا: مشروعات الطرق والكباري:
الطريق فى مصر لم يعد مجرد وسيلة انتقال، بل أصبح شريان حياة اقتصادية واجتماعية، فعبر السنوات الأخيرة، تمددت شبكة طرق جديدة تقطع الصحاري، تعانق الجبال، وتفتح أبوابًا كانت مغلقة أمام الاستثمار والسياحة والتجارة، وتسهل حركة المواطن من قريته إلى مدينته، ومن مدينته إلى عاصمة إقليمه، فى زمن أقصر وبأمان أكبر، وتجذب الاستثمار لأن الطرق السريعة تعنى قدرة على النقل والتوزيع والتجارة.
كما أن بناء الكبارى فى قلب المدن أنهى أزمات الزحام، وفتح شرايين جديدة فى قلب القاهرة والإسكندرية وسائر المحافظات.
ولذلك فإن المواطن حين يسلك طريقًا جديدًا، أو يعبر كوبرى يختصر له ساعة انتظار، فإنه لا يربح فقط دقائق من عمره، بل يشعر بأن حياته نفسها قد تغيرت، وأن دولته تعيد الاعتبار لكرامته اليومية.
وبنظرة أعمق فإن المشروعات ليست أرقامًا أو ميزانيات فقط، لكنها جزء من رؤية سياسية واقتصادية استطاعت أن تعيد صياغة الواقع المصرى فى ظل «جمهورية جديدة» فمصر التى حاربت الإرهاب.. وتواجه تحديات المنطقة، اختارت أن تخوض فى الوقت ذاته معركة البناء والتنمية.