فى ذكرى يوم مولده صلى الله عليه وسلم، تعالوا نتوقف أمام شخصية رسول الحق صلى الله عليه وسلم وما فعله فى قلوب البشر.. قبل عقولهم.. تأثرت كثيرا بحدثين من اهم أحداث التاريخ.. إسلام عمر بن الخطاب.. وفتح مكة.. لابد أن نعترف بأنه صلى الله عليه وسلم.. عظيم لأنه على خُلق عظيم.. كما وصفه الحق سبحانه.. إن العالم اليوم أحوج ما يكون لمبادئ الحق والعدل والمساواة.. وجبر الخواطر والاعتراف بالفضل وصلة الرحم.. وقبل كل ذلك حسن الخلق.. وحسن الظن وعدم الجور على حقوق الناس.. وأيضا التسامح.. وهى الصفات الانسانية التى وضعها محمد صلى الله عليه وسلم.. حب من نوع خاص.. لا يزاحمه فيه أحد.. فنحن نحب رسولنا بحكم ديننا.. وصحبه ايضا بحكم الصفات النبيلة التى بثها فى وجداننا.. إن محمداً عظيم فى كل شيء.. انه نقل قومه من الايمان بالاصنام.. إلى الإيمان بالله.. نقلهم إلى عبادة الحق الأعلي.. عبادة خالق الكون.. نقل العالم كله من مهانة وظلم وضياع الحقوق.. إلى كرامة وعزة واحترام وإنصاف المظلوم.. أما العقيدة، فتجلت فى أعظم صورها بهؤلاء الذين دخلوا الإسلام بإرادتهم وإيمانهم بالله الواحد الأحد.. فى ذكرى يوم مولده صلى الله عليه وسلم.. نقول: إن محمداً جاء ليحول الترف والطمع والخمر والقمار والزنى والمتعة وتسخير الاقوياء للضعفاء.. إلى طمأنينة وضمير يقظ.. ومن الضلال إلى اليقين.. يقين الإيمان بالله.. وبنصرة المظلوم.. أما قصة إسلام عمر بن الخطاب، فهى دليل مادى قوى ونموذج لتلبية الدعوة للإسلام.. برغبة الانسان ودون وعيد أو إغراء.. قال ابن إسحاق: خرج عمر شاهراً سيفه.. يبحث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتله.. فقابله نعيم بن عبدالله قائلا له: من تريد يا عمر؟، فقال أريد محمداً الذى فرق أمر قريش وعاب دينها وسب آلهتها لأقتله.. فقال له نعيم: والله لقد غرتك نفسك يا عمر.. أترى بنى عبد مناف تاركيك تمشى على الأرض وقد قتلت محمداً؟!، أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتصلح أمرهم؟، قال عمر: وأى أهل بيتي؟، قال: أختك وزوجها ابن عمك سعيد بن عمرو.. فقد أسلما واتبعا محمداً، فعليك بهما.. فرجع عمر إلى بيت أخته فاطمة بنت الخطاب، وكان فى البيت خباب يعلمهم قراءة القرآن.. فأخفت فاطمة الصحيفة التى يقرأون فيها.. وكان عمر قد سمع قراءة خباب للقرآن.. فقال: ما هذا الذى سمعته؟!، قالا له: ما سمعت شيئاً.. قال: بلى والله، لقد علمت أنكما اتبعتما محمداً على دينه، وزجر زوج أخته سعيد بن زيد بقوة.. فقامت إليه أخته تدافع عن زوجها، فضربها عمر لدرجة خروج الدم من وجهها.. قالت له أخته: نعم.. أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك.. فلما رأى عمر الدم ينزف من وجه أخته.. اهتز وقال لأخته: اعطنى هذه الصحيفة التى سمعتكم تقرأونها لأرى ما جاء به محمد.. قالت اخته: أنا نخاف عليها منك.. قال عمر: لا تخافى وحلف لها بآلهته ليردها إليها إذا قرأها.. هنا طمعت فاطمة فى إسلام شقيقها قالت: يا أخي، انك نجس على شركك.. وإنه لا يمسها إلا الطاهر.. فقام عمر فاغتسل.. فأعطته الصحيفة.. فقرأ فيها سورة طه.. ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه.. فلما سمع ذلك خباب خرج إليه.. فقال له: يا عمر والله إنى لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه.. فإنى سمعته يقول: اللهم أعز الاسلام بأبى الحكم بن هشام أو عمر بن الخطاب.. فالله الله يا عمر.. فقال عمر: دلنى يا خباب على محمد حتى آتيه فأسلم.. وذهب عمر شاهراً سيفه.. ضرب الباب على محمد وصحبه.. فلما سمعوا صوته.. فزع الصحابة.. فقال حمزة بن عبدالمطلب: نأذن له، فإن كان يريد خيراً بذلناه له، وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه.. فقال رسول الحق: «ائذن له».. ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجذبه من ردائه قائلاً: «ما جاء بك يا ابن الخطاب؟».. فقال عمر: يارسول الله جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله.. فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وهكذا أسلم عمر بن الخطاب.