اليوم ذكرى مولد النبى المصطفى محمد – صلى الله عليه وسلم – ومع ذكرى الحبيب يتساءل القلب قبل العقل: هل نحتفل حقاً بالعيد.. أم أننا يجب أن نقدم اعتذارنا للحبيب المصطفى لتقصيرنا فى حقه.. فهل تقبل الاعتذار يا حبيبى يا رسول الله؟
أعلم أن الله أكرمك وزكاك.. وجعلك رحمة العالمين وهذا يعنى أن الاعتذار مقبول.. بل إنك يا حبيبى بكيت فلما سئلت.. ما يبكيك والله وحده يعلم سبب البكاء.. قلت: أمتي.. أمتي.. بكيت من أجلنا واستجاب الله لك وقال لك: لن نسيئك فى أمتك أبداً.. فهل تقبل اعتذارنا، فكم من أخطاء فعلناها.. ولم نستغفر الله فيها.
نشأت يا حبيبى يا رسول الله قبل البعثة طاهر النفس.. صادقاً.. أميناً.. كريم الخلق.. استخرج جبريل حظ الشيطان من صدرك وأنت مازلت طفلاً.. فنشأت صادقاً.. أميناً.. نموذجاً للإنسانية والإيمان.. فلما بعثك الله بالإسلام.. كنت خير من عاش على هذه الأرض وخاتم الرسل والنبيين.. بشيراً ونذيراً.. سراجاً منيراً للبشرية كلها.. بل رحمة للعالمين.
إذا تحدثنا عن السيرة النبوية بحق لبدأنا بقصة أمنا هاجر وولدها إسماعيل فى أرض قفر لا ماء فيها ولا زرع ولا حياة.. وتسأل هاجر زوجها إبراهيم.. أ الله أمرك بذلك فاجاب إبراهيم بالايجاب فقالت: إذن لن يضيعنا.. إنه الإيمان والثقة فى الله.. بعدها أمر الله إبراهيم وولده إسماعيل باقامة قواعد البيت.. «الكعبة».. فكانت مكة.. والكعبة الشريفة.. وكانت العرب المستعربة ثم جاءت قريش.. حتى كان بنو هاشم ومنهم عبدالمطلب جد الرسول – صلى الله عليه وسلم – ثم عبدالله «الذبيح الثانى بعد إسماعيل».. فتزوج آمنة بنت وهب وكان يوم مولدك مشهوراً ويوافق اليوم «12ربيع الأول» وكان بعد خمسين يوماً من موقعة الفيل حيث ألقى الله على جيش الفيل القادم من اليمن لهدم الكعبة حجارة من سجيل جعلتهم كعصف مأكول.. كل ذلك كان تمهيداً لقدوم خير مولود على الأرض وتكون الدنيا كلها فى استقبال الحبيب محمد – صلى الله عليه وسلم – يتيم الأب حيث مات عبدالله بعد أن نجا من الذبح بأن افتداه والده عبدالمطلب بمائة من الإبل لكنه مات وهو فى طريق العودة من التجارة فى الشام.. وكان ذلك بالمدينة المنورة!!
ولد عبدالمطلب جد الرسول فى المدينة.. ومات أبوه عليه الصلاة والسلام فى المدينة كأنها إيذان بالهجرة إلى المدينة بعد البعثة.. وعاش الحبيب المصطفى فى مكة يدعو للإسلام ثم هاجر إلى يثرب.. واستكمل الرسالة حتى وافاه الأجل عليه الصلاة والسلام وخيرت من ملك الموت فقلت يا حبيبي: بل الرفيق الأعلي.. بل الرفيق الأعلي.. وأسررت لابنتك فاطمة بكلمات فبكت ثم قلت لها كلمات أخرى فضحكت حيث أخبرتها يا حبيبى أنك ستموت فبكت.. ثم أخبرتها أنها ستكون أول من يلحق به فضحكت وفرحت!!
وكما قال الإمان الأكبر الشيخ عبدالحليم محمود شيخ الأزهر السابق فى كتابه «الرسول وسنته الشريفة» رداً على المسيئين لرسول الله فى أوروبا «لقد كان صادقاً فى حديثه عطوفاً على من حوله معيناً للضعفاء يكتسب ثقة كل من يخالطه ولكل ذلك أحبته السيدة خديجة بنت خويلد رضوان الله عليها، كما أنها رضى الله عنها أحبته لشيء آخر وهو السمو الروحى وهو العزوف عن اللذائذ المادية الفانية والاتجاه إلى الخالد من معالى الأمور.. إن عناية الله رافقته ولاحظته ووجهته فكان خيراً زكياً وكان أمة وحده.. وسط هذا الضلال الدينى والأخلاقى الذى كان يملأ على رجال مكة جميع أفكارهم.. لذلك سماه قومه الأمين لأنه كان أميناً على نفسه فلم يسلمها إلى مهاوى الشرك أو الشهوة أو الرجس على الأسرار فلم يفشها ولم يذعها وحبب الله إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء فيتعبد الليالى ذوات العد.. فيا سيدى يا رسول الله كان هذا حالك بعد البعثة والآن.. ونحن مسلمون.. نخطئ ونزيد فى الخطأ.. وانتشرت الأخطاء.. فهل تقبل يا سيدى اعتذارنا؟