تظل قضية الفهم والوعى من أجل الحفاظ على الوطن.. هى الأهم لدى كل المصريين الشرفاء الذين لا يهمهم سوى مصلحة بلدهم.. وأمنه واستقراره باعتباره هو السبيل لتحقيق كل تقدم ورخاء وحياة كريمة للأجيال الحالية والقادمة على السواء.
ولا يلبث الرئيس يؤكد فى كل مناسبة – وكلنا معه فى ذلك – على هذا الأمر الجلل الذى يجب أن نكون فيه معاً.. يداً واحدة، وعقل واع مستنير لكل ما يحاك ضد بلدنا خاصة فى هذه الظروف الراهنة التى تمر بها منطقتنا.. وهذا العدوان الغاشم الذى يتعرض له الفلسطينيون فى غزة والذى وصل إلى حد الإبادة الجماعية، والحصار والتجويع والضغط عليهم للنزوح جنوباً فى مشهد صهيونى مريب ينذر لتطورات خطيرة مع التجهيز لجريمة اجتياح غزة فى نفس الوقت الذى يسير عليه نفس السيناريو فى الضفة الغربية.. وسط غموض أمريكى مريب، وتصريحات متناقضــة ما بين التنبؤ بانتهاء المشكلة، فى الوقت الذى ترفض فيه إسرائيل أى رغبة فى وقف القتال وإفشال مفاوضات الهدنة.
لاشك أن الوعى المصرى فى هذه المرحلة الخطيرة يجب أن يكون فى أعلى درجاته القصوي.. ويخطئ من يظن أن مؤامرة الربيع العربى التى سقطت وتجمدت فى مصر، قد انتهت.. ولا يجب أن يغيب عن الأذهان والعقول الواعية أن خيوط هذه المؤامرة مازالت مفعلة.. ويزيدها قوة ومتانة تلك الظروف السياسية التى تمر بها المنطقة خاصة فى ظل الموقف المصرى الحاسم برفض تصفية القضية الفلسطينية، ورفض تهجير الشعب الفلسطينى خارج حدوده.
>>>
وفى تصورى أن هذا الوعى لا يتوقف فقط عند إدراك التطورات السياسية فى المنطقة، وأهمية قوى وصلابة الجبهة الداخلية فى التماسك والوقوف على قلب رجل واحد فى ظل قوات مسلحة صلبة تملك كل مقومات القوة والحداثة العسكرية التى تجعل أعداءها يفكرون ألف مرة عند مجرد المحاولة للاقتراب من حدودنا وأمننا القومي.
ولكن هذا الوعى يمتد لحفاظ المصريين أنفسهم على بعضهم البعض خاصة فى تلك الظروف الاقتصادية الصعبة التى تنال منهم مثلما تنال من كل شعوب العالم.
لقد استطاعت مصر أن تتجاوز كثيراً من أزمتها الاقتصادية من خلال عمليات إصلاح اقتصادى مخطط ومدروس بدأ يؤى ثماره على محاصرة جيدة للتضخم وارتفاع الأسعار نسبياً مع جهود الحكومة ومبادرات عديدة للتخفيف عن المواطنين خاصة محدودى الدخل من خلال منافذ متعددة تشارك فيها القوات المسلحة والشرطة.. وهو ما ساعد كثيراً فى عدم تجاوز القطاع الخاص لمعدلات غلاء وأسعار لا يقدر عليها غالبية الناس، بما فيهم الطبقة المتوسطة.
ولكن هذا يتطلب أيضاً وعياً من السادة التجار وأصحاب الأعمال لإدراك وفهم مطلوب فى التخفيف عن المواطنين فيما يقدمونه من سلع وخدمات ولاسيما فى مواسم معينة مثل موسم العودة للمدارس.. فلا وقت الآن للاستغلال والتكسب الزائد تحت ضغط حاجة الناس لتلبية احتياجات فلذات أكبادهم.
>>>
نفس الأمر كذلك مع خفض الفائدة لأكثر من 5٪ هذا العام من خلال البنك المركزى المصري.. فهذا الخفض يجب أن يعود على المشترين للسلع والمتعاملين مع خدمات القطاع الخاص الذين يجب أن يستجيبوا لحركة الأسواق هبوطاً، كما يتخذونها صعوداً سواء فى سعر العملة أو معدل الفائدة.
وأتصور أننا ونحن نحتفل بذكرى المولد النبوى الشريف.. فهذا الاحتفال يجب أن يكون بالنسبة لهؤلاء التجار وأصحاب الأعمال أفعالاً باعتبار الرسول الكريم قدوة لهم فى النزاهة والصدق والأمانة.. باعتباره – صلى الله عليه وسلم – هو التاجر الصادق الأمين.
والوعى أيضاً مطلوب من كل المصريين عبر التكافل المجتمعي، ومساعدة غير القادرين عبر جمعيات أهلية ومنظمات لديها القدرة على فرز المستحقين لهذا الدعم سواء كان من الحكومة نفسها أو القادرين من فئات المجتمع.
>>>
باختصار.. إن تماسك المصريين.. ووحدتهم ووعيهم الذى يتمثل فى مواقف وأفعال على أرض الواقع.. هو الحامى لهم ولوطنهم فى هذه الظروف الراهنة التى تمر بها بلدنا ومنطقتنا.. ولتبقى مصر دوماً حصن الأمان لشعبها وكل شعوب المنطقة.