على مدار الأيام الماضية لا حديث لمجتمع السوشيال ميديا سوى عن الطفلة هايدى تلك الملاك التى حن قلبها لرؤية هذا العجوز المسكين وآثرته على نفسها وأعادت كيس الشيبسى لتمنحه ثمنه وهى سعيدة بهذا العمل ..إلى هنا قد يبدو الأمر لطيفاً وتصرف الطفلة بريئاً لكن ما حدث بعد ذلك ليس بريئاً بالمرة .
ما فعلته هايدى رغم ما به من رحمة وإنسانية ربما يعجز أناس أعمارهم تضاعف عمر هذه الصغيرة وربما تزيد عن فعله ولكن فى النهاية هو فعل خير أقدمت عليه بمشاعر صادقة فلماذا يتم تحويل الأمر إلى حالة غير صادقة تفقد الموقف روعته وتصل بنا إلى مرحلة التشكيك فى كونه موقفاً مفتعلاً أرادت منه الصغيرة أن تصبح ترنداً .
هايدى لم تخترع الذرة ولم تفز فى مسابقة عالمية ولم تتفوق فى دراستها ولم تحرز بطولة دولية بعد جولات وصولات فى قاعات التدريب هى فقط فعلت موقفاً طيباً يجعلها قدوة لمن فى مثل سنها بل قدوة للكبار ليتعلموا الرحمة من تلك الصغيرة لكن أن يتم تحويل الأمر لهذه الصورة ويتم التضخيم والتهويل لدرجة تجعلك تشعر أن تلك الطفلة هى صاحبة الضربة الجوية فى حرب أكتوبر المجيدة هو أمراً فى غاية السخف والابتزال .
بطلة «موقعة الشيبسي» هى طفلة تصرفت بشكل عفوى فنالت استحسان الجميع لكن أن يتحول الأمر لمتاجرة بالموقف لاستغلاله وتحقيق أكبر قدر من المنافع لها ولغيرها شئ مؤسف ويجب التوقف عنه فهايدى ليست الوحيدة التى تفعل ذلك وغيرها الكثير وما فعلته يجب أن يكون المعتاد وليس أمر خارقاً يجعلنا نتوقف أمامه ونحدث كل هذه الضجة .
لم أتوقف كثيراً أمام تلك المطاعم التى أرادت أن تلحق بالترند واستضافت الطفلة لتنال جزءاً من الهالة التى أحاطت بها ولا هؤلاء الذين يطلق عليهم بلوجر وحاولوا دخول دائرة الضوء عن طريق تلك الصغيرة ولا من الفنانين والمشاهير التى أعلنت عن رغبتها فى لقائهم ولكن استوقفنى تكريم المجلس القومى للأمومة والطفولة فهل قام المجلس بتكريم كل الأطفال الذين قاموا بأفعال مماثلة أو أفعال تفوق فى قيمتها ما فعلته هايدى أم اكتفى القائمون عليه فى السير فى اتجاه الترند .
على الجانب الآخر كان انتقاد الدكتورة مايا مرسى وزيرة التضامن الاجتماعى للمبالغة فى الاحتفاء بفعل الصغيرة مثار إعجابى فحقاً ما حدث مع هايدى سيجعل أى طفل لا يشعر بعظيم فعله ويحبط عندما لا ينال ما نالته من اهتمام مبالغ فيه .
إذا كان الترند لعنة اجتاحت المجتمع مع تنوع وسائل التواصل الاجتماعى فلا تجعلوا هذه اللعنة تغتال براءة أطفالنا حتى لا نجدهم مقبلين على افتعال بطولات زائفة ليحظوا بنفس الشهرة..اخرجوا أطفالنا من لعنة الترند واتركوهم يعيشون براءتهم دون تشويه .