ونحن نتوجه للاستعداد للاحتفال بالمولد النبوى الشريف وبما تحلى به رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من أخلاق رفيعة وكريمة وصفه بها الله عز وجل «وإنك لعلى خلق عظيم».. ينبغى علينا أن نستلهم هذا الخلق الرفيع والكريم فى تعاملاتنا اليومية بتصحيح مفاهيم شاردة وواردة ودخيلة على مجتمعنا بالفترة الأخيرة وخاصة بعد الانتشار الرهيب والمخيف لمواقع التواصل الالكترونى حيث من الملاحظ بعد دخول الإنترنت لمنازلنا وأجهزتنا المحمولة استغراق عدد غير عادى من المواطنين فى الانخراط والاعتكاف لساعات طويلة امام الشاشات الالكترونية لمتابعة سواء لمحتوى لايتناسب بأخلاقنا أو الوصول لمرحلة إدمان الألعاب الالكترونية رغم الخطورة الناجمة عنها من اضطراب فى النوم وضعف التركيز وصولا الى امكانية الإصابة بالعدوانية الزائدة والانفصال عن الواقع والإصابة بحالة من الانطواء.
ولاننا لنا فى رسول الله قدوة حسنة فإننا مطالبون بتصحيح مفاهيم مغلوطة أخرى لا تتناسب مع القيم الروحية التى غرسها النبى الكريم فى اصحابه ومن حولهم بدعوتهم دائما للمشاركة فى الأعمال الخيرية ونشر قيم الرحمة والتسامح فيما بينهم فى حين اننا نعانى حالياً من صور وسلوكيات مرفوضة ومن بينها التزام البعض من المواطنين بإتلاف مقاعد المواصلات العامة أو الحدائق والعبث بصناديق القمامة المطروحة بالشوارع وصولا الى الكتابة على جدران المنشآت الحكومية..
طبعا غياب الرقابة والتصدى لهذه التجاوزات ربما يؤكد مقولتهم المشهورة «المال السايب يعلم السرقة» ناهيك عن رصد سلوكيات أخرى مرفوضة بالشارع ومنها كسر اعمدة الإنارة وإشارات المرور واقتلاع النباتات وأغصان الأشجار وينبغى عليهم إدراك أن المال العام ليس سائبا وان من يخرب مستشفى أو مدرسة إنما يعتدى على حقوق المجتمع بأكمله.
والتعدى على الممتلكات العامة يعد ظاهرة مرفوضة يقوم به من يرى أن المال العام بلا صاحب وبالتالى لا حرج فى العبث به أو تخريبه ولا يدرى المخرب ان ذلك من شأنه تعطيل الخدمات التى تصل له وللمواطنين واسرته فى مقدمتهم.. وربما دافع سلوكه المغلوط والمرفوض نابع من محاولة التنفيس الانفعالى ورد الفعل الغاضب أو تعبيرا عن الاعتراض رغم ان ذلك يشكل خللا فى فهم العلاقة بين المواطن والدولة.
كما أنهم يعانون من اضطرابات سلوكية تظهر فى العنف اللفظى أو المعنوى أو المادى بتحطيم وتدمير الممتلكات العامة وتخريب أى شيء يقابله.
اتصور ان هؤلاء المخربين يعانون من ضعف النفس اللوامة لديهم واصابتهم بالاحباط وخاصة من أسرهم مما يدفعهم لارتكاب سلوكيات عدوانية.
من المؤكد أن المحافظة على المال العام واجب دينى وأخلاقى ووطنى والاعتداء على مصالح المواطنين والإضرار بهم يعد صورة من صور الفساد الذى يمتد الى ما يسمى بالإكراميات او الحلاوة لقضاء وتسهيل المصالح الى حد ان تحولت الى عرف اجتماعى فى حين أنها تعد من صور الرشاوى التى يحاسب عليها القانون الأرضى والسماوى نظرا لأنها تؤدى الى خلق شعور بالظلم وتتسبب فى إحباط الشرفاء وأصحاب الحقوق .. بل وتفسد منظومة القيم
ولا ادرى السر وراء غياب دور الآباء بالريف للتنبيه على ابنائهم الصغار وتوبيخهم من رشق القطارات بالحجارة اثناء سيرها مما يتسبب فى وقوع العديد من الحوادث التى يتأثر بها الركاب بتهديد سلامتهم.
ولا يمكن اغفال حالات التنمر التى يعانى منها مجموعات من المجتمع بتعرضهم للسخرية حتى ولو كان على سبيل الهزار او المرح نظرا لخطورتها بعدما تعرض بعض من ضحايا التنمر للاقدام على التخلص من حياتهم فضلا عمن يقدم على الانتحار لشعوره بالعجز او الاقصاء المجتمعى او لمروره بصدمات عاطفية او عائلية او حتى ضغوط اقتصادية كحل سريع لانهاء مشكلته والمه..ولا يدرون ان الحياة هبة من خالقه والانتحار خيانة للامانة والنفس الواجب الحفاظ عليها.. كما أن المتنمرين يعانون من خلل بالفهم الدينى للالتزام بالإحسان والرحمة وهى من أخلاقيات رسولنا الكريم.
وسلوك الشخصيات المعادية للمجتمع اذا لم يتم تصويبها وتصحيح مسارها فانها تمثل خطورة على التنمية المستدامة لذلك من الاهمية تدريب الوالدين على البعد عن كافة الأساليب العنيفة فى التعامل مع أطفالهم ومحاولة احتواء المراهقين من أبنائهم.
بالفعل نحن بحاجة للاستفادة من الاحتفال بالذكرى العطرة لمولد النبى خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم يغرس القيم والاخلاق الحميدة بنفوس ابنائنا وتحويلها الى منهج عملى فى حياتنا اليومية.