ً وجود العديد من السمات المشتركة بين مصر والهند
بغض النظر عما يدور بالمنطقة من صراعات وتحديات تواجه دول المنطقة وعلى رأسها الدولة المصرية التى تتحرك بحكمة وحرفية عالية ودبلوماسية النفس الطويل والصبر الإستراتيجي، وثبت فعاليتها حتى الان.
نجد على صعيد آخر نوع من الصراعات تقوده أمريكا من أجل أن تستمر فى قيادة العالم حيث تعمل على خلق عدو آخر لتشغل به العالم، وفى نفس الوقت تنفيذ مخططها فى تحجيم التنين الصينى هذا الصراع لا يتعلق بالتسليح أو الصناعات العسكرية أو خلق منازعات بين الدول كعادتها دائماً، ولكنه صراع فى مجال التكنولوجيا مستقبل العالم.
هنا تذكر وكالة «بلومبيرغ» الاقتصادية فى تقرير جديد لها أن هناك تحولاً هائلاً فى الأسواق العالمية، إذ يسحب المستثمرون مليارات الدولارات من الاقتصاد الصينى المتعثر، بعد عقدين من الرهان على البلاد باعتبارها أكبر نمو فى العالم، كما أشار التقرير إلى اتجاه الكثير من هذه الأموال الآن إلى الهند، مع ميل شركات «وول ستريت» العملاقة مثل مجموعة «غولدمان ساكس» و»مورغان ستانلي» لنيودلهى باعتبارها الوجهة الاستثمارية الرئيسة للعقد المقبل.
هنا يمكن القول إن التاريخ يعيد نفسه فكما فعلت الصين قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، بدأت الهند تحولاً هائلاً فى البنية التحتية من خلال إنفاق المليارات على بناء الطرق والموانئ والمطارات والسكك الحديدية مثلما يفعل السيد الرئيس فى تطوير البنيه الأساسية والتحتية فى ربوع مصر.
كما أصبحت الهند تمثل طوق نجاة لشركات الرقائق العالمية من أزمات مالية طاحنة، وهرباً من «مضايقات» الرسوم الجمركية التى تفرضها الإدارة الأمريكية، بقيادة ترامب، الذى يهدف إلى الحد من تجارة الرقائق على مستوى العالم، لمحاصرة الصين التى تعتبر السوق الأكبر لهذه الرقائق وذلك بحسب التقارير المعنية بالملف
بالإضافة إلى ما تُقدّمه الحكومة الهندية من حوافز مالية كبيرة للمستثمرين فى قطاع أشباه الموصلات.
لكن ماذا عن الهند؟
تعمل نيودلهى على اجتذاب كبرى شركات التقنية إلى أراضيها وصادراتها من البرمجيات تقترب من 100 مليار دولار حيث يسهم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بأكثر من 13 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى للهند، ويعد من المحركات الاقتصادية الرئيسة للبلاد، كما تهدف نيودلهى إلى تنميته إلى تريليون دولار بحلول عام 2025، بما يعادل 20 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى المتوقع.
أين نحن مما يحدث فى ملف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؟ الإجابة يمكن أن نلاحظها من توجيهات السيد الرئيس السيسى بضرورة تنظيم دورات وتأهيل الكوادر البشرية خاصة الشباب على اقتحام هذا المجال الذى يمثل مستقبل سوق العمل ليس فى مصر فقط ولكن على المستويين الإقليمى والدولي، خاصة إذا علمنا أن السنوات القادمة، سوف تشهد إقبال وقدوم الشركات العالمية ومتعددة الجنسية إلى مصر «المنطقة الاقتصادية بقناة السويس» وغيرها من المناطق التى تقوم الدوله المصرية بإعدادها لاستقبال الاستثمارات المختلفة لكى تصبح مصر سوقاً لتصدير وإنتاج تلك النوعية من التكنولوجيات ـ أعتقد أن هناك خطوات جادة بالفعل للتعامل مع هذا المستقبل، ولكن نحتاج إلى المزيد والمزيد، وبإيقاع سريع والأفضل أن يكون مشروعاً قومياً له الأولوية فهو مستقبل مصر وشبابها، خاصة فى ظل توجيهات السيد الرئيس بتأكيده على أن الدولة تدعم بشكل كامل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وحرصه المستمر هى قيام الدولة بإطلاق المبادرات وإنشاء مراكز متخصصة لإعداد كوادر مؤهلة، مع ضرورة الالتزام بالموضوعية التامة فى اختيار أفضل العناصر وتوفير تدريب عالى المستوى لها، وكذلك توجيهاته بوضع إستراتيجيات واضحة وقابلة للتنفيذ لتطبيق الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على البحث والتطوير والتدريب، وضمان الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتعظيم الاستفادة منها.
قد يتساءل البعض عن هذا التفاؤل الذى تشير إليه أقول لهم إن مصر تُعد بوابة إستراتيجية إلى المنطقة، وأفريقيا، وأوروبا، بل وتمتد أهميتها إلى ما وراء أوروبا نحو الولايات المتحدة ودول أخري، كما أن الاقتصاد المصرى أصبح يتمتع بديناميكية عالية، وهو ما يجذب المزيد من الشركات الهندية للاستثمار والعمل فى مصر.
وبالتالى أعتقد أن هناك ضرورة لعقد شراكات جديدة مع الشركات الهندية لنقل وتوطين التكنولوجيا وتعميق التصنيع المحلي، إلى جانب تبادل الخبرات والمعلومات الفنية.
أيضاً وجود العديد من السمات المشتركة بين مصر والهند ووجود نسبة كبيرة من الشباب فى كلا البلدين، مما يسهم فى تعزيز التكيف مع التكنولوجيا الحديثة، كما أن الهند تُعد موطناً لقطاع واسع من الشركات الناشئة، حيث يوجد لدينا أكثر من 100 ألف شركة ناشئة، وهذا يفتح الباب أمام فرص كبيرة للتعاون بين الشباب فى الهند ونظرائهم فى مصر.
خارج النص:
أمريكا تضغط على الصين، وتحاول أن تصنع حولها حصاراً من نوعاً خاص، وكانت البداية رفع الرسوم الجمركية والخلاف القائم حالياً بين الدولتين وتشجيع الاستثمارات الأمريكية بالتوجه إلى الهند بدلاً من الصين ـ رغم أنها بذلك تخلق منافساً جديداً لها مثلما فعلت مع الصين، وشجعت الشركات الأمريكية بالذهاب للصين قبل عقود مضت، وقريباً سوف نلاحظ ظهور الدولة المصرية كنجم اقتصادى كبير صاعداً بشرط أن يتحرك الشعب بأطيافه ككتلة واحدة قادرة على مواجهة المؤامرات التى تحاك ضد مصر وشعبها.