فى هذا الصدد، شددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أن الإخلاء الجماعى لمدينة غزة بطريقة آمنة «مستحيل»، محذرة فى بيان من هذه الخطط الإسرائيلية لا سيما فى ظل الظروف الحالية التى تخيم على المدينة والقطاع الفلسطينى بأكمله.
على الصعيد الأممي، حذر مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة «أوتشا» من أن نحو مليون شخص فى شمال قطاع غزة يواجهون أخطار النزوح، فى ظل استمرار الهجوم الإسرائيلى على مدينة غزة.
أضاف المكتب أن قرار إسرائيل تصنيف مدينة غزة «منطقة قتال خطرة» سيضاعف المخاطر على حياة السكان، ويعوق وصول عمال الإغاثة وقدرتهم على تقديم الدعم.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة قد تكون لها تداعيات أكثر فظاعة على المدنيين فى مختلف أنحاء القطاع إذا تصاعدت حدتها.
وقد حذر المستشار الإعلامى لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» عدنان أبوحسنة من سقوط الآلاف من الفلسطينيين بين قتيل وجريح وحدوث انهيارات أكثر للأوضاع الإنسانية إذا نفذ الاحتلال الإسرائيلى خطته بشأن مدينة غزة.
فى نفس سياق التحذيرات العالمية، شدد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على أن «المجاعة التى أعلنتها الأمم المتحدة فى غزة هى نتيجة مباشرة لمنع دخول المساعدات الإنسانية»، واصفا الكارثة الإنسانية فى القطاع بأنها «غير مقبولة على الاطلاق».
ودعا ماكرون إلى «وقف فورى للقتال واستئناف تدفق المساعدات ودعم السكان المدنيين»، مؤكداً أن «السلام العادل والدائم لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تسوية سياسية تقوم على حل الدولتين، بما يضمن أمنا دائماً لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين».
فى الوقت نفسه، قالت وكالة «الأونروا»، إن مستودعاتها فى مصر والأردن «ممتلئة وجاهزة لتحميل حوالى 6 آلاف شاحنة» مساعدات إلى قطاع غزة.
وأضافت فى منشور على منصة «إكس»، أنه «يجب رفع الحظر الذى تفرضه السلطات الإسرائيلية على إدخال المساعدات الإنسانية.
أعادت الأونروا التأكيد أنها «تملك نظاما فاعلا لتوزيع المساعدات بشكل آمن وعلى نطاق واسع».
وكان الناطق باسم الجيش الإسرائيلى أفيخاى أدرعى قد أعلن أمس الأول أن الجيش يعتبر مدينة غزة «منطقة قتال خطيرة» وأن الهدنة التكتيكية المحلية والمؤقتة لا تشمل المدينة.
خلال عمليات القتل الممنهج فى القطاع، استشهد حوالى 50 فلسطينياً وأصيب العشرات، أمس، فى قصف الاحتلال لمناطق متفرقة من قطاع غزة، نصفهم فى مدينة غزة، حيث أعلنت مصادر محلية، أن قوات الاحتلال الإسرائيلى اطلقت الرصاص بشكل مباشر صوب منتظرى المساعدات جنوب منطقة وادى غزة وسط القطاع.
فى الوقت نفسه أعلن مستشفى العودة بأنه استقبل خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية ثمانية شهداء، بينهم ثلاثة أطفال، و40إصابة منهم تسع سيدات.
وخلال ساعات متأخرة من الليل، قصف الاحتلال منزلاً فى مخيم النصيرات وسط القطاع، ما أدى إلى استشهاد خمسة فلسطينيين وإصابة وفقدان آخرين.
كما ذكرت مصادر طبية فى مستشفيات القطاع، أن 8 شهداء وصلوا مستشفى الشفاء، وثلاثة مستشفى شهداء الأقصي، واثنين مستشفى ناصر.
تواصل آليات الاحتلال اطلاق نيران رشاشاتها تجاه شرق دير البلح وسط القطاع، وقصفت طائراته مبانى فى منطقة الكرامة شمال غربى مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد امرأة وطفلها وإصابة آخرين.
فى الوقت نفسه، تستمر قوات الاحتلال فى نسف العشرات من المبانى السكنية فى جباليا شمال القطاع، مستخدمةً الروبوتات المفخخة لتدمير منازل المواطنين.
كشفت وزارة الصحة الفلسطينية أن الـ 24 ساعة الماضية شهدت وفاة 10 أشخاص بسبب التجويع وسوء التغذية بينهم 3 أطفال، مضيفا أن إجمالى عدد الوفيات بسبب سوء التغذية ارتفع إلى 332 شهيدا.
وقال محمد العامور وزير الاقتصاد الفلسطينى إن حجم الخسائر الناجمة عن العدوان الإسرائيلى يتجاوز 53 مليار دولار، مشيرا إلى أن خطة الإعمار تقدر بنحو 73 مليار دولار.
فى المقابل، شنت حركة حماس هجوماً مباغتاً على قوات إسرائيلية فى كمين وقع حى «الزيتون» خلال الساعات الأولى من صباح أمس، حيث أشارت تقارير أولية إلى أن قوات إسرائيلية تعرضت للهجوم من جانب حماس.
بعدها أقرّ الجيش الإسرائيلي، أمس، بإصابة سبعة من جنوده شمالى قطاع غزة، بعد ساعات من نفى متحدثه الإعلامى وقوع أى عمليات فى المنطقة فيما أفادت وسائل إعلام عبرية بمقتل جندى على الأقل.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلى إن «ناقلة جند مدرعة أصيبت بانفجار عبوة ناسفة فى حى الزيتون شمال القطاع، خلال عملية نفذتها الفرقة 99 واللواء 7»، مشيرة إلى أن جنديين أُصيبا بجروح متوسطة ونُقلا إلى المستشفي، بينما غادر خمسة آخرون بعد تلقى العلاج.
تزامن ذلك مع إعلان مصادر عبرية عن فقدان أربعة جنود إسرائيليين خلال المعارك وسط عمليات بحث عنهم ومخاوف من تعرضهم للأسر.
يأتى ذلك وسط تأكيدات من مصادر عبرية أن الجيش الإسرائيلى فعّل بروتوكول «هانيبال» لمنع أسر أى من جنوده على يد حماس أثناء هجوم حى «الزيتون».
من جهة أخري، ندد وزير الخارجية الفرنسى جان-نويل بارو، أمس، برفض الولايات المتحدة منح تأشيرات دخول لمسئولين فى السلطة الفلسطينية لاجتماعات الأمم المتحدة.
أكد وزير الخارجية الفرنسي، فى كوبنهاجن قبيل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أن «مقر الأمم المتحدة مكان حيادى فى خدمة السلام. ولا يمكن أن يكون حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة خاضعا لأى قيود»، وفقاً لما ذكرته فرانس برس.
كذلك انتقد وزير خارجية لوكسمبورج، كزافيه بيتيل، القرار مؤكداً ضرورة إجراء مناقشات فى ما بيننا، مستنكراً استبعاد فلسطين من الحوار.
اعتبرت بلجيكا إلغاء الولايات المتحدة تأشيرات دخول عدد من المسئولين الفلسطينيين ومنعهم من المشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة الشهر المقبل، حيث وصف وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، قرار واشنطن بأنه «مؤسف للغاية» و»ضربة للدبلوماسية».
أضاف بريفو: «فى وقت اكتسب فيه حل الدولتين زخما جديدا، وتحققت التزامات ملموسة، وتزايد الدعم الدولي، فإن إسكات الصوت الفلسطينى لا يعد فقط ظلما، بل يؤدى إلى نتائج عكسية».
ووصف رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز، القرار الأمريكى بـ«الجائر»، مؤكدًا خلال اتصال هاتفى مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس دعم مدريد له.
كانت قد أعلنت واشنطن مؤخراً منع مسئولى السلطة الفلسطينية من حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل بضعة أسابيع من انعقادها، والذى تتجه فيه فرنسا، وبعض الدول الأوروبية إلى الاعتراف بدولة فلسطين.
قالت واشنطن إنها سترفض منح تأشيرات دخول لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، و80 مسئولاً من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية من أجل حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، مبررة ذلك بـ«مخاوف أمنية وسياسية».
