كل ما يحدث حولنا يؤكد أن هناك محاولات إخراج صورة جديدة للتآلف العالمى لتغيير مسار الصورة القاتمة وحلحلة أو تحلحل عملية تعزيز التعاون والإصلاح والابتكار وتقديم نموذج اقتصادى تشاركى يتميز بالتعاون والتنسيق بين المؤسسات العالمية.
وهناك إصرار على تحطيم الاقفال المغلقة وتقديم صورة للقراءة الصحيحة للمستقبل وعدم الاستسلام للأمر الواقع وتحويل العالم إلى بقاع ساخنة حتى لا تتلاشى آمال الدول الناشئة والنامية وان الأمر ليس مستحيلاً ولكنه يحتاج إلى وقت وعلى صانعى السياسات طى صفحات الماضى فقد تعلم العالم الدرس جيداً.
لقد أصبح وضع الاقتصاد العالمى والأسواق معلقاً وأصبحت المسارات متباعدة.
وسط كل هذه المزاحمة من المشاكل العالمية هناك محاولة فى البحث عن الانسجام العالمى فى ظل عالم متعدد الأقطاب ويأتى اجتماع هذا العام وسط ظروف غير مسبوقة من حيث عدد الدول المشاركة بحثا عن انسجام أوسع فى مواجهة التحديات والتهديد الحقيقى لعقلية الحروب بالوكالة والبحث عن الحد الأدنى للأمن القومى ولم تفلح كل محاولات الغرب ورئيس مجلس إدارة العالم فى عزل قمة منظمة شنغهاى عن الاجتماع هذا العام والذي سيبدأ غدا الأحد 31 اغسطس الحالى ولمدة يومين حيث تجتمع 20 دولة و رؤساء 10 منظمات دولية ويشارك فيها د.مصطفي مدبولي رئيس الوزراء نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى.
مشاركة مصر في القمة تؤكد رغبة الدولة وسياستها في تنويع علاقاتها الاقتصادية والانفتاح علي كل المسارات بما يحقق طموحات الشعب المصري.
هذه القمة الأكبر فى تاريخ المنظمة فالصين منذ توليها الرئاسة الدورية من يوليو من العام الماضى التزمت بشعار تعزيز روح شنغهاى (منظمة شنغهاى للتعاون فى العمل).
ونفذت أكثر من مائة نشاط رئاسى غطت مجموعة من النشاطات بما فيها الأمن والتعليم والابتكار السياسة والصناعة والتكنولوجيا الخضراء والاقتصاد الرقمى والطاقة وساعدت على تنفيذ نتائج ايجابية للدول الأعضاء.
ولاننسى أن مصر والسعودية وتركيا من الدول المراقبة تمهيداً للعضوية.
لاشك أن التنمية الاقتصادية غير المتكافئة فى مختلف أنحاء العالم تؤدى بصورة متزايدة إلى التطرف وإلى حالات النزاع التى تهدد الحياة فى نهاية المطاف ويؤدى الاتجاهات السلبية فى التنمية الاقتصادية العالمية إلى تكثيف الاختلالات القائمة التى تسهم بدورها فى تزايد التهديدات والتحديات التى تواجه الامن والتنمية المستدامة العالمية ولذلك هناك نموذج من التكتلات العالمية الذى يدعو إلى الوحدة بدلاً من الانقسام والتعاون بدلاً من الصدام، والاندماج بدلاً من الانفصال والتحذير من حرب بأردة مرة أخرى مع أصحاب القطبية الواحدة وحلفائهم هذا النموذج هو منظمة شنغهاى ويمثل عدد سكان دول منظمة شنغهاى للتعاون حوالى 42 % من سكان العالم لتلحق بمجموعة بريكس وترسل اشارات سياسية واقتصادية سواء للامم المتحدة أو غيرها من المنظمات التى أصبحت ليست بذات الأهمية فهى لا تعتمد بالاساس على المقاربات الفكرية أو السياسية وانما هى تسعى قولاً واحداً للخلاص من القطبية الأوحد وايضاً تنحية الدولار عن عرشه وتحذر من الثورات الملونة فهى منظمة محايدة بشكل جذرى غير موجهه ايدولوجياً.
فهى تقدم نوعاً من السلام الاقليمى فى وقت يمر به العالم اذا كان يريد السير فى مسار التعايش السلمى المشترك والتنمية والسعى لايجاد حلول سلمية وهى تكتسب شعبية بين التكتلات العالمية ولكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت وهناك قبول من دول الاعضاء على أن التجارة العالمية يجب أن تتم وفق مبادئ الشفافية وعدم التمييز وعدم ممارسة سياسات خاصة بالحمائية وان تكون هناك حالة من التساوى بين دول الاعضاء ومن المهم إزالة الحواجز التجارية القائمة وتشكيل اقتصاد عالمى مفتوح يعزز النظام التجارى متعدد الأطراف.
> والسؤال المهم الذى يطرح نفسه ما هى منظمة شنغهاى للتعاون وما هى أهدافها؟
>> انشأت منظمة شنغهاى للتعاون فى 15 يونيو 2001 فى مدينة شنغهاى فكانت تشمل عدد ٦ دول هى الصين و كازاخستان وقيرغيزستان وروسيا وطاجيكستان واوبكستان ووقع ميثاقها فى يونيو 2002 ودخل حيز التنفيذ فى سبتمبر 2003 وانضمت بعد ذلك كل من الهند وباكستان إلى المنظمة كعضوين كاملين عام 2017 ودخلت ايران للانضمام إلى المنظمة وتتضمن المنظمة ما يسمى بشريك الحوار وهو عبارة عن دولة تشارك المنظمة فى أهدافها ومبادئها مع منظمة شنغهاى وترغب فى إقامه علاقات شراكة معها ولذلك كانت دول شريك الحوار هى أرمينيا – أذربيجان – كمبوديا – نيبال – سريلانكا – تركيا.
مصر السعودية
> وكان هناك ملف هام وهو انضمام الدول العربية
>> لقد رحب الرئيس الروسى بوتين العام قبل الماضى بانضمام كل من (مصر- الامارات -الكويت – البحرين – قطر) إلى منظمة شنغهاى لحقاً بالـسعودية بصفة شريك للحوار وهو يعكس (سياسة انفتاحية عربية) تركز على توسيع قاعدة المصالح إقليمياً وعالمياً بما يمكنها من مواجهة الضغوط السياسية الراهنة.
فالمنظمة تسعى إلى توسيع دورها ومكانتها فى حل القضايا الدولية والاقليميه خصوصاً مشاكل الطاقة والغذاء وسلاسل الامداد وهيمنة الدولار واهتزار الاقتصادات والتى تتزايد يوماً بعد يوم.
رؤية مصر
تتسم سياسة مصر الخارجية بالتوازن والعقلانية فهى تحافظ أولاً وأخيراً على مصالحها، فهى توسع علاقاتها بالتوجه شرقاً نحو الصين وروسيا وتكتل بريكس بجانب وجودها ببنك التنمية الجديد ومع ذلك تحافظ على علاقاتها مع واشنطن وحلفائه من دول الغرب فهناك مصالح مشتركة مع الجميع دون الدخول فى (حالة الاستقطاب الدولى الحالي) فانضمام مصر إلى منظمة شنغهاى «هدفه الاستفادة الاقتصادية من هذا التجمع الكبير فضلاً عن محاولة التوازن فى العلاقات بحيث لا تكون تلك الدول تحت رحمة جانب واحد، فهناك كثير من الضغوط الأمريكية التى تحاول ممارستها على الدول العربية وقد حان الوقت للتحرر منها بوجود بدائل بهذه التكتلات وحسناً فعلت فمنظمة شنغهاى تعد من كبرى المنظمات الاقليمية فى العالم لانها ضمت مساحة جغرافية ضخمة تشمل نحو نصف سكان الارض واجمالى الناتج المحلى للدول الاعضاء فى المنظمة حتى الآن نحو 25 ٪ من مؤشر العالم أجمع، والدولة المصرية لها شروط فى دخول هذه التحالفات أولها الا تكون موجهة على حساب مصالحها.
فالدولة المصرية تعمل وفق برنامج اقتصادى طموح يقوم على اتساع قاعدة الاستثمارات عالمياً ومنح نوافذ وآفاق جديدة داخل منظمة تضم نصف سكان العالم بقيادة العملاق الصينى ثانى أكبر اقتصاد عالمى وبالتالى فالمنظمة تمثل مصدر قوة اقتصادية وهذا لا يعنى تبنى أى سياسة موجهة ضد أحد.
وهناك سؤال يطرح نفسه جلياً حول تخوفات الولايات المتحدة من هذا التكتل أو غيره.
الاجابة ببساطة أن الأمر سيعتمد على منظور واشنطن وصناع السياسات بها فبعضهم غير قادر على الخروج من قوقعة القطب الواحد وبطريقة ما ستنتصر (فكرة التكتل وليس فكرة الصفرية) وحتى اصحاب المخاوف فلديهم الوقت لقبول الوضع الجديد وهى تحت المراقبة بالرغم من التفاوت الاقتصادى الكبير فإنها قادرة على احداث التغيير والتركيز على التعايش الاقتصادى والخلافات الواردة خصوصاً أن هذه الدول تمضى فى مواجهة ما يسمى (بالحمائية الاقتصادية) وتوسيع مفهوم الامن العالمى والقضاء على ما يسمى بتعارض القضايا على اساس ايدولوجى فالكل يسعى إلى عالم الغد الاكثر اتصالاً رغم سعى بعض الدول لمصالحها الفردية فقط وهى أحادية القطبية فالبشرية تسعى للسلام الاقتصادي.
حتى دخول ايران إلى المنظمة يحمل رسائل هامة إلى العالم والمنطقة فى آن واحد فإيران غيرت سياستها واتجهت نحو الشرق وتلاشى مع الاتجاه الغربى وجودها داخل المنظمة كقوة اقليمية يجعل النضال ضد عالم احادى القطب شيئاً مهماً بجانب وجود السعودية ومصر وهو يمثل اتساعاً جغرافياً جديداً للمنظمة ويفتح آفاقاً للتعاون والسلام الاقتصادى وايضاً موقفها من القضايا الاستراتيجية وهذا الأمر شئ إيجابى للمنظمة ومنطقة الشرق الاوسط وهو فرصة لايران لاظهار انفتاحها على العالم الخارجى ولذلك اصبحت منظمة شنغهاى للتعاون فى العصر الحالى للعولمة لديها قوة متزايدة من الجاذبية والكاريزما والسلطة.
> المنظمة تهدف إلى بناء نظام عالمى متعدد المراكز يتسق بشكل تام مع قواعد القانون الدولى ومبادئ الاحترام المتبادل التى تلبى مصالح كل دولة مع وضع احتياجاتها وطموحاتها المتبادلة فى الاعتبار لانها ببساطة أكبر منظمة اقليمية من حيث المساحة والسكان وتغطى دول المنظمة 60 ٪ من منطقة اوارسيا بعدد سكان يقدر بــ 3.2 مليار و بحجم اقتصادى يبلغ 20 تريليون دولار وقد أتاحت المنظمة للدول الأعضاء التعامل بالعملة المحلية وهو من أكبر أهداف المنظمة ففى تصريح لسيد الكرمين فى آخر اجتماع أن 80 ٪ من حجم التجارة بين روسيا والصين أعضاء المنظمة تتم بالروبل الروسى واليوان الصيني.
وهناك رفض قاطع من أعضاء المنظمة للهيمنة وسياسة القوة.
> اصلاح المؤسسات العالمية ومنها الأمم المتحدة.
> قد يكون الأمر مستغرباً أن يصرح بعض الساسة عبر اجتماع المنظمة فى العام الماضى بأن المنظمة وأهدافها قد تجعل الأمم المتحدة تفكر فعلياً فى اصلاح أوضاعها فالمنظمة اتخذت بعض التدابير الفاعلة لمكافحة الارهاب وتعزيز التعاون فى مكافحة تمويل الارهاب.
وقد صرح الرئيس الصينى بأن سياسات المنظمة قد تصبح عاملاً فاعلاً ومهماً فى اصلاح المؤسسات العالمية كما علق الرئيس الصينى أيضاً من خلال هذه القمة الفاعلة أن على المنظمة ان تواجه العقوبات آحادية الجانب وتعزيز المساواة فى الوصول إلى التنمية وان بيلاروسيا تنضم إلى المنظمة (أهداف المنظمة الفاعلة).
> الحوار الثقافى كإجراء وقائى ضد التهديدات الأمنية فالعامل الرئيسى فى اقامة الثقة المتبادلة والصداقة وعلاقات الحوار بين دول الاعضاء فى منظمة شنغهاى هو تعاملهم فى المجالات الثقافية والتعليمية والعلمية حيث يسهم الحوار الثقافى المتواصل والمتآصل فى الاطلاع على الخبرات الثقافية لبعضهم البعض واثرائه. مما يؤدى فى نهاية المطاف إلى زيادة مساحة التفاهم، فالحوار يجمع الناس ويوحدهم حول قيم وتطلعات إنسانية مشتركة ويساعد على الحد من كراهية الطرف الآخر والتعصب الدينى والعرقى والهدف الرئيسى فى التقريب بين الحضارات وازالة العوائق وزيادة السياحة والتعرف على تاريخ هذه المناطق والتمتع ببعض الصفات الوطنية والثقافية ومفاهيم جديدة للعقول من خلال التراث والتوافق الثقافي.
وإذا كانت الأهداف الرئيسية للمنظمة تكمن فى تعزيز العلاقات بين الدول الاعضاء وتعزيز التعاون فى الشئون السياسية والاقتصادية والتجارية والعلوم والثقافة والتعليم والطاقة والنقل والسياحة وحماية البيئة والحفاظ على السلم والامن والاستقرار الاقليمى وانشاء نظام سياسى واقتصادى دولى عادل.
> كما تسعى المنظمة إلى معارضة شئ مهم هو (الحمائية فى العلاقات الاقتصادية الدولية) حيث تواصل الصين المضى فى الطريق الصحيح للعولمة الاقتصاية ومعارضة الحمائية والعقوبات الاحادية وتوسيع مفهوم الامن القومى كذلك بذل جهود حسية من أجل حفظ السلام الاقليمى وضمان الامن المشترك ويجب على كل دول المنظمة الالتزام بهذا المبدأ الا وهو الطريق الصحيح وتعزيز تضامنهم وثقتهم المشتركة وان الدول الاعضاء ستسعى جاهدة إلى تعزيز العلاقات التجارية والمصرفية والاستثمارية بين دول منظمة شنغهاى وتعزيز التعاون الامنى بينهم وان العالم لن يعرف طريق السلام خصوصاً الغرب وامريكا قبل ان يكون لديه مناعة كاملة (ان المال وحده لا يكفى لبناء الثقة) وان القبول بتعدد الاقطاب هو آخر فرصة له للحفاظ على علاقات صداقة مع الشرق تضمن له ليس فقط الموارد الكافيه للاستثمار ولكن ربما للحياة أيضاً.
> أما الشأن المصرى والمنظمة.
لقد وقعت مصر مذكرة انضمامها كشريك حوار بمنظمة شنغهاى للتعاون منذ عامين بالعاصمة الاوزبكية… طشقند وهى خطوة مهمة فى ضوء الانفتاح المصرى على العالم وقناعة القيادة السياسية بأهمية التكتلات الاقتصادية وفتح دوائر جديدة للسياسة الخارجية المصرية فى عهد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى نجح فى تأكيد الحضور المصرى فى مناطق ارتكاز جديدة للسياسة الخارجية المصرية.
تحقيق المصالح المصرية وفقاً لاستراتيجية الامن القومى المصرى فى التحرك فى جمهوريات آسيا الوسطى وفى النطاقات الآسيوية المتعددة.
إن انضمام مصر إلى منظمة شنغهاى للتعاون يعطى فرصاً واعدة فى مجالات الاستثمارات الخارجية وجذبها خاصة أن مصر تمتلك بنية تحتية ومناخا جيدا للاستثمار وهو ما يمكن أن يمنح لدول المنظمة الاستثمار والتحرك المشترك من أجل تحقيق المصالح والفوائد المشتركة لمصر وللدول الاعضاء بهذه المنظمة.
إن هذه المنظمة كعنصر وجزء لا يتجزأ من النظام السياسى والاقتصادى العالمى الحديث تحدث نوعا من التوازن و تفتح اسواقاً جديدة خصوصاً الشريحة السكانية الكبيرة كما ان الناتج القومى لدول المنظمة يمثل 25 ٪ من الناتج القومى العالمي.
وهناك زيادة كبيرة فى عدد الدول المستعدة للانضمام إلى أنشطة المنظمة كدول أعضاء أو شريك حوار وذلك فى ظل تحول النظام الحديث للعلاقات الدولية وسعى دول العالم لايجاد نظام اقتصادى عالمى أكثر عدلاً وانصافاً عن نظام برايتون وودذو المهمين عليه أمريكا بعملتها الدولار.
توسيع حجم التجارة البينية بين دول المنظمة وتنفيذ عدة مشروعات لوجيستية هامة والوصول السوق التكاملية بالعملة المحلية بين الدول.
وفى نهاية الامر العالم يسير فى مرحلة اختيار مسار إجبارى تقوم به الدول للفصل بين مطامع الغرب والتفوق التكنولوجى والأموال لينهى مرحلة 400 عام من التكتل الأمريكى الغربى وتصحح هذه التكتلات أخطاء الماضى فهل يقف الغرب مكتوف الأيدي.. وهل ترضخ أمريكا للعالم الجديد هل ستسعى من خلال الحروب الالكترونية السيبرانية لعرقلة الفكرة القائمة على عالم جديد للجميع يرفض القطب الواحد.
وتشهد جهود أسرة منظمة شنغهاى للتعاون تماسكها يوما بعد يوم ويظهر تقرير البيت المشترك تفاعل الرأى العام للدول المشاركة حول الرؤى والأحلام للدول أن روح شنغهاى أثبتت جديتها بنسبة 80 ٪ لعملية الحوكمة العالمية و70 ٪ من البلدان المشاركه قد حظيت بفرصة ويرى 60٪ من الأعضاء أن المنظمة تعزز التنمية المستدامة للاعضاء طبقا لتقرير معهد جلوبال تايمز للأبحاث فى مايو الماضي.
تحاول منظمة شنغهاى ضبط زوايا العالم وإزالة الندبات الغائرة التى تركتها السياسات الحمائية ومحاولة تسديد الرمية إلى قلب البشرية جمعاء.
