مع اقتراب بداية العام الدراسى الجديد، تبدأ الأسر فى مصر استعداداتها المعتادة، وفى طليعة هذه الاستعدادات يظهر تحدٍ متزايد يفرض نفسه بقوة على ميزانية الأسرة وتركيز الطالب هو الكتاب الخارجي.
تحول هذا الكتاب، الذى كان يُنظر إليه فى السابق كأداة مساعدة إلى ضرورة ملحة يهرول إليها الطلاب وأولياء الأمور خوفاً من فوات فرصة الاستفادة منه، لكنه فى الواقع يمثل عبئاً مالياً كبيراً وأداة للتشتت المعرفي.
يعانى الطالب اليوم من تعدد مصادر المذاكرة، فبين الكتاب المدرسى الذى يفترض أن يكون المصدر الأساسي، والبوكليت، وشيتات المدرسين، والكتاب الخارجى نفسه، يجد الطالب نفسه فى دوامة. هذا التشتت يقلل من تركيزه وقدرته على استيعاب المادة العلمية، ويُفقد العملية التعليمية بساطتها وتركيزها. فبدلاً من أن يبنى الطالب أساساً قوياً من خلال مصدر واحد موثوق، يُجبر على القفز بين الكتب المختلفة، مما يضعف تحصيله الدراسى فى النهاية.
يمثل الكتاب الخارجى عبئاً مالياً إضافياً على الأسر. فالميزانية المخصصة للتعليم، والتى قد تشكل نسبة كبيرة من دخل الأسرة، تزداد ثقلاً مع ضرورة شراء هذه الكتب الإضافية، والتى تُنتج فى كثير من الأحيان بأسعار مرتفعة. هذه الكتب ليست مجرد أداة مساعدة، بل أصبحت استثماراً تجارياً ضخماً، تحقق منه الشركات المنتجة أرباحاً طائلة على حساب ميزانية الأسر التى ترغب فى توفير أفضل تعليم لأبنائها.
تجاوز هذه المعضلة يتطلب تكاتف الجهود من جميع الأطراف ويجب أن يكون الكتاب المدرسى هو المصدر الرئيسى والكامل للطالب، من خلال تطوير محتواه ليشمل أسئلة وتدريبات كافية تغنيه عن أى مصدر خارجي.
من الضرورى نشر الوعى بين الأسر بأن الكتاب المدرسى وحده يمكن أن يكون كافياً، وعدم الانسياق وراء الضغط التجارى والاعلانات التسويقية التى تروج للكتب الخارجية كضرورة لا غنى عنها.
يجب على الجهات المعنية وضع ضوابط واضحة لتنظيم سوق الكتب الخارجية، للحد من استغلال الأسر وضمان جودة المحتوى المقدم.
يجب أن يكون الهدف هو توحيد المصادر التعليمية قدر الإمكان، لتقليل التشتت وزيادة تركيز الطالب على المادة العلمية الأساسية، مما يساعد على بناء جيل واعٍ ومدرك للمحتوى التعليمى الأساسي.
فى النهاية، يجب أن يكون الهدف من التعليم هو بناء عقول قادرة على التفكير والتحليل، وليس مجرد استهلاك لمصادر متعددة ومكلفة وكذلك حماية ميزانية الأسرة وتركيز الطالب يجب أن يكونا الأولوية القصوي، وليس زيادة أرباح الشركات على حساب الطالب والأسرة.