فى وقت ما لجأت الحكومة إلى رفع أسعار الفائدة لعدة أسباب منها عندما ارتفع التضخم بشكل كبير، فكان من الضرورى خفض الإنفاق الاستهلاكى والاستثماري، مما ساعد فى تقليل الطلب على السلع والخدمات، وبالتالى تقليل التضخم، وكذلك لتحفيز الاستثمار الأجنبي، لأن المستثمرين يبحثون عن فرص استثمارية ذات عائدات أعلي، وأيضا لتحسين ميزان المدفوعات، حيث يزيد من الطلب على العملة الوطنية ويزيد من قيمتها، وبالتالى من الطبيعى أن زيادة أسعار الفائدة يحمل موازنة الدولة أعباء إضافية ويزيد من تكلفة الاقراض للمشروعات الإنتاجية، ويرفع تكلفتها ومن ثم ترتفع الأسعار، وفى اعتقادى أن اجراء تحديد سعر الفائدة له مدلولات حكومية من خلال احصاء ودائع القطاع العائلى ومعرفة مدى ملاءة هذا القطاع لاتخاذ بعض الإجراءات والقرارات التى تظهر من آن لآخر وهى مؤشر لحساسية الضغط على هذا القطاع بزيادة الأسعار التى توالت بشكل غير مسبوق.
الجميع يترقب اجتماع البنك المركزى اليوم للنظر فى سعر الفائدة والتوقعات كثيرة ومختلفة ووفقا لاستطلاع خاص لـ CNBC عربية الذى شمل 11 محللاً وخبيراً اقتصادياً فى شركات وبنوك استثمار محلية وعالمية فإن البنك المركزى المصرى سوف يستأنف خفض الفائدة فى اجتماعه اليوم، وأجمع 91 ٪ من المشاركين فى الاستطلاع على أن المركزى سيتجه لخفض الفائدة فى خامس اجتماعاته للعام 2025 بهدف دعم النشاط الاقتصادى من جهة وتقليل أعباء خدمة الدين العام من جهة أخري، وبحسب معظم المشاركين فى الاستطلاع، فإن استمرار الاتجاه الهبوطى للتضخم فى شهر يوليو الماضى مسجلا 13.9 ٪ على أساس سنوي، سيدفع المركزى لاستكمال دورة التيسير النقدى التى بدأها خلال العام الجارى عبر خفض الفائدة بواقع 3.25 ٪ لتصل إلى 24 ٪ للإيداع و25 ٪ للإقراض، بينما يرى 9 ٪ فقط ممن شملهم الاستطلاع أن المركزى المصرى سيبقى معدلات الفائدة دون تغيير تحسباً لموجة التضخم المرتقبة حال رفع أسعار المحروقات فى شهر أكتوبر المقبل.
وفى تصورى أن هناك عدة أسباب باتت داعمة لخفض سعر الفائدة بحوالى من 2-3 ٪ وهى ارتفاع قيمة الجنيه مقابل الدولار، وتأجيل رفع أسعار الكهرباء، وتأجيل رفع أسعار الغاز للمصانع، ومبادرة خفض أسعار السلع المعمرة والتموينية، ووجود فائض إنتاج ضخم من الدواجن والسكر، وارتفاع احتمالية خفض الفيدرالى للفائدة فى سبتمبر، وهذه الأسباب مجتمعة قد تؤدى أيضا إلى انخفاض مؤشر التضخم للشهر الثانى على التولى بمقدار نصف بالمائة مثلما كان الحال فى شهر يوليو، فإذا حدث ذلك فإن معدل التضخم السنوى سيهيط من 9.31 ٪ فى يوليو إلى 11 ٪ فقط فى اغسطس 2025، وفى هذه الحالة، سيكون الفارق بين معدل الفائدة 25 ٪ ومعدل التضخم السنوى 11 ٪ وهذا الفارق يسمح للبنك المركزى بخفض الفائدة بنسبة تصل إلى 3 ٪ بدون الاخلال بالمسار الهبوطى لمعدلات التضخم، وفى كل الاحوال سيتسارع معدل التضخم إلى مستويات تقارب 14 – 15 ٪ فقط بنهاية هذا العام فى حال رفع اسعار الطاقة والمحروقات.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. الهدف الرئيسى من خفض أسعار الفائدة هو زيادة السيولة فى السوق وخفض الاتجاه الى شهادات وودائع البنوك لدعم الاتجاه لعمل مشروعات خاصة وتشجيع المستثمرين وكذلك تخفيض تكلفة فوائد الدين العام، ألا أن هناك قطاعاً عائلياً متمثلاً فى حوالى مليون أسرة مصرية يعتمدون بشكل كبير فى حياتهم المعيشية على العائد من سعر الفائدة على شهادات الإدخار، وبالتالى من الضرورى تعويضهم بأى طريقة من طرق الحماية الاجتماعية، والعمل بكل قوة على استقرار أسعار السلع والخدمات.. حفظ الله مصر وأهلها.