لقد نبهنا ديننا الحنيف إلى أهمية وحدة الصف وحذرنا من الفرقة والاختلاف، حيث يقول الحق سبحانه: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» (آل عمران: 103)، ويقول سبحانه: «وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (آل عمران: 105)، ويقول سبحانه: «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» (الأنفال: 46)، ويقول سبحانه: «وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ» (المؤمنون: 52)، ويقول سبحانه: «إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ» (الأنبياء: 92).
والعرب تقول فى أمثالها : أكلت يوم أُكل الثور الأبيض، وتقول: إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ولاسيما فى زمن التكتلات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وفى عالم أشبه بعالم الغاب الذى لا يعرف إلا لغة القوة ونظرية البقاء للأقوي، ووجود عدو متغطرس متربص بدولنا ومنطقتنا العربية مدعوم بكل الأسلحة الفتاكة ممن لا يريدون لمنطقتنا الأمن والاستقرار، ويعملون على إضعافها وإسقاط دولها واحدة تلو الأخرى لإقامة ما يعرف بوهم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات بل إنّ مطامعهم الراهنة فاقت ذلك بكثير وراحوا يتحدثون عن سيادة المنطقة بأكملها.
وفى ظل هذه التحديات والأزمة الخانقة بغزة قتلا وتشريدا وتجويعا ومحاولات تهجير قسرى وإبادة جماعية لأهلها تقف الإرادة المصرية حائط صد منيعاً فى وجه محاولات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية وتؤكد أنه لا أمان لأحد فى المنطقة إلا بإقامة دولة فلسطينية على حدود ما قبل الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
وفى ظل أجواء التوتر هذه أتت زيارة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى للمملكة العربية السعودية الشقيقة وسط استقبال رسمى حافل ودلالات متعددة لعل من أكثرها رمزية لأهمية اللقاء وكرم الاستقبال هو قيام سمو ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز باستقبال سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية عند سلم الطائرة واصطحاب سيادته فى سيارته الخاصة التى قادها بنفسه حفاوة وتكريما للسيد الرئيس، لتؤكد هذه الزيارة على عمق ومتانة العلاقة التاريخية الراسخة بين البلدين الشقيقين، فهما عضد هذه الأمة وجناحاها التى تحلق بهما فى الآفاق وتصد بهما كيد المتربصين.
وأسفرت الزيارة أيضا عن تشكيل مجلس تنسيقى أعلى بين البلدين لبحث ودراسة وتعظيم وتسريع سبل التعاون فى مختلف المجالات، بما يخدم مصالح البلدين ويقطع على المتربصين بنا جميعا من خلال المزايدة ومحاولات زرع الفتنة وبث الفرقة من باب فرق تسد، لكن حكمة القيادة ورسوخ العلاقة والمصالح المشتركة وما يجمع الدولتين الشقيقتين من عوامل الدين واللغة والتاريخ والجغرافيا ووحدة الصف والمصير قادر بإذن الله على أن يفوت على المتربصين مكرهم، وهو ما يجب أن نتنبه جميعا له من أن هذه المرحلة والتحديات الراهنة فى حاجة إلى من يجمع ولا يفرق ، ومن يئد الفتن فى مهدها، ويدعم وحدة صف أمتنا العربية والإسلامية، مؤملين أن تكون العلاقات المصرية- السعودية الراسخة منطلقا لجمع شمل الأمة وتوحيد صفها على كلمة سواء، بما يحفظ لأمّتنا مكانها ومكانتها على المستويين الدولى والإقليمي، ويكبح جماح التطرف الصهيونى وغطرسته وأوهامه فيما يسميه حلم إسرائيل الكبري، ويسهم فى تحقيق وإحلال السلام العادل فى المنطقة والعالم.