لا شك فى أن الأسكندرية لا تنال القدر المناسب من السياحة الخارجية العالمية.. هى بكل تأكيد تنال حظا من السياحة العربية.. ولكن السياحة الخارجية غير العربية مازالت دون المأمول بكثير جدا..دمع أنها تملك كل المقومات التى تجعل منها وجهة سياحية جاذبة جدا.
وفى الأسبوع الماضى كانت الأسكندرية بأحداثها وافتتاحاتها السياحية والآثارية موضع اهتمام مصرى وعالمى مع انتشال عدة قطع من آثارنا الغارقة فى البحر المتوسط فى منطقة أبى قير.. وقبل أن نتحدث عن ذلك نشير الى كلمات شريف فتحى وزير السياحة والآثار التى تحدث فيها عن ضرورة الترويج السياحى للاسكندرية والتى قال فيها ان الأسكندرية واحدة من أجمل مدن العالم .
وأعلن الوزير ان وزارة السياحة والآثار ستعمل خلال الفترة المقبلة من خلال التواصل مع منظمى الرحلات وشركات السياحة على ادماج الأسكندرية ضمن برامج الرحلات السياحية وربطها بالساحل الشمالى الذى يشهد اقبالا متزايدا وما قاله الوزير يستحق التقدير والمتابعة أيضا.. لنرى ما سوف يحدث فيما وعد به الوزير من ترويج للاسكندرية.. ويستحق أيضا المناقشة خاصة فيما قاله من ربط الأسكندرية بالساحل الشمالي..فنحن نضيف الى ما قاله الوزير أن الأسكندرية أيضا يمكن ان تضاف اليها رشيد..ويمكن ان تضاف اليها سياحة دينية فيها.. وما حولها.. مثل طنطا و وادى النطرون.. الى جانب أن من يأتى الى الأسكندرية يمكن أن يزور القاهرة والمتحف المصرى الكبير كما يمكن أن يجمع بين زيارتها وزيارة العلمين ليس كسياحة شاطئية فحسب وانما كسياحة تاريخية تشمل آثار الحرب العالمية الثانية فى متحف العلمين وفى مقابر من شاركوا فى هذه الحرب وتتسع لتشمل معها سياحة صحراوية وسياحة صحية فى سيوة.. وكل هذه آفاق لزيارات متعددة يمكن منها صياغة برامج تشمل اختيارات عديدة للسائحين مع الترويج للاسكندرية لابد أن يسير معه جنبا الى جنب زيادة الطاقة الفندقية فى الأسكندرية لكى تستوعب الحركة السياحية المتوقعة.. وهنا يمكن التسريع بمشروعات القطاع العام السياحى ويمكن أيضا توفير المزيد من الأراضى داخل الأسكندرية نفسها من خلال تحويل عدد من الفيلات والدور التى تصلح لتحويلها الى فنادق.. أو المساكن التى يمكن لأصحابها أن يدخلوا بها شركاء بأرضهم فى شركات فندقية.. وهذا فيما أعتقد دور هام الأسكندرية بمتاحفها التى تنفرد بها تستطيع أن تجذب حركة سياحية عالمية.. يكفى أن نتحدث هنا عن متحف المجوهرات الملكية..الذى يضم كنوز العائلة المالكة من ملوك وأمراء أسرة محمد علي..والذى يمكن أن تقوم عليه وحده حركة سياحية تأتى اليه مباشرة.. وقد كنت منذ عدة سنوات مصاحبا للوفود المشاركة فى مؤتمر وزراء السياحة العرب عندما عقد فى الأسكندرية ، وزرنا هذا المتحف فكان الانبهار الشديد بمحتوياته..وأذكر أن السيدة ندى سردوك المديرة العامة لوزراة السياحة اللبنانية ، من كثرة انبهارها بما رأته فى متحف المجوهرات الملكية جاءت توجه لى عتابا..بل لوما..كيف يكون لدى مصر هذا المتحف ولا نعلم عنه شيئا..
وقد تكون السيدة ندى مبالغة..ولكن هذا المتحف فعلا يستحق ترويجا.. مع زميله المتحف اليونانى الروماني..الى جانب باقى متاحف الأسكندرية : المتحف القومى ، ومتحف محمود سعيد والفنون الجميلة والأحياء المائية ومواقعها الأثرية قايتباى والمسرح الرومانى وعمود السوارى وغيرها..
الآن باستئناف انتشال الآثار الغارقة بعد فترة توقف.. يضاف باستئناف عنصر آخر مشوق لزيارة الأسكندرية.. وتعود الى الأضواء فكرة انشاء متحف تحت الماء..أوتيسير الغوص فى غواصات لرؤية الآثار الغارقة..
والفكرتان أثيرتا فى مطلع العشرينات ولكن لم تر واحدة منهما النور؟.. والآن مع اثارة الوزير شريف فتحى من جديد لفكرة متحف تحت الماء نرجو ألا يكون الاهتمام بهذا اهتماما عفو اللحظة.. وان يتحول الأمر الى مشروع استثمارى تكلف بدراسته احدى بيوت الخبرة ويطرح للاستثمار العالمي..
بشكل عام فان هناك فى الأسكندرية خمسة مواقع للآثار الغارقة تشمل الميناء الشرقى وقلعة قايتباى والشاطبى والمعمورة وخليج أبوقير..ويعتبر الميناء الشرقى من أهم هذه المواقع باعتباره جزءا من الحى الملكى القديم.. وقد بدأ الاهتمام بهذا الموقع فى عام 1961..
ويشتهر خليج أبو قير بحطام سفن نابليون الغارقة ومواقع المدن الغارقة فى منطقة شرق كانوب ومدينه هيراكليون وكانت تقع قديما بالقرب من الفرع الكانوبى للنيل..والآن تقع أطلالها فى خليج أبى قير على عمق عشرة أمتار..وكانت مركزا تجاريا ودينيا مهما وكانت الميناء الرئيسى لمصر قبل بناء الأسكندرية.. وقد اكتشفت فى عام 2000 بواسطة المعهد الأوروبى للآثار البحرية بالاشتراك مع الادارة المركزية للآثار الغارقة..
انتشال الآثار الغارقة عملية شاقة بلاشك.. ومن المستحيل بطبيعة الحال انتشال أكثرها.. وكما قال وزير السياحة والآثار فإن مصر ملتزمة التزاما كاملا بأحكام اتفاقية اليونيسكو للتراث الثقافى المغمور.. ولهذا فان معظم القطع ستظل فى موقعها تحت الماء حفاظا على قيمتها التاريخية.. وما يتم انتشاله يتم وفق معايير علمية دقيقة وصارمة تشمل دقة استخراجها وحمايتها بعد استخراجها..