اعظم احتفال بالمولد النبوى هو التحلى بصفات النبى صلى الله عليه وسلم، فقد كانت من صفاته حب الفأل وكره التشاؤم، ففى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبنى الفأل الصالح»، كما اتسم الرسول بالحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم، حيث قال عن نفسه: إن الله بعثنى لأتمم حسن الأخلاق، وقال أيضاً: أدبنى ربى تأديباً حسنا، كما اتّصف النبى -عليه الصلاة والسلام- بالجود والكرم، وبلغ من جوده أنه كان يخلع ثوبه ويُعطيه لمن طلبه، واتسم ايضاً بالتسامح والطيبة والعفو والرحمة، حيث قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من فى الارض يرحمكم من فى السماء» وقال الله -تعالي- مخاطباً رسوله عليه الصلاة والسلام: «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك» كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثالاً يحتذى به فى العدل، وكانت أفعاله وأقواله وحياته كلّها تطبيقاً واقعياً لهذه الصفات العظيمة التى وصفها جعفر بن أبى طالب للنجاشى ملك الحبشة بقوله : «يا أيها الملك، كنا قوماً فى الجاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتى الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويستغل بعضنا بعضًا، فكنّا على ذلك حتى بعث الله فينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته، فدعانا إلى الله وحده، وأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف، ونهانا عن الفواحش والزور والكذب».
ولد الرسول صلى الله عليه وسلم فى صبيحة يوم الاثنين شهر ربيع الأول فى قبيلة قريش من بنى هاشم فى مكة المكرمة ،عام الفيل، نال الرسول لقب «الصادق الأمين» قبل بعثته لما عُرف به من أمانة وصدق فى التعامل وكان مولده ميلادًا للنور الذى أشرق على الدنيا، حيث يقول الله تعالى فى القرآن الكريم «قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين»، وكان هذا النور تحريراً للعرب وللإنسانية من العبودية والرق والاستعباد والظلم لنور العلم والعقل والتواضع والصبر والرأفة والرحمة، حيث عبرت رسالة هذا المولود اليتيم الحدود التى عاش فيها بالصحراء لتربية الاغنام لتعم رسالته أنحاء العالم وتنتصر على الفرس والروم واليمن وتحطيم الاصنام حول الكعبة، فعندما أعطى كفار قريش المال لحسان بن ثابت لكى يهجو النبى صلى الله عليه وسلم، ولكنه عندما ذهب ليرى النبى صلى الله عليه وسلم رجع للمشركين وأرجع لهم المال، وأسلم ليصبح شاعر الرسول، ومن قصائده «وأحسن منك لم تر قط عينى وأجمل منك لم تلد النساء.. خلقت مبرأً من كل عيب كأنك خلقت كما تشاء»، ليأتى بعد مئات القرون امير الشعراء احمد شوقى وينشد خمسة قصائد فى حب الرسول صلى الله عليه وسلم، اشهرها قصيدة نهج البردة التى كتبها على غرار قصيدة البردة للإمام البوصيرى والتى غنتها كوكب الشرق ام كلثوم و افتتاحيتها» ولد الهدى فالكائنات ضياء .. وفم الزمان تبسم وثناء»، ويروى عندما مرض أمير الشعراء أحمد شوقى ولزم فراشه جاءه شيخ الأزهر محمد الأحمدى الظواهرى لزيارته فنهض أمير الشعراء لشكره، فقال له لا تشكرنى فإننى مأمور، قال له شوقى كيف؟ فقال شيخ الأزهر: جاءنى الرسول صلى الله عليه وسلم فى المنام وقال اذهب لأحمد شوقى وقل له أنا فى انتظارك، وبعد أيام قليلة من هذه الزيارة توفى أحمد شوقي.