حالفنى الحظ منذ أربع سنوات أن أكون واحدة من ضمن اللجنة المشرفة على إعداد الرحلة التى تنظمها جريدة «الجمهورية» لأوائل الثانوية العامة تكريماً وتشجيعاً لهم على مواصلة مسيرة تفوقهم فى الحياة وهى الرحلة التى تنطلق من عام لعام قاصدة إحدى الدول الأوروبية منذ بداية انطلاقها عام 1968 بعد مجموعة من الرحلات الداخلية التى تجوب العديد من المزارات الداخلية والقلاع الصناعية بهدف تعريف الأوائل على كنوز بلدهم.
مع إعلان نتيجة الثانوية العامة نستقبل الأوائل فى جريدة «الجمهورية» ليبدأ الأمر بمجموعة من الوجوه لا تعرف بعضها البعض.. الجميع يجلس فى حالة ترقب نادراً ما تجد أحداً يعرف الآخر.. كله يجلس منتظر معرفة المجهول نفس الحال بالنسبة لنا فنحــن أمــام قرابــة 40 شــخصاً جــــاءوا من وجهــات مختلفــة لا نعرف عاداتهم ولا طباعهم لكن سرعان ما يذوب الجميع لتتشابه الوجوه ونجد أنفسنا جميعاً أسرة واحدة متحابة ليأتى اليوم الأخير فى الرحلة والدموع تغالبنا بعد أن جاءت لحظة الوداع لكنه وداع على وعد باللقاء كلما أتيحت الفرصة.
أوائل هذا العام ارتبطنا بهم سريعاً بعد أن استطعنا فى فترة قصيرة فهم ما يميز كل منهم لنجد أنفسنا نعيش معهم حالة جميلة زادها وعيهم وإدراكهم لقيمة الوطن وحبهم له بجانب رغبتهم فى المعرفة والاكتشاف وقدراتهم على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وإقناع الجميع باحترام وجهات نظرهم حتى لو تعارضت مع الرأى الآخر لكن حالة الحوار وقدرتهم على الإقناع تجعلك تمتثل لمطالبهم وأنت فى حالة رضا تام.
هذا العام زار الأوائل مدينة العلمين الجديدة ورغم استمتاعهم بطبيعتها الساحرة إلا أن جولة قضوها فى رحاب هيئة قناة السويس حيث عبروا أنفاق تحيا مصر وشاهدوا متحف الهيئة ثم عاشوا أجواء ساحرة بين ضفتى القناة كانت كفيلة بأن تضفى عليها حالة من البهجة لدرجة أن بعضهم طالبنا بالتواجد معنا العام القادم حال تنظيم نفس الزيارة والجميل فى الأمر عندما طرحنا عليهم سؤالاً عن أى الرحلتين كانت أفضل بالنسبة لهم جاءت إجابة الطالبة زينة مهدى جلال العاشرة على الشعبة الأدبية مبهرة عندما قالت «العلمين الجديدة مدينة جميلة لكن من الظلم مقارنتها بمدينة تاريخية مثل الإسماعيلية» لتدرك أنك أمام جيل قادر على حفظ ما قدمته الأجيال السابقة لهذا الوطن العظيم.
لم تتوقف العبارات العظيمة التى كشفت عن وعى وإدراك هؤلاء الشباب فلقاء لم يدم طويلاً مع الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس جعل إبرام يوسف الأول على مستوى مدارس «stem» علمى رياضة يقول لنا أنه لأول مرة يجالس مسئول يشعر من حديثه أنه محب لهذا البلد يتحدث عن وعى وإدراك لقيمته يقول لهم ما يشعر به ويريده لرفعته وليس مجرد حديث يستعرض فيه إنجازات.. زيارة الأوائل للعاصمة الإدارية وانطباعاتهم عن مزاراتهم بها حيث مركز مصر الثقافى الإسلامى ومدينة الفنون والثقافة وما تضمه من دار أوبرا ومتحف عواصم مصر أيضاً جاءت لتأكد إدراكهم لقيمة ما تشهده البلاد من بناء وتنمية والجميل فى الأمر أن لقاء بأوائل العام الماضى جاء ليؤكد نفس الأمر عندما سألناهم عن الزيارات التى استمتعوا بها فكانت الإجابة العاصمة الإدارية.
رحلة «الجمهورية» لأوائل الثانوية العامة فكرة انطلقت منذ ما يقرب من ستة عقود وتحولت بالنسبة لنا إلى هدف قومى أتمنى مشاركة كافة الجهات فيه للحفاظ عليه فهؤلاء الشباب حقاً أوائل ويستحقون كل الدعم والتقدير.