العلاقات المصرية – السعودية تمثل واحدة من أكثر العلاقات العربية رسوخًا وصلابة، فهى ليست مجرد تقارب سياسى أو تنسيق مرحلى، بل أخوة ممتدة تجذرت فى التاريخ وتوثقت بالجغرافيا والدين والمصالح المشتركة. وكلما تأملت مسيرة هذه العلاقة، وجدت أنها تتحول مع مرور الوقت إلى دعامة أساسية لاستقرار المنطقة، وميزانًا يحفظ التوازن وسط عواصف متلاحقة.
وقد جاءت الزيارة الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الرياض لتؤكد ما أراه دومًا عن هذه العلاقة الخاصة. فقد كان الاستقبال الحافل الذى خصّه به ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان دلالة واضحة على عمق الأخوة وصدق النوايا بين القيادتين. لم يكن المشهد بروتوكوليًا باردًا، بل كان رسالة سياسية وشعبية بأن مصر والسعودية على قلب واحد، وأن شراكتهما تمضى بثبات لتواجه التحديات وتعزز وحدة الصف العربى.
أعتقد أن ما يميز هذه العلاقة هو بعدها الشعبى والوجدانى، فهى لا تقف عند حدود الاتفاقيات أو المصالح الرسمية. فالمصرى يشعر أن المملكة امتداد له، والسعودى يجد فى مصر بيتًا آخر يحتضنه. هذا الترابط الشعبى يخلق مناخًا يجعل أى تعاون أو شراكة طبيعية وسلسة، بل ويضفى عليها بعدًا عاطفيًا لا تستطيع أى قوة أن تنال منه.
كما أرى أن الجانب الاقتصادى يمثل ركيزة جوهرية لهذه الشراكة. فالاستثمارات السعودية فى مصر، وحضور الشركات المصرية فى المملكة، تعكس حجم الاعتماد المتبادل وفرص النمو المشترك. ومع رؤية السعودية 2030، ورؤية مصر 2030، أعتقد أن هناك مجالًا واسعًا لتكامل إستراتيجى فى قطاعات السياحة والطاقة والصناعة والتكنولوجيا، بما يفتح الباب لمستقبل اقتصادى عربى أكثر قوة وتوازنًا.
سياسيًا وأمنيًا، لا أستطيع أن أتجاهل الدور المحورى للبلدين كصمام أمان للمنطقة. لقد أثبتت التجارب أن التنسيق بين القاهرة والرياض كان دائمًا الدرع الواقية أمام محاولات العبث بأمن العرب. وأنا مقتنع بأن أمن الخليج هو من أمن مصر، وأن أمن مصر هو من أمن الخليج، وهذا الفهم المشترك هو سر صلابة المواقف وتكامل الأدوار.
ولا يغيب عن نظرى أن الثقافة والإعلام يلعبان دورًا فى تعزيز هذه الأخوة. فالتبادل الفنى والإعلامى بين البلدين يعكس وحدة الهوية العربية، ويجسد كيف يمكن للثقافة أن تكون جسرًا يوحد المواقف ويقرب الشعوب.