فى عام 2021 استوردت مصر 12 ألف طن زبيب وفى العام التالى 2022 انخفض هذا الرقم إلى 5367 وفى عام 2023 انقلب الاستيراد إلى تصدير حيث تم تصدير 3000 طن من الزبيب وفى العام الماضى وصل إجمالى صادرات مصر إلى 9000 طن، ومن المتوقع أن يصل حجم الصادرات فى العام الجارى 15 ألف طن، لكن الغريب هنا أن 80 ٪ من هذه الصادرات تذهب إلى دول المغرب العربى مثل تونس والجزائر والمغرب، التى تعد مركزًا لتوزيع المنتج إلى جنوب أوروبا، وهنا يجب أن نتوقف عند هذا المسار الذى تسلكه الصادرات المصرية مثل الزبيب والتمور والبرتقال وزيت الزيتون، حيث لا تتجه تلك الصادرات إلى البلد المستهلك النهائى وإنما تذهب إلى بلد وسيط غالبا فى شمال أفريقيا لتقوم بعمليات التعبئة والتغليف بما يناسب المستهلك الأوروبي، عموماً أعود إلى «مؤشر الزبيب الاقتصادي» الذى سيعتبره البعض مزحة وربما يسخر منه البعض، لكن الفكرة الأساسية أن هناك توجهاً مخططاً للدولة المصرية للحد من الواردات وتوفير العملة الصعبة واستبدال ما كان يتم استيراده بتصنيعه محلياً لنحقق أولا الاكتفاء الذاتى ثم ننطلق إلى التصدير وتوفير العملة الصعبة وهذا ما أطلق عليه وزير الصناعة الفريق كامل الوزير «تصنيع الدولار» وقد ناله قدر غير يسير من السخرية وقتها، الفريق كامل يتحرك وفق خطة واضحة تم إعلانها فى مؤتمر حماية وطن، لقد وضع الرجل يده على الحقيقة وسد الثغرات بمنتهى القوة والحسم وخاض معارك ضارية مع مرتزقة وسماسرة تعطيل المراكب السايرة، عندما أعلن الرجل عن الاستجابة العاجلة لمزارعى العنب بإنشاء مصانع زبيب قريبة من زراعاتهم لتوفير تكلفة اللوجستيات والدخول فى مراحل التصدير وجدنا من يسخر ويقول «أصبحنا نمراً اقتصادياً فى تصدير الزبيب»! وعندما تحدث الرجل عن الكتان وضرورة إعادة الصناعات المرتبطة به ناله ما ناله من انتقادات، وعندما قرر إنقاذ ما يمكن إنقاذه من صناعات الحديد والصلب وذهب إلى مصنع حلوان وقرر ضرورة إعادة تشغيل جزء من المصنع لإنتاج كنجان الحديد وتجهيز باقى أرض المصنع لإقامة صناعات غزل ونسيج وملابس جاهزة ناله ما ناله أيضاً، وهنا أقول يا سادة يا كرام، نتحدث منذ عقود عن التصدير والصناعة والقطاع الخاص وتمكينه وخروج الدولة من بعض الأنشطة، ولم يتحقق شيء من هذه الأحلام على الإطلاق، وعندما تبدأ الدولة فى وضع الخطط الجادة والشروع فى التنفيذ على الأرض، نجد هذه الأصوات المعرقلة لكل ما هو فى صالح البلد، وهنا نجد الهجوم فقط يتجه إلى من يعمل بإخلاص، أكثر وزير تعرض للهجوم هو الفريق كامل الوزير، فى تقديرى المتواضع لأنه من أكثر الوزراء عملاً فى الدولة بإخلاص متناهى وجدية غير مسبوقة وهنا يجب أن أذكر أن مصر حرمت من إيرادات قناة السويس وكذلك انخفاض إنتاج حقل ظهر إلى حده الأدنى فى نفس الوقت وهذه الانخفاضات تقصم ظهر أى دولة، لكن فى مصر حدثت الانفراجة رغم هذه التحديات، ولا أحد منصفاً يسأل عن السبب، لكن الحقيقة أن الطفرة الصناعية والزراعية وما تبعها من طفرات تصديرية هى التى عوضت مع غيرها انهيار إيرادات القناة وإنتاج الغاز، بيد أن تحويلات المصريين العاملين فى الخارج والتى سجلت أعلى عائد فى التاريخ كان نتيجة قرار الرئيس بتحرير سعر الصرف، وكذلك إيرادات السياحة التى سجلت أرقاماً قياسية ما كان لها أن تتحقق لولا وجود الأمن والأمان والاستقرار الذى كلف الدولة ما لا يمكن حسابه من دم أولادنا وأسيادنا الشهداء، اليوم نتحدث عن إصلاح ضريبى قفز بالحصيلة إلى أرقام قياسية فاقت اثنين ونصف تريليون جنيه وعن زيادة احتياطى مصر من النقد الأجنبى على مشارف الـ 50 مليار دولار، هذه المؤشرات والأرقام، تزامنت مع انخفاض معدلات التضخم وإعادة الضبط والربط إلى الأسواق، وهذا كله يشعر به المواطن المصرى وكذلك المؤسسات الدولية، لكن ما يهمنى هنا هو الانتباه لمؤشر الزبيب الاقتصادى الذى يعكس ببساطة فكرة الانتقال من حلبة الاستيراد إلى حلبة التصدير، لكن الطريق مازال طويلاً، الرئيس يضع هدفا مرحلياً للتصدير وهو 100 مليار دولار ويجب أن يكون هذا الرقم أمام أعيننا لنحققه خلال عام واحد، فقط علينا أن نعيد ونستعيد ثقتنا فى أنفسنا وإمكانياتنا ونثق فى قيادتنا ونحسن الظن بها.