بعد ساعات من انتهاء اجتماع الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء ورؤساء المؤسسات الإعلامية والصحفية انطلقت الحناجر، وتبارت الأقلام وتسابق الجميع فى جلد الذات، والتنظير والتأريخ لمسيرة الإعلام المصرى من أحمد عرابى وعبدالله النديم والرئيس جمال عبدالناصر، والتأكيد على دور الإعلام وكأننا لا نعرفه ونسوا أو تناسوا أى حديث عن وضع رؤية للتطوير أو أفكار جديدة لم يتحدث أو يكتب أحد، عن رؤية التطوير وما لدينا من قوى كثيرة، وما هى نقاط ضعفنا ولم يخرج علينا أحد، بخارطة طريق واضحة المعالم أكد على أهميتها الرئيس السيسى ووضع أسسها وركائزها أحاديث كثيرة ومقالات حدث عنها ولا حرج، لكن للأسف الشديد لم أجد واحدًا منها يحدثنا عن كيفية التطوير، وتشخيص واقع إعلامنا فى الوقت الحالي، وما هى نقاط قوته وضعفه، وماذا عن الرؤية الكاملة لهذا التطوير، وهل لدينا نقص فى الامكانيات والكوادر أم لدينا قدرات عظيمة وهائلة، أم أن القضية تحتاج لتطوير المحتوى والمضمون، وكيفية ايصال هذا المحتوى بطرق سهلة وبسيطة وجاذبة، وهل تطوير الإعلام فقط أم يجب أن يتزامن مع تطويره، نهضة وطفرة ثقافية وفنية ودرامية، واستعادة قواتنا الناعمة، النهوض بالذوق العام لم أجد واحدًا من الكتاب أو الإعلاميين يحدثنا عن شكل ومحتوى التطوير وكيفيته ولكن جرى الاستغراق فى تفاصيل بعيدة عن الهدف الحقيقي، وغارقة فى الشكل والمضمون، ومستعرضة لحقائق مؤكدة لا لبس فيها، وفى ظنى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى فى دعوته لتطوير الإعلام أن يكون مواكبًا لحجم التحديات التى تواجه الدولة المصرية، ومعبرًا عما تمر به من مرحلة فارقة، ومجسدًا لما يجرى على أرضها فالرئيس السيسى أكد على مجموعة مهمة لمحاور العمل الإعلامى فى هذه الظروف وهذا التوقيت الدقيق كالتالي:
ــ بناء الشخصية الوطنية، وهى قضية فى منتهى الاهمية، فالرئيس لم يتحدث عن بناء الشخصية فقط بل حدد الشخصية الوطنية التى تتمتع بأعلى درجات الولاء والانتماء.
ــ تشكيل وعى المواطنين وتعريفهم بالمستجدات والتطورات المحلية والإقليمية والدولية.
ــ إبراز الانجازات التى حققتها الدولة المصرية والارتقاء بالذوق العام وترسيخ القيم والثوابت المجتمعية.
ــ الرئيس السيسى أكد على نقاط مهمة أيضا للتطوير المنشود تمثل التزام الدولة الراسخ بإعلاء حرية التعبير واحتضان كافة الآراء الوطنية ضمن المنظومة الإعلامية المصرية بما يعزز التعددية والانفتاح الفكري، وهنا وصف الرئيس الآراء بالوطنية التى تقدم الرؤى والآراء البديلة، والتى تساعد على البناء وليس الهدم وبأسلوب الاحترام المتبادل، والإيمان بأننا نعمل جميعًا ونكتب ونتحدث من أجل مصلحة الوطن وبدلاً من السباب والإساءات والنقد الهدام، لماذا لا تكون المنافسة والاختلاف فى طرح رؤى وأفكار بديلة بأسلوب هاديء ومتزن ولا يمكن أبدًا التغافل عن الرأى السديد والأفكار التى تدفع نحو التقدم وايجاد الحلول.
الرئيس السيسى يريد وضع خارطة طريق شاملة لتطوير الإعلام المصرى لتتسق وتؤدى بما يواكب ما يواجه الدولة المصرية، وأيضا ما يحدث فيها من تغيير حقيقي، وفى مواجهة غزو فكرى وثقافى ومحاولات لاحتلال والسيطرة على العقول، والاكاذيب والشائعات وتشكيك وتشويه ومحاولات لتصدير الاحباط ولأن تكون فى حالة استباق لهذه الحملات والحروب ببناء وعى شامل لتحصين العقل المصرى .
الاستعانة بالخبرات والكفاءات المتخصصة بما يضمن مواكبة الإعلام الوطنى للتغيرات المتسارعة التى يشهدها العالم، وينطلق من قيمنا ومبادئنا، وهويتنا وبما يتماشى مع توجهات الدولة المصرية الحديثة والجمهورية الجديدة وهى نقطة شديدة الاهمية، فالتطوير المنشود لابد أن يتفق مع ثقافتنا، وأهدافنا والمتغيرات والمعطيات، والظروف المصرية وليس باستيراد تجارب دولية مختلفة تمامًا عن الحالة المصرية التى لها خصوصيتها.
الاجتماع اخرج مجموعة من مرتكزات التطوير الذى يجب أن تكون حاضرة فى الرؤية القادمة مثل ابراز واتاحة البيانات والمعلومات للإعلام وهذا دور الحكومة ومؤسسات الدولة خاصة فى أوقات الأزمات التى تحظى باهتمام الرأى العام اضافة إلى تناول موضوعى للموضوعات والقضايا بعيدًا عن المغالاة فى الطرح والاعتماد على الكوادر الشابة المؤهلة للعمل الإعلامى وتنظيم برامج تثقيفية وتدريبية للعاملين فى مجال الإعلام مع التركيز على مفاهيم الأمن القومى والانفتاح على مختلف الآراء.
الرئيس السيسى وضع أساسًا حقيقيًا للتطوير أو خارطة طريق لا تغيب عنها مصلحة الوطن وما يواجهه من تحديات وتهديدات غير مسبوقة وحروب وغزو فكرى وثقافى يستهدف ضرب الهوية المصرية وثوابتها.
ليست لدينا مشكلات فى الامكانيات والقدرات ولا يجب أن نجلد أنفسنا ويجب أن يكون جل أهدافنا واضحة ومحددة، ماذا نريد من تطوير الإعلام، وكيفية حدوث ذلك وآلياته، وهو المحتوى المطلوب فى كل القضايا والابعاد التى ترتكز عليها عملية التطوير، تطوير بهوية مصرية وخصوصية وطنية تلتزم بمصلحة الوطن تبنى ولا تهدم، تجمع ولا تفرق، تضع نصب أعينها الحفاظ على الأمن القومى والوحدة الوطنية والمشاركة الايجابية، ولا تهيل التراب عن قصد على نجاحات وانجازات، بل تتخندق فى صف الوطن، تحارب الغث والرديء، ومجابهة الأفكار الشاذة والغريبة.
من هنا يجب ألا نبالغ فى إعلام فترات الماضي، وأن تكون تجربتنا منسقة مع ما نواجهه يجب أن يجلس الجميع إلى طاولة واحدة، خبرات وكوادر شابة باحثين وأهل المهنة والصنايعية فى الإعلام، أصحاب الرؤى والأفكار والمشروعات، يكون سؤالنا الاساسى «نعملها ازاي» ما هو التطوير المطلوب وأهدافه ومحتواه، ما هى الأهداف الإستراتيجية ثم التكتيكية لا نريد أى تنظير واستغراق فى الماضي، هذا «هو البحر وهذا هو العوام» رؤى وأفكار ومشروعات مكتوبة واضحة وواقعية وقابلة للتطبيق تضع فى اعتبارها كل الاعتبارات والمتغيرات والمستجدات والتحديات، لا نريد إعلام عرابى والنديم وعبدالناصر، نريد إعلام الجمهورية الجديدة بما لديها من مباديء وأهداف، وتحديات بما لديها من نجاح وآمال بما تواجهه من تهديدات، وما لديها من قدرات إعلام يعكس طموحًا بلا حدود لدولة عظيمة نجت من براثن المؤامرات، والمخططات وتبنى المستقبل، ولديها مشروع وطنى لتحقيق التقدم وجل أهدافها بناء أجيال قادرة على المواكبة مفعمة بالإرادة الوطنية والولاء والانتماء، تطوير يضع فى اعتباراته الشكل والمضمون ليكون أعظم مما نريد، ولا يغيب عنا أننا مستهدفون بالتقليل من نجاحاتنا وانجازاتنا قوى الشر تحاول إنكار ما لدينا بهدف هز ثقتنا فى أنفسنا وبالتالى محاولات التقليل من الإعلام المصرى موجودة وواضحة لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك تطوير شامل يحقق طموحاتنا ويمثلنا، فنحن أصحاب الريادة ومن علمنا الإعلام لدول المنطقة ووضعنا المنظومات الإعلامية وحجر الاساس لهذه الدول، لكن يظل السؤال الذى لا يجب أن يغيب عمن يتحدث أو يكتب «نعملها ازاي» للتطوير بعيدًا عن الاستغراق فى التاريخ والتنظير.