تناولنا فى المقال السابق أن دعم جهود تمكين القطاع الخاص المصرى، والتركيز على التوسع والنفاذ إلى الأسواق العالمية، خاصة الأفريقية هما عنوان تلك المرحلة، وأن فلسفة القيادة السياسية هو إقامة علاقات متوازنة مع جميع القوى السياسية والاقتصادية العالمية، واكتساب ونقل الخبرات من النماذج التنموية الدولية، مع التأكيد على أن إصلاح الهيكل الإدارى يعد جزءاً أساسياً من أية إستراتيجية للتحول الوطنى، وأن مستقبل عملية التنمية فى مصر مرتبط بالإستثمار فى تطوير الموارد البشرية. لذا فإن مشاركة مصر فى قمة تيكاد 9 باليابان هذا الشهر تعكس هذه الفلسفة الاقتصادية المصرية، وتعبر عن رؤيتها التى تقوم على تبنى استراتيجية شاملة لإعادة بناء دولة ترتكز أهم عناصرها على تأهيل الكوادر الوطنية، وتصحيح أوجه القصور الإدارى، وتوجيه الموارد بشكل أكثر فعالية، والانضمام إلى الإتفاقيات الدولية لمواصلة المشوار فى تحقيق تنمية مستدامة. ولا شك أن سياسة مصر الخارجية تقوم على مجموعة من المبادئ أهمها إقامة علاقات متوازنة مع القوى الفاعلة عالمياً ومن بين هذه القوى تأتى اليابان، هذه الدولة صاحبة النموذج التنموى الأعظم فى القرن العشرين، والتى أدركت أهمية ارتباطها مع عقود بالقارة الأفريقية، حفاظا على استمرارية سلاسل التوريد بالشكل الأمن لها، فكان هذا التجمع الذى بدأ منذ عام 1993 نتيجة حرص اليابان تكون أحد المصادر الأساسية للمساعدات الخارجية للقارة الأفريقية،وقد شكل إطلاق مؤتمر (تيكاد) عاملاً محفزا لإعادة التركيز الدولى على احتياجات التنمية فى أفريقيا، وقد شهدت مؤتمرات تيكاد تطورا كبيراً بداية من (تيكاد 1) بداية جذب الاستثمارات و(تيكاد 2) بدء تنفيذ الأهداف، ثم (تيكاد 3) مليار دولار لتنمية إفريقيا، و(تيكاد 4) اليابان تضاعف إمداداتها للقارة، (تيكاد 5) دعم وتسريع تطوير البنية التحتية للقارة، ثم جاء (تيكاد 6) تخصيص استثمارات بقيمة 30 مليار دولار فى كينيا عام 2016 وهو أول مؤتمر يعقد خارج اليابان ، وسعى المؤتمر لإدخال مفهوم الــ KAIZEN الذى يقوم على مبادئ ومفاهيم مبتكرة لتحسين الإنتاج. وهو ما كان مدخلاً إلى (تيكاد 7) النهوض بتنمية أفريقيا عبر الشعوب والتكنولوجيا والابتكار باليابان عام 2019 ، تحت الرئاسة المشتركة من جانب اليابان ومصر الرئيس الحالى للاتحاد الأفريقى.
وللحديث بقية إن شاء الله.