العلاقة العميقة بين الشعبين المصرى والسودانى مثال للعلاقة الأخوية النادرة بين الشعوب عامة والشعوب العربية على وجه الخصوص.. وإذا كانت مصر تلقب بالشقيقة الكبرى لكل العرب وحاضنة الجميع وتفتح عقلها وقلبها وأرضها لكل من يأتى إليها زائرا أو متعلما أو مريضا، أو ضيفا حتى تحل مشكلة تعانى منها بلده .. فالاشقاء من السودانيين الذين وفدوا الى «مصر» قد شعروا بمشاعر أخوية صادقة لم يحظ بها وافد آخر، وهم دائما يعبرون عن ذلك فى كل لقاءاتهم وكتاباتهم وهو الأمر الذى يضاعف من حفاوة المصريين واعتزازهم بهم.
منذ أيام جمعنى لقاء أخوة ومحبة بنخبة من المثقفين السودانيين فى مصر من خلال حفل تدشين موقع «أسمار» الاعلامى وصحيفة «قضايا» الإلكترونية السودانية التى صدرت للإسهام فى تحقيق التواصل بين السودانيين فى الداخل والخارج.. وفى هذا الحفل تبارى عدد من المتحدثين السودانيين المثقفين فى التعبير عن مشاعرهم الأخوية تجاه مصر التى احتضنتهم وقدمت لهم كل الدعم منذ بدء النزاع المسلح فى السودان.
ما سمعته من مشاعر أخوية صادقة من الأخوة السودانيين تجاه مصر وشعبها يؤكد طيبة الشعب السودانى ومعدنه الأصيل، وعدم إنكاره لمشاعر المصريين الأخوية تجاههم، ووعيه التام بمحاولات الفتنة والوقيعة بين الشعبين، والتى تمارسها جماعات وعصابات ضالة هوايتها وحرفتها الوقيعة بين الشعوب العربية.
لقد أكدت المواقف والأحداث أن علاقة مصر والسودان.. علاقة أخوّة لا تهزّها الأزمات، وأن ما يجمع الشعبين المصرى والسودانى هو أقوى بكثير من محاولات الفتنة والوقيعة.. فأواصر متينة من التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك هى أساس العلاقة المصرية ـ السودانية، وستظل تلك المشاعر الفياضة وتلك العلاقة الطيبة الى أن يشاء الله.
ما يميز أواصر العلاقة الاخوية بين مصر والسودان انها علاقة لم تقتصر يوما عند حدود سياسية أو مصالح آنية، بل امتدت لتكون جسورا إنسانية حقيقية قائمة على الأخوة والاحترام المتبادل.
>>>
خلال العامين الماضيين ومنذ اندلاع النزاع المسلح فى السودان، وجد عشرات الآلاف من الأشقاء السودانيين فى مصر ملاذاً آمنا، حيث فتحت القاهرة أبوابها لهم دون تردد، إدراكا منها لثقل المعاناة الإنسانية التى فرضتها الحرب.. فكانت حفاوة الاستقبال ودعم الإنسانى .. فمنذ اللحظة الأولى، لم يتعامل المصريون مع وجود السودانيين كغرباء، بل كأهل بيت ووطن وأشقاء أعزاء.
على المستوى الرسمى.. الدولة المصرية تحرص على تسهيل الإجراءات الرسمية، سواء فيما يتعلق بالإقامة أو الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية، فى رسالة واضحة بأن «ما يصيب السودان يصيب مصر»، وأن العلاقة بين البلدين أعمق من ظرف طارئ أو أزمة عابرة.
والواقع أننا لا نمن على الأخوة السودانيين بما نقدمه لهم من حفاوة او دعم مجتمعى يخفف عنهم معاناة ترك بيوتهم واعمالهم فى السودان.. بل نشعر دائما نحن المصريين تجاه اشقائنا يفرض علينا ذلك فالجذور بيننا ممتدة عبر التاريخ، والعلاقة المصرية ـ السودانية ليست وليدة اللحظة، فقد امتزج نيل البلدين بدماء مشتركة وتاريخ طويل من النضال والتعاون وكان للمصاهرة والتجارة والثقافة المشتركة دور كبير فى تعزيز هذه الروابط، ما جعل المصريين ينظرون إلى السودانيين كجزء لا يتجزأ من نسيجهم الاجتماعى.
>>>
رسالتنا الإنسانية ومشاعرنا الأخوية تجاه أهل السودان الطيبين لن تتوقف فنحن داعمون لهم حتى يعود الأمن والاستقرار الى السودان ويعود أهله إليه لتعميره وبنائه من جديد.. فهم يستحقون الأفضل سياسيا واقتصاديا ومعيشياً.. بلادهم كلها خيرات وثروات وهم الأولى بها ولا ينبغى تركها لعصابات الحروب لكى تستولى عليها لتذهب الى جيوب لصوص الأوطان وميلشيات تدميرها.
ستظل مصر داعمة لوحدة السودان واستقراره مهما حاول البعض جرها الى مناصرة جماعات ضالة أو عصابات مأجورة فمصر حريصة على السودان كحرص أهله المخلصين تماما.
وفى زمن تتسارع فيه الصراعات وتغيب فيه القيم الإنسانية يقدّم الموقف المصرى تجاه الأشقاء السودانيين نموذجاً يُحتذى به فى التضامن العربى والإفريقى، إذ يثبت أن العلاقات الحقيقية تُبنى على الأخوة والدعم المتبادل لا على المصالح الضيقة.
خلال الشهور الماضية تعاملت مع سودانيين كثر من مختلف الأعمار وجدت فيهم الطيبة الحقيقية والعشق لمصر والإطمئنان لأهلها والثقة فيهم.. وهى سمات إنسانية تفرض علينا الاحتفاء بهم وتحمل هجرتهم من وطنهم حتى يعودوا إليه سالمين غانمين عما قريب إن شاء الله.
كل الأمنيات الطيبة للسودان وأهله.. وأدعو الله أن يعينهم على التخلص من أسباب النزاع والصراع الذى يدمى قلوبنا جميعا فما أصعب على الوطن أن يتم تدميره وتخريبه بأيدى بعض أبنائه.
كل الدعوات الصادقة أن يهدى الله المتمردين أيا كانت هويتهم وأن يطهر أرض السودان من تجار الحروب وعصابات القتل والتخريب.. فالسودان وأهله يستحقون الأفضل.. وسيأتى عما قريب إن شاء الله.