حُسن استغلال الموارد الطبيعية وتعظيم الاستفادة منها، ركن أساسى
فى تحقيق نمو اقتصادى مستدام، خاصة إذ ما ارتبطت تلك الموارد بصناعات حيوية مثل الأغذية والأسمدة والزراعة وحتى الصناعات الحربية، مصر تمتلك احتياطات ضخمة من الفوسفات، الذى يرتبط بالعديد من الصناعات الحيوية.
يؤكد الخبراء أن فرص تصنيع الفوسفات فى مصر كبيرة ومتنوعة وتمثل واحدة من القطاعات الواعدة لتعزيز القمية المضافة للاقتصاد الوطنى، بدلا من تصدير المواد الخام، مشيرين إلى أنه فى السابق كان انتاج مصر من الفوسفات يركز على استخراج الخام وتصديره، ولكن الوضع الآن اختلف فى التحول نحو التصنيع المحلى لزيادة القيمة المضافة، خاصة أن الفوسفات عنصر أساسى فى صناعة الأسمدة، التى تمثل ركيزة للأمن الغذائى عالميا، ومع الاضطرابات المتعاقبة التى شهدها الاقتصاد العالمى، أصبحت مصر بما لديها من امكانات وموارد طبيعية محور جذب للاستثمارات الاجنبية المباشرة فى مجال صناعة الفوسفات، بما يجعها لاعباً رئيسياً فى سوق الأسمدة.
اللواء أشرف عطية محافظ أسوان السابق ومستشار الشركة الصينية الأولى عالميا فى انتاج وصناعة الفوسفات أكد أن مصر تزخر بالموارد الطبيعية وتحتل المرتبة الثامنة عالميا من حيث الانتاج، وتمتلك احتياطات هائلة منه تقدر بنحو 3 مليارات طن مترى، التى تتركز معظمها فى السباعية وإدفو وأبو طرطور.
أوضح أن هناك تزايداً فى الطلب العالمى على الفوسفات، خاصة أنه مكون استراتيجى فى صناعات عديدة، لافتا إلى أن الدول تتسابق فى توسيع قدارتها الانتاجية من الفوسفات لسد الطلب، واقتناص الفرص، مشيرا إلى أن هناك إستراتيجية واضحة وضعتها الدولة للتحول نحو الانتاجية والتصنيع لتعظيم القيمة المضافة ودعم الاقتصاد القومى، من خلال التركيز على التصنيع وعدم الاكتفاء بالعمليات الاستخراجية.
أضاف أن هناك فرصاً حقيقية فى توسيع نظاق صناعة الفوسفات من خلال جذب الشركات الكبرى للاستثمار المباشر، مؤكدا أن التشريعات الاستثمارية وتوفير بيئة أعمال محفزة، مع توافر الموارد الطبيعية والبنية التحتية واللوجستية ساهمت فى جذب العديد من الشركات الاجنبية الكبرى، مشيرا إلى أن الصين وهى واحدة من أكبر الدول المنتجة للفوسفات تسعى لتعزيز استثماراتها فى منطقة الشرق الاوسط من خلال مصر وضخ استثمارات مباشرة فى مجال صناعة الفوسفات.
أكد عطية أن أكبر شركة صينية عالمية فى مجال صناعة الفوسفات تخطط حاليا لإقامة مجمع صناعى لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية فى مصر بتكلفة إجمالية تقدر بـ 10 مليارات دولار، مشيرا إلى ما أبدته الشركة من جدية وحماس لاستثمار فى السوق المصرى، لما تمتلكه مصر من احتياطات واعدة من الفوسفات.
كشف عطية أن الشركة الصينية تستهدف ضخ استثمارات بقيمة 1.6 مليار دولار فى المرحلة الأولى لاستكشاف واستخراج مليونى طن من الفوسفات سنوياً وتحويلها إلى أسمدة فوسفاتية وتصدير 100 ٪ من الإنتاج إلى الأسواق المجاورة، وتصل القيمة الإجمالية للاستثمارات إلى 10 مليارات دولار، وتصل الطاقة الإنتاجية النهائية للمشروع 10 ملايين طن من الفوسفات ومن المقرر أن يقام المجمع فى المنطقة الممتدة من غرب مدينة إسنا بمحافظة الأقصر حتى مدينة السباعية بمحافظة أسوان، على أن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى خلال عام ونصف العام من بدء الإنشاءات ويتم التصدير عبر ميناء سفاجا.
أوضح اللواء أشرف عطية أن ضخ تلك الاستثمارات التوسعية من الجانب الصينى، له أبعاد إستراتيجية مهمة تنعكس ايجابياً على الاقتصاد المصرى، يأتى فى مقدمتها زيادة القمية المضافة، فبدلاً من تصدير الفوسفات الخام، سيتم تحويله إلى أسمدة عالية القيمة، كما يسهم فى زيادة حجم الصادرات وقيمتها مما يزيد من النقد الأجنبى، خاصة أن المشروع يستهدف تصدير 100 ٪، مما يعزز احتياطى النقدى الأجنبى ويسهم فى زيادة فرص العمل، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن توفر أكثر من 3 آلاف فرصة عمل، مؤكداً أن انتاج وتصنيع الفوسفات وتصديره كمنتج تام للخارج يعزز من حضور مصر فى السوق العالمية ويجعلها لاعباً رئيسياً فى سوق الأسمدة الفوسفاتية، مشيرا إلى أن المشروع يستهدف دمج الطاقة النظيفة عبر الشراكة مع مشروعات الأمونيا.
من جانبه أوضح د.حسن الشقطى أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة بجامعة أسوان أن تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية يخلق نمواً مستداماً، ويضمن تحقيق أكبر العائدات، مشيراً إلى أن احتياطات مصر من الفوسفات التى تقدر بما يقارب الـ 3 مليارات طن مترى تمثل فرصة عظيمة لابد من استغلالها، موضحا أن مع تزايد الطلب العالمى على الفوسفات تأتى الفرصة فى حسن استغلال تلك الثروة العظيمة والتحول نحو تصنيع وتصدير الفوسفات بدلاً من الاكتفاء باستخراجه.
أكد أن مصر من أكبر الدول المنتجة للفوسفات، مشيرا إلى أن هناك فرصاً حقيقية لأن تصبح من كبار اللاعبين فى سوق الأسمدة، خاصة مع زيادة الطلب العالمى للفوسفات الذى يشكل فرصة لزيادة الانتاج وتحسين الانتاجية بهدف التصدير، مضيفاً أن هناك كذلك فرص استثمارية للقطاعات المرتبطة بالفوسفات، خاصة أنه كثيف الاستخدام فى الأسمدة لزيادة انتاجية المحاصيل، مما يجعل له دوراً أساسياً فى تحقيق الأمن الغذائى العالمى.
أشار إلى هناك مقومات عديدة تجعل لمصر الريادة فى مجال تصنيع الفوسفات وهي:
أولا: الاحتياطات الضخمة المتوفرة من خام الفوسفات، ويتركز فى مناطق الوادى الجديد، ومنطقة السباعية بأسوان وهى من أكبر مناطق الاستخراج وتتمتع بكم هائل من الاحتياطى، وتتميز بسهولة العمليات الاستخراجية لقربه من السطح، كذلك منطقة البحر الأحمر «سفاجا والقصير»، التى تتميز بموقع إستراتيجى يسهل عمليات التصدير.
ثانيا: دعم الدولة وتحسين مناخ الاستثمار من خلال توفير البنية التحتية القوية والخدمات اللوجستية، ووجود هيئة مستقلة لتنظيم التعدين، وفتح الباب أمام كبار المستثمرين ودخول شركات كبرى فى مشاريع تصنيع الفوسفات، وعقد شراكات دولية بين الحكومة والمستثمرين يعطى دفعة قوية للقطاع، خاصة مع اهتمام دول مثل الصين والهند باستيراد الأسمدة الفوسفاتية.
أكد ضرورة العمل على توطين الجيل الرابع لصناعة خام الفوسفات، من خلال تطوير أحدث التقنيات فى معالجة وانتاج الفوسفات، والعمل على تعظيم القيمة المضافة، الأمر الذى يحقق الاستدامة وزيادة الصادرات وتوفير فرص العمل، لافتا إلى أنه لابد من العمل على توطين الصناعات الكيماوية من خلال إقامة مجمعات صناعية بالقرب من مناطق الاستخراج، مما يقلل تكلفة النقل ويخلق بيئة صناعية متكاملة.
أكد أنه يمكن للمستثمرين أن يستفيدوا من الفرص الاستثمارية فى من خلال استغلال الوفرة الهائلة من احتياطى الفوسفات وتطوير عمليات الاستخراج والاستثمار فى صناعات تحويلية، مثل إنتاج الأسمدة الفوسفاتية والمنتجات الكيميائية ذات الصلة.
