خلال أسبوع واحد، حظى ملف الإعلام بأشكاله المقروءة والمسموعة والمرئية باهتمام واسع من الدولة، ليؤكد من جديد دوره المهم والحيوى فى بناء الشخصية الوطنية وتشكيل وعى المواطنين وتعريفهم بالمستجدات والتطورات على الساحتين المحلية والدولية.. وكذلك الاهتمام بإبراز الإنجازات المحققة والارتقاء بالذوق العام وترسيخ القيم والثوابت المجتمعية.
كانت ضربة البداية من الرئيس عبدالفتاح السيسى من خلال اجتماعه المهم الذى استمر نحو ثلاث ساعات- رغم مشاغله الجسام- برئيس الوزراء ورئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ورئيس الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، الذى أكد خلاله التزام الدولة الراسخ بإعلاء حرية التعبير، واحتضان كل الآراء الوطنية بما يعزز التعددية والانفتاح الفكرى، ووجه بوضع خارطة طريق شاملة لتطوير الإعلام المصرى، وذلك بالاستعانة بكل الخبرات والكفاءات المتخصصة.
وفى اليوم التالى حظى ملف الإعلام بأولوية فى الاجتماع الأسبوعى لمجلس الوزراء.. حيث أشار رئيس الوزراء إلى أن الرئيس وجه بصورة شديدة الوضوح بأن تكون هناك خارطة طريق واضحة تعرض على الرئيس فى أقرب فرصة ممكنة، مؤكداً أن تحظى هذه الخارطة بتوافق وإجماع من كل المعنيين بهذا القطاع المهم، والذين ستتم الاستعانة بهم من الكوادر والخبرات والشخصيات العامة.
وقبل انتهاء الأسبوع، جاء الاجتماع الثالث الذى يؤكد مدى اهتمام الرئيس بملف الإعلام بلقائه مع وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكل من رئيس الهيئة الوطنية للإعلام ومستشار رئيس الجمهورية للإعلام، الذى وجه فيه بضرورة حماية والحفاظ على تراث الإذاعة والتليفزيون المصرى من خلال تحويل جميع الأشرطة الإذاعية والتليفزيونية إلى وسائط رقمية والإعداد للموقع العالمى لإذاعة القرآن الكريم وحفظ تراث القراء والمبتهلين.
>>>
لا شك أن اهتمام الدولة بالإعلام فى هذا التوقيت الراهن الذى تمر فيه مصر والمنطقة بتحديات سياسية هائلة وأيضا اقتصادية واجتماعية يفرض على كل العاملين فى مجال الإعلام والصحافة تعاوناً وتكاتفاً من أجل إنجاز مهمة التطوير والتحديث، التى وجه بها الرئيس تلك القيادات بالتعاون مع الحكومة.. وهو ما يتطلب عملية عصف ذهنى لكل الأفكار الخلاقة التى يمكن أن تسهم فى إعادة الإعلام التليفزيونى والمؤسسات الصحفية القومية إلى حلبة السباق والمنافسة الشرسة التى تجرى على مسار الإعلام بكل أشكاله الصحفية والتكنولوجية والرقمية والفضائية.. وفى المقدمة منها أيضا هذا «الغول» الذى يتحرك بين أيدى الناس، وأقصد به التليفون المحمول بكل ما يحتويه من تطبيقات مختلفة يسلب عقولهم ويستنزف وقتهم ومالهم وجهدهم، ولا يترك أدنى مساحة لغيره لكى يقدم شيئاً منافساً لقدراته الخارقة، لاسيما بعد أن صادر مجالاً نشطاً واسعاً لحروب الجيل الرابع وما يليه من استخدامات تستهدف إسقاط الدولة وتغييب وعى الشعوب وتزييفه من أجل تحقيق أهداف سياسية واستخباراتية شديدة الخطورة.
>>>
لكننى أعتقد أن هناك ميزة كبرى ينفرد ويتفوق بها الإعلام المصرى والصحف القومية، تستطيع من خلالها أن تستعيد دورها.. ألا وهو المصداقية الشديدة التى تعتمد على التدقيق والتحرى الواسع والأمين الذى يقوم به محرروها من صحفيين وإعلاميين محترفين يملكون الكفاءة والتدريب الكافى لكى يقدموا المنتج الإعلامى والصحفى فى شكله النهائى الذى يكتسب بمصداقيته ثقة المشاهد والقارئ أولاً، وفى نفس الوقت يمتلك من الجاذبية والقبول ما ينعكس على المتلقين للرسالة الصحفية والإعلامية المنشودة.
بالتأكيد، المهمة صعبة ولكنها غير مستحيلة.. ويحسب للدولة مساندتها للصحف القومية والتليفزيون والإذاعة بماسبيرو، باعتبار أن هذا الإعلام القومى حائط صد قوى ومنيع للأمن القومى بمفهومه الواسع، خاصة فى مواجهة الشائعات ومؤامرات الفتن التى تجرى ليل نهار عبر وسائل التواصل من أهل الشر والأعداء والمتآمرين الذين يحاولون الوصول للناس ويسخرون إمكانات مادية هائلة.