من ثوابت السياسة اليهودية الكذب والزيف والبهتان و«الملاوعة»، وعدم الثبات على مبدأ، ويسيرون على طريقة «اكذب اكذب.. حتى يصدقك الناس»، وقد اتبعوها فى كل الأحوال وجاءت معهم بنتائج مرجوة، وفى الحقيقة أن براعتهم فى الكذب «مقنعة» للآخرين فهم محترفون فى ذلك ويجيدونه ويسستخدمون كل الوسائل التى تحقق لهم أهدافهم الخبيثة التى يخططون لها بإتقان.
ومن أساليب اليهود التى باتت معروفة ومحفوظة، أنهم إذا أرادوا ارتكاب جريمة كبيرة، يلفتون الأنظار عنها بشىء آخر، ومن ذلك ما جنح وشطح إليه «مبعوث» الشيطان النتنياهو، الذى صرح بترهات إسرائيل الكبرى، وهو يعلم علم اليقين لولا الدعم الدولى غير المحدود يعد أحداث السابع من أكتوبر ما استطاع أن يصمد أمام «حماس» وحدها ولأسقطت أسطورته وأظهرت عوراته، ولقنته درساى قاسياى لا يستطيع مواجهته.
كما يعلم النتنياهو أن كيان بلاده «الركيـك» لا يستطيع البقاء لساعات لولا الدعم الأمريكى المستمر والعطاء بلا حدود من كل شىء، وأن الدولة العبرية تتعامل من واشنطن أكثر من أى ولاية أمريكية أخرى وتستنزف من ميزانيتها ومن دافعى الضرائب الأمريكيين مليارات الدولارات، ولكنه مثل «القرعة التى تتباهى بشعر بنت أختها».
ويعلم النتن ياهو علم اليقين أن بلاده لا ترقى لمستوى الدولة وأنها كيان اغتصب الأراضى الفلسطينية وقام على المذابح والجرائم التى يعرفها العالم ويوثقها التاريخ، ولذلك فإسرائيل البلد الوحيد فى الدنيا الذى لا يعرف الأمن ولا الأمان ويعيش الإسرائيليون فى قلق دائم ولا يشعرون براحة، لأنهم يدركون أنهم غرباء وهذه الأرض ليست لهم، ومن أكثر الشعوب التى تهاجر وتترك الديار التى أعطيت لهم دون وجه حق.
وحتى وإن كانت ترهات اليهود وأحلامهم الصيفية بوطن «كبير» موجودة فى مخيلاتهم المريضة، أو فى كتبهم المزيفة، فإنهم على يقين أن ذلك من الوهم، ويعيشون دائما فى رعب «قرب النهاية» الذى يجعلهم دائما فى قلق وخوف ويترقبون ذلك اليوم الذى يخربون فيه بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين، وأن ما يرتكبونه من مجازر ومذابح بشرية ما هو إلا محاولة لتأجيل هذا اليوم.
وفى خضم الجرائم الصهيونية ضد أبناء غزة والإبادة الجماعية التى يرتكبها جيش الاحتلال، تلقف النتنياهو السفاح ما عرضه ترامب بتهجير سكان القطاع، وبعد أن فشلت هذه الخطة وتراجع الرئيس الأمريكى نفسه عنها، لجأ الجزار الصهيونى إلى المزيد من القتل وتشريد المشردين وتجويع الأطفال والنساء والشيوخ وقتل الشباب الذين يحاولون الحصول على كيس طحين ويكرر جرائمه كل يوم بكل خسة وندالة.
بالطبع ما ذكره النتنياهو عن إسرائيل الكبرى مقصود ويعنيه وليس زلة لسان، فالصهاينة يسعون لتحقيق هذا الهدف منذ أن وطئت أقدامهم أرض فلسطين، يشعلون الفتن بين أبناء الأمتين الإسلامية والعربية بإثارة الخلافات المذهبية، وبالنعرات القبلية والخلافات المختلقة وينفخون فى نيرانها، وبكل أسف نبتلع كل هذه الطعوم، لأن كثيرين منا لا يدركون تلك الأفخاخ، وآخرون يسرون وراءها دون تفكير ويندفعون بلا تفكير أو تدبر.
ولا نستطيع أن ننكر أن الخطة اليهودية تسير نحو التحقيق، بما فعله الإسرائيليون من محاولات إضعاف العديد من الجيوش العربية وتفكيكها والتخلص من أى «مقاومة» تسبب هم تهديداى أو تعرقل توسعاتهم، وما فعلوه بالجيش العراقى ليس ببعيد، وها هم يعيثون فسادا فى الأراضى السورية، والسوريون مشغولون أو يتشاغلون بالخلافات الداخلية ويغضون الطرف عن هذ الخطر المحدق الذى يحيط بهم والسوس الذى ينخر داخلهم.
بكل تأكيد، تهدد الخطة الصهيونية كل المنطقة وجميع الدول العربية والأمة بأسرها، ويجب أن تواجه بالجدية ولا يستهان بها، وأن يتم وضع حدود لهذه الترهات، ولا تكفى التصريحات وحدها للجم هذا السفاح الهائج، وأن يلقم حجرا ليكف عن تكرارها، وأظن أنه لا يجهل بأس هذه الأمة التى تمرض لكنها لا تموت، وأنها هى التى تصدت لكل الغزاة منذ فجر التاريخ وقضت على الهكسوس والتتار والمغول والصليبيين.
إن الصبر لا يعنى الضعف، وإن الصمت لا يعنى الرضا ولا الاستكانة.